نوفمبر 22, 2024
888

اسم الكاتب : رياض سعد

كلما استقرت الاوضاع العامة ؛ خيم الهدوء الذي يسبق العاصفة على الاجواء ؛ فالسماء ملبدة بغيوم المؤامرات , والمراجل الدولية المشبوهة والاقليمية الحاقدة تغلي , والكل ينتظر القشة التي سوف تقصم ظهر البعير , وتدخلنا في نفق مظلم لا نهاية له , فضلا عن الجهات الداخلية التي تتربص بالفرقاء وتظن بهم الظنون , وتكيد لهم المكائد , وتنصب في طريقهم الشراك ؛ كل هذه العوامل والفواعل الخارجية والداخلية ستجتمع عاجلا ام اجلا كما فعلتها من قبل ؛ للإطاحة بمكتسبات المرحلة الانية والرجوع الى الوراء ؛ وسوف تلبس لباس المطالب الشعبية , وترتدي رداء الوطنية كالعادة ؛ ويعلم الله انهم من ألد الخصام .

و ستنطلق الشرارة من  بغداد او هذه المحافظة الجنوبية او تلك  كما هو واضح ومعلوم , من خلال الإيعاز الى الخلايا النائمة و العناصر النشطة بالانطلاق نحو خلق الفوضى وصناعة السيناريوهات والمسرحيات ؛ للتأثير في الرأي العام وصناعته والتحكم به فيما بعد , بحجة المطالبة بتعديل سلم الرواتب مثلا , او بذريعة تحسين الكهرباء , او غير ذلك من المطالب الحقة التي يراد بها الباطل , كما حصل من قبل , اذ امتطى المشبوهون بعض المواطنين وضحكوا على الذقون , ورفعوا شعارات الاصلاح وتحقيق المطالب الشعبية , وكانت النتيجة سلبية وسيئة , اذ لم يحصل الجماهير على اي شيء ولم يتحقق شيء من مطالب الجماهير , بل على العكس من ذلك ؛ تم الإغداق على المرتزقة والبعثية والفاسدين والحرامية والمرتبطين بالسفارات والجهات والدوائر الاجنبية المعادية  … الخ .

ثم تتوسع دائرة الاحتجاجات شيء فشيء , وتكبر دوامة التظاهرات , ويرتفع سقف الطلبات والمطالبات حتى تصل الى مطلب ( نريد وطن بحجم المريخ او زحل ..!! ) وتتطور المسرحية الفنتازية ويتعقد المشهد الطوباوي , وتتعدد السيناريوهات وتتنوع الشعارات , ويتفق الاعداء على اختلافاتهم للنيل من العراق , وتتظافر جهود القوى المشبوهة لإكمال المؤامرات وتنفيذ المخططات , لتؤتي أكلها ولو بعد حين ؛ وعندها يقع المحظور و يعيش الناس في هرج ومرج , وتسود المجتمع الفتن والمشاكل والازمات , وتنتشر الظواهر الهابطة والسلبيات , ويعم الخوف والرعب ارجاء البلاد ؛ وترتفع الاسعار وتنعدم الخدمات , ويصبح شغل الناس الشاغل الامن والامان , وعندها لا ينفع الندم ؛ فقد سبق السيف العذل كما يقولون , واجهل الجهال من عثر بالحجر مرتين .    

وما عشت اراك الدهر عجبا ؛ كلنا سمعنا بالمومس التي تمارس الدعارة بأجر معلوم , وكذلك تناهى الى سمعنا وجود القاتل المأجور والاعلامي المأجور والجاسوس المرتزق ؛ الا اننا لم نسمع قط بوجود امعات وشخصيات مأجورة وظيفتها اخراج التظاهرات وصناعة الاحتجاجات في هذا الحي او تلك المدينة ؛ وتحت ذريعة حرية الرأي والمطالبة بالحقوق او بحجة ناشط مدني او قائد شعبي او ( محروك كلبه على الشعب ) او شيخ عشيرة ؛  كي تنطلي تلك المسرحيات على الجماهير والمواطنين ؛ فبإمكان اي دولة او جهاز مخابرات اجنبي الان ؛  تحريك المدعو فلان او الايعاز للمدعو علان ؛ لدفع اتباعه وعناصره للنزول الى الشوارع واغلاقها , واحداث البلبلة والاضطراب ؛ اما تسليط الاضواء الاعلامية والضجة ؛ فهذه وظيفة الجهات التي تامره بالخروج ؛ اذ تتوزع الادوار والمهام بين  الجهات الخارجية  والشخصيات الداخلية  ؛ والطريف في الامر بل العجيب ان المظاهرات اذا خرجت بصورة حقيقية عفوية , يحكم عليها بالفشل من قبل الخبراء والمختصين ؛ لأنها لا تمتلك عناصر القوة والاستمرارية , بينما ان كانت المظاهرات تقف خلفها جهة سياسية او دولية ؛ يتم دعمها باستمرار وضخ الدماء فيها بين الحين والاخر , ورفدها بكل مستلزمات الصمود والبقاء الى ان تحقق اهدافها المتمثلة بأهداف الجهة السياسية او الدولية ؛ كما حدث في تجربة الكاظمي المشؤومة .   

