
اعداد : موقع الخليج
للتدخلات التركية في العراق تاريخ طويل، وقديم، فالدولة التركية تسعى، منذ عقود، للهيمنة على مساحات واسعة من العراق، وسوريا، تحت ادعاءات باطلة، وكلها تؤكد أن النظرة الاحتلالية لا تزال تسيطر على تفكير قادتها، الذين خاضوا في القديم، ويخوضون حديثاً، حروباً من أجل قضم الأراضي العربية، وضمها إلى حدود الدولة التركية اليوم، كما هو الحال عند تأسيس الدولة العثمانية قبل ما يزيد على 700 عام.
وتشكل الخطوة التي أقدمت عليها القوات التركية قبل يومين، بتنسيق مع إيران، المتمثلة في قصف مناطق شمالي العراق، بذريعة استهداف ملاجئ ومخابئ تابعة لحزب العمال الكردستاني، واحدة من السياسات التي تتبعها أنقرة لإضفاء المزيد من التوتر في المنطقة، مستغلة حالة انشغال الدولة العراقية بإعادة ترتيب أوضاع البلاد، خاصة بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، الذي أكد رفضه لأن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات، أو منطقة للاعتداء على أي من مكونات الدولة العراقية.
الاعتداءات التركية الجديدة في العراق، تعد خرقاً وانتهاكاً لسيادة دولة عربية شقيقة، ولمبادئ القانون الدولي، وهو ما أشار إليه البيان الصادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات، التي جددت موقفها الثابت والراسخ الرافض لكل التدخلات في شؤون الدول العربية، وحرصها على ضرورة احترام سيادة العراق الشقيق، ومراعاة مبادئ حسن الجوار، والكف عن كل ما يهدد الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة.
وعلى الرغم من أن بغداد احتجت على الممارسات التركية في المناطق الكردية التابعة للجغرافيا العراقية، واستدعت سفير أنقرة لدى بغداد، وسلمته مذكرة احتجاج، إلا أن القوات المسلحة التركية استمرت في الدفع بقوات إضافية برية وجوية إلى تلك المناطق لتنفيذ مهام عسكرية تحت مسمى «مخلب النسر»، و«مخلب النمر»، في منطقة هفتانين، الواقعة في محافظة دهوك، مع علمها أن ذلك يتنافى مع سياسات حسن الجوار.
المغامرات التركية في العراق تعد امتداداً لتلك التي تقع في الأراضي السورية، حيث تتواجد أنقرة عسكرياً في مناطق سورية عدة، إضافة إلى رعايتها لقوى معارضة للنظام، والهدف هو تمكين قواتها من البقاء في هذه المناطق لزمن أطول، سعياً منها إلى إعادة رسم الخريطة في المنطقة خدمة لأطماعها التوسعية، التي تعود إلى إرث الدولة العثمانية، التي احتلت أجزاء كبيرة من الوطن العربي خلال القرنين الماضيين.
حلم التوسع الذي يهيمن على تفكير الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان، يدفع الأبرياء في مناطق عدة ثمنه غالياً، فالسلاح التركي حاضر لتنفيذ مهام القتل في كل من سوريا، والعراق، وليبيا، وهناك توجه لتحريكه إلى مناطق أخرى، رغبة منها في إبقاء العالم العربي كله مشتعلاً في حروب وصراعات داخلية إلى ما لانهاية.