
اسم الكاتب : حنان حمدان
عاد الجدل بشأن مسألة منح الجنسيّة للأجانب في العراق إلى الواجهة من جديد، بعدما بدأ الحديث، قبل أيام، عن إقتراح قانون سيناقشه البرلمان العراقي، يتضمن اقتراحًا بتعديل يمنح الجنسيّة للأجانب ممن أقاموا في العراق لعام واحد فقط!، ما أثار قلق شريحة كبيرة من العراقيّين لجهة الحسابات السياسيّة الكامنة وراء عملية التجنيس والتأثير السلبيّ على تركيبة البلاد بشكل يستهدف الهويّة العربيّة للعراق، وسط مؤشرات تشي بممارسة بضغوط خارجيّة على نواب عراقيين تدفع باتجاه تمرير التعديل.
يواجه هذا الاقتراح انتقادات واسعة على المستويين الرسميّ والشعبيّ في العراق، ومن شخصيات سياسيّة وثقافيّة لاعتبارات عدّة أهمها، تسهيل شروط منح الجنسية لرعايا الدول الأخرى بمجرد زيارة العراق والبقاء فيه لفترة وجيزة، وهذا ما يفعله كثر في سياق “الزيارات الدينية”، ما سيهدد السلم المجتمعي والنسيج الاجتماعيّ ويؤثر على ثقافة المجتمع العراقيّ نفسها التي ستتأثر بالثقافات الوافدة في غضون بضع سنوات. في حين اتهم البعض الجهات الداعمة للمقترح ببيع العراق وتقديم الهوية العراقية على “طبق من فضة” إلى إيران.
وينصّ قانون الجنسيّة العراقيّة الحاليّ رقم 26 (عام 2006) في المادّة (6) على أنّ لوزير الداخليّة أن يقبل تجنيس غير العراقيّ عند توافر شروط عدّة منها “أقام في العراق بصورة مشروعة مدّة لا تقلّ عن عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم الطّلب” وأنّه “لا تمنح الجنسيّة العراقيّة لإغراض سياسة التّوطين السّكانيّ المخلّ بالتّركيبة السّكانيّة في العراق” إلى جانب تمتعه بـ”حسن السّلوك والسّمعة الحسنة كما لم يحكم عليه بجناية أو جنحة مخلّة بالشّرف..”.
علمًا أنّ القانون إستثنى الفلسطينيّين حين ذكر في المادّة نفسها أنّه “لا يجوز منح الجنسيّة العراقيّة للفلسطينيّين، وذلك ضمانًا لحق عودتهم إلى وطنهم”، ومنح للوزير الحق في أن يقبل تجنيس غير العراقيّ المتزوج من امرأة عراقيّة الجنسيّة إذا توافرت فيه الشّروط الواردة في المادّة (6) من هذا القانون على أنّ لا تقلّ مدّة إقامته في البلاد عن الخمس سنوات.
إلّا أنّ التّعديل الذي أثير الجدل بشأنه يخفّض المدة المشروطة إلى سنة واحدة بعدما كانت عشر سنوات، ما يساهم في ازدياد أعداد المعنيين في هذا الإجراء، وفق عمليّات تجنيس غير مدروسة على حد تعبير فئة كبيرة من العراقيّين التي تعتبر أنّ “هذا التّعديل يأتي بضغط إيراني خدمة لمصالح إيران وأجندتها التوسعية الاستيطانية، كونه يسهّل تجنيس مواطنين إيرانيّين، فضلًا عن عدد من الموالين لها من باكستانيّين وأفغان، خصوصًا في العاصمة بغداد حيث تقطن أعداد كبيرة مهيّأة ومؤهّلة للحصول على الجنسيّة وهذا ما سيضرب تركيبة بلاد الرافدين ويطمس هويّة العاصمة بغداد وكذلك يهدد مصالح المكونات العراقيّة الأخرى. ويُقدّر عدد سكان بغداد راهنًا بحوالى 9 ملايين نسمة أي ما يقارب 20 في المئة من أصل 44 مليون عراقيّ، في محافظة هي الأصغر من حيث مساحة العراق.
وجه العراق العربي
وفي حين يتخوّف كثُر من قدرة الأحزاب الموالية لإيران على تمرير هذا التّعديل، يؤكّد الخبير القانونيّ محمد القاضي أنّه “ليس من السّهل تمرير هذا التّعديل بسبب وجود معارضة قويّة في البرلمان لمثل هذه التّغييرات”، ويقول لـ”عروبة 22″:”إنّها مسألة وطنيّة وسياديّة قالتّعديل المقترح لا يصبُّ في صالح العراقيّين ومن شأنه أن يضرّ بالمجتمع العراقيّ ومكوّناته المختلفة، لذا فهو حتمًا سيُرفض بصيغته الحاليّة، فضلًا عن أنّ قرار التّجنيس يترتّب عليه حقوق تّقاعد وامتيّازات ماديّة في المستقبل وليس بأمر بسيط يمكن تمريره وفق إرادات سياسيّة، إنّما سينتج عنه أعباء ماديّة إضافيّة يجب أخذها بالإعتبار في بلد يعاني في الأصل واقعًا معيشيًّا مأزومًا”.