اصحاب المقاولات والصفقات الخاصة بملف التظاهرات والاحتجاجات ؛ سئموا البقاء في البيوت والمقاهي والملاهي من دون عمل تخريبي او شغل ارهابي  او مساومات وعقد صفقات او ممارسة الابتزاز بحق هذه الحكومة او تلك ؛ بعد ان فشلت محاولات البعض منهم في دخول بعض المحافظات او العبث بأمن بعض المدن والنواحي والاقضية ؛ وقد ترجم البعض منهم هذا القلق والضجر في تصريحاته , وبان في تصرفاته ؛ اذ صار ينبح كالكلب الاجرب متوعدا وضع الحذاء في فم هذا السياسي , و رفع ( النعال ) على صورة احد رجال الدين ؛ ومهددا بغلق المقرات وحرق مكاتب الاحزاب والحركات ؛ ولم يجرؤ هذا وامثاله من مرتزقة المظاهرات ومقاولي الاحتجاجات على هذه الافعال المشينة والتي تهدد الامن والسلم وتنشر العنف في المجتمع وتشجع الناس على تجاوز الآداب العامة والاحترام والانزلاق خلف  ظاهرة توجيه التهم والافتراءات ضد هذا وذاك من دون دليل او برهان ؛    لولا تهاون رجال القانون في فرض القانون وتطبيق الاجراءات التي تحافظ على الامن العام والنظام , وتحفظ كرامة المسؤولين والموظفين والمواطنين على حد سواء ؛ لان اطلاق التهم الجزاف بحق كافة العراقيين ؛ يشجع الفاسد والمسيء على الاستمرار في طريق الفساد ؛ بينما يخذل المحسن ويثبط معنويات النزيه الذي يعمل من اجل خدمة الوطن والمواطن ؛ بالإمكانيات المتاحة والمقدرات المتوفرة … ؛ فالعدالة تقتضي عدم اتهام الناس من دون دليل , في الوقت الذي تدعو فيه الى انزال القصاص العادل بحق المسؤول الفاسد والمرتزق المرتبط بالجهات الخارجية و الذي يعبث بأمن وسلامة الوطن , او يتجاوز على المواطنين ويهين كرامتهم بحجة الاصلاح او حرية الرأي ؛ اذ لا يتحقق الاصلاح من خلال شتم الموظفين والطعن بالمسؤولين واهانة الساسة والرموز ورجال الدين بما يتعارض مع القيم والاخلاق والقوانين ؛ فالرذيلة ليست طريقا للفضيلة , والخطأ لا يصحح بالخطأ , والجريمة لا تعالج بالجريمة ؛ اذ ان هدف هؤلاء الجهلة والمرتزقة خلط الاوراق و ذر الرماد في العيون والضحك على الذقون , وتمرير مخططاتهم على الناس بحجة الوطنية وذريعة الحرية والديمقراطية والمطالب الشعبية ؛ وهذه ( شِنْشنَةٌ أَعْرفُهَا مِنْ أَخْزَمِ   ) فالمراد منها الاساءة لكل الرموز والقيادات والشخصيات السياسية والدينية وبلا استثناء اولا ؛ ثم استهداف العملية السياسية والتجربة الديمقراطية برمتها ثانيا , ثم الرجوع الى مربع الدكتاتورية او الطائفية او فتح ابواب العراق امام مختلف الدعوات المنكوسة والتوجهات السياسية الحاقدة , والتي تلحق افدح الاضرار بالأغلبية والامة العراقية .

والبعض يتوقع اندلاع المظاهرات اللاعفوية قبل الانتخابات بعدة اشهر , بينما يذهب البعض الاخر الى وقوعها بعد اعلان نتائج الانتخابات المقبلة ؛ لتشكل ورقة ضغط على الاطراف والاحزاب والجهات السياسية ؛ للرضوخ للأمر الواقع ؛ كما حصل في تجربة الكاظمي سيئة الصيت ؛ فهم الان كالقابض على جمرة من نار ؛ فقد سئموا الجلوس في البيوت وخلف الحاسبات ,  من دون ممارسة هوايتهم المفضلة و وظيفتهم السوداء في صناعة التظاهرات والاحتجاجات وحسب الطلب  ؛ الا انهم الان لا يستطيعون فعل ذلك بسبب مشاريع الحكومة المستمرة , والقبول الشعبي , وشبه الاجماع الوطني على هذه الحكومة ؛ فلو خرجوا الان ونزلوا الى الشوارع وعطلوا المشاريع واحرقوا ما انجز منها ؛ لتعرضوا لسخط الشعب , ولأنكشف امرهم وبانت حقيقتهم للقاصي والداني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *