اسم الكاتب : عقيل جبر علي المحمداوي
نموذج اقتصادي تقويمي للحكومة الجديدة في مواجهة تحديات نهج الاقتصاد العراقي الريعي في المدى القصير والمتوسط ….
في العراق، يعّد الهيكل الاقتصادي مشوه التركيب والهيكل الاقتصادي في مجمله ريعي في جل مكونه ، وعجز غير مسبوق في موازينه الاقتصادية الخارجية فضلاً عن العجز الافتراضي غير الحقيقي في الموازنةً العامة الاتحادية ،عدا تصدير النفط واقتصاديات النفط ، وضعف هيكلي كبير في قدراته التصديرية من مختلف القطاعات الاقتصادية لاسيما الصناعية منه ، والركون المتعاظم الى الاستيرادات من مختلف السلع لتلبية الاحتياجات المحلية ،مع اعتماد واسع على الاستيرادات من السلع والمواد الأولية او نصف المصنعة لكثير من الصناعات لاسيما التجميعية منها، يضاف الى ذلك حجم الاستيرادات من السلع الاستثمارية منتهية الصنع ، فضلاً عن حجم الاستيرادات من السلع الغذائية والدوائية ذات الطلب غير المرن نسبياً ، كل ذلك سيضعف الأثر من التغيير المتوقع في كل من الصادرات والاستيرادات جراء تخفيض سعر صرف الدينار العراقي.
فمثل ذَلِك كان اجراءً سلبياً غير فعال او سلبي النتائج، ومدخلاً معمقاً بنيوياً للمشكلة الاقتصادية وما يترتب جراء ذلك من نتائج وخيمة على مستويات المعيشة وارتفاع تكاليفها فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة وحد الفقر ، فضلاً عن تعميق هوة التفاوت الاقتصادي المجتمعي. كما ان ذلك يرتب ارتفاعاً في تكاليف الانتاج بشكل عام ، والصناعي على وجه الخصوص، من ثم ينعكس على ارتفاع أسعار الصادرات منها ويقوض ما كان مستهدف من تخفيض بأسعارها من وجهة نظر المستورد الأجنبي .
كدراسة حالة تخفيض سعر الصرف كان له تأثيرات جانبية باتجاه ارتفاع تكاليف تسديد الالتزامات الدولية والقروض عند معادلتها بالعملة المحلية قبل التخفيض وبعده وزيادة ملحوظة في احتياطيات البنك المركزي المتأتي من ارتفاع اسعار النفط وتغيير سعر الصرف وليس متأتي نتيجة النشاط النقدي الاعتيادي او النشاط الاستثماري للسياسة النقدية في البنك المركزي العراقي ، وبغض النظر عن الجوانب الايجابية غير الملموسة عملياً واقتصادياً في المدى القصير والمتوسط المستهدفة لتخفيض سعر الصرف.
واقعياً وبموضوعية إن من مخاطر تخفيض سعر الصرف الواقعية ، في ظل ظروف الاقتصاد العراقي والازمة الاقتصادية العالمية الحالية ، تعاظم الأزمة الاقتصادية للعراق والتسارع صوب الركود التضخمي وتفاقم البطالة وزيادة نسب الفقر وضرر يلحق بفئات المجتمع الاوسع والأقل دخلاً والأضعف هشاشة في بيئة تفتقر الى ابسط المقومات الاساسية للتنمية والتطور.
وصفة نماذج الحلول الاقتصادية المقترحة ( تصحيح هيكلي في اسعار الصرف والاسعار الاخرى مع مراعاة العوامل الاخرى بعيداً عن نهج الصدمات التصحيحية غير المدروسة نتائجها اقتصادياً ) :
1- اجراء اصلاح حقيقي للسياسات الاقتصادية والمالية السابقة والحالية عن طريق اعتماد نموذج تقييم علمي ومهني رصين لواقع المؤسسات اقتصادياً وربط المؤسسات الاقتصادية والتجارية بمؤشرات السوق المحلية والعالمية ، ودراسة حالة السوق الاقتصادي في العراق عن طريق خبراء ومتخصصين فنيين وليس فقط اكاديميين وفق الاسس المنهجية العلمية والمهنية والموضوعية يعزز ذلك بمركز دراسات اقتصادي للتنمية علمي ومهني حكومي مع تأهيل الاكفاء والمقتدرين للاضطلاع بهذه المهمة الاستراتيجية والبنيوية لترصين وجودة البيانات والمعلومات والارقام والتحليلات بشكل رصين المقدمة لصانعي ومتخذي القرار.
2- انتهاج وتحديد منهج اقتصادي رصين ونقترح الية السوق – الاجتماعي ويكون الاقتصاد الاسلامي مسانداً وداعماً له كمرجعية اقتصادية للعراق يعزز بفريق وطني من خبراء فنيين متخصصين لترصين الرأي الخبير على اسس رصينة .
3- اعتبار سعر الصرف كأداة لتنظيم الاقتصاد الكلي
إن التدويل المتزايد للحياة الاقتصادية وعولمتها ، وتعميق عمليات التكامل ، والترابط الوثيق والاعتماد المتبادل للاقتصادات الوطنية هي اليوم أهم العوامل في تنمية الاقتصاد العالمي. في ظل هذه الظروف ، يتنامى دور سعر الصرف كأداة للسياسة الاقتصادية للدولة. عن طريق التأثير على مستوى سعر الصرف ودينامياته ، تسعى الدولة إلى حل مشكلات الاقتصاد الكلي الرئيسية. في الوقت نفسه ، في الاقتصاد المفتوح الحديث ، يعتمد اختيار أدوات السياسة الاقتصادية ، وفعاليتها بشكل عام ، إلى حد كبير على نظام سعر الصرف المستخدم.
دور الاقتصاد الكلي لسعر الصرف:
يرجع استخدام سعر الصرف كأداة سياسية إلى دوره الاقتصادي الكلي المهم ، حيث تعتمد العديد من المؤشرات الاقتصادية على مستوى وديناميكيات سعر الصرف.
عادة ما يكون للتغيرات في سعر الصرف تأثير فوري على الأسعار المحلية نتيجة للتغيرات في أسعار السلع المستوردة بالعملة الوطنية. يأتي هذا التأثير في البداية من خلال مصدرين : عن طريق تغيير مباشر في أسعار السلع والخدمات النهائية المستوردة ، وكذلك عن طريق تغيير أسعار السلع والخدمات المنتجة محلياً ، والتي تشمل تكاليف الإنتاج تكاليف المكونات المستوردة. بالإضافة إلى ذلك ، تؤثر التغيرات في سعر الصرف على حجم الصادرات ، والتي يمكن أن تؤثر أيضًا على مستوى الأسعار المحلية: مع زيادة الصادرات.
إذا تساوت العوامل الأخرى ، سترتفع أسعار الصادرات المحلية ، وإذا انخفضت الصادرات ، فقد تنخفض الأسعار
من الواضح أن الزيادة في الأسعار بسبب انخفاض قيمة العملة ستؤدي إلى تغيير في معدلات الأجور ، والتي من خلال زيادة الطلب الكلي ، تعزز تأثير سعر الصرف على مستوى السعر. بالإضافة إلى ذلك ، عادة ما تؤدي هذه التغييرات الأولية في الأسعار والأجور المحلية إلى زيادة ثانوية في مستوى الأسعار والأجور ، حيث تبدأ تكاليف الإنتاج بعد فترة من الوقت في التغير.
عند تحليل تأثير التغيرات في سعر الصرف على مستوى الأسعار في الدولة ، من الضروري مراعاة حالتين. أولاً ، في بيئة اليوم ، تكون الأسعار أكثر مرونة بكثير منها إلى الأعلى منها إلى الأسفل. نتيجة لذلك ، بينما يؤدي انخفاض سعر الصرف عادة إلى زيادة الأسعار المحلية ، عندما يرتفع سعر الصرف ، يكون هناك انخفاض طفيف في الأسعار أو لا يحدث أي انخفاض على الإطلاق.
ثانياً ، يتم تعديل العلاقة بين الأسعار المحلية ومستوى سعر الصرف بشكل كبير إذا كان بلد ما يعاني من معدلات تضخم عالية عن طريق تصحيح العلاقة الهيكلية بينهم والعوامل الاخرى .
عندما يكون التضخم مرتفعا (خاصة عند التضخم المفرط) هناك عملية تسمى “دولرة” الاقتصاد. في ظل هذه الظروف ، يميل تعادل القوة الشرائية إلى أن يكون دقيقاً إلى حد ما: فمعظم الأسعار هي في الواقع
يُنظر إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية بشكل عام على أنه يؤدي إلى تفاقم معدلات التبادل التجاري للبلد (نسبة أسعار الصادرات والواردات) ، حيث قد لا ترتفع أسعار السلع المصدرة. ومع ذلك ، كما يشير الاقتصادي الأمريكي المعروف إس فيشر ، فإن “تخفيض قيمة العملة يغير شروط التبادل التجاري للبلدان الكبيرة والمتوسطة الحجم. وفي الوقت نفسه ، من الممكن نتيجة لخفض قيمة العملة ، أن تؤدي شروط التبادل التجاري إلى بلد صغير لن يتغير . في هذه الحالة ، فإن أسعار الصادرات والواردات بالعملة الأجنبية يتم تحديدها من قبل السوق العالمية ولا تتغير ، ويغير تخفيض قيمة العملة هذه الأسعار بالعملة الوطنية ، ولكن التغيير يكون بنفس النسبة ، بحيث تظل شروط التبادل التجاري كما هي. اذا اصبح لزاماً اجراء تغيير ( نهج تصحيح هيكلي في اسعار الصرف والاسعار الاخرى مع مراعاة العوامل الاخرى بعيداً عن الصدمات التصحيحية في سعر الصرف باتجاه رفع قيمة الدينار العراقي لمرة واحدة فقط وفق دراسة اقتصادية للاقتصاد القياسي لسعر الصرف وتقييم سياسة نقدية متخصصة اقتصادياً مدروسة مسبقاً) ، مع الشروع باجراءات مرافقة منها ضبط المستوى العام للاسعار عن طريق اجراءات وسياسات حكومية اقتصادية مرافقة تتمثل في دعم وتحديد اسعار السلع والخدمات المصاحبة لهذا التغيير واجراءات اخرى لغرض تعديل توازن الاسعار في الاقتصاد الكلي والحقيقي وغيره من الاجراءات ، وبشرط ان يكون التغيير لمرة واحدة وليس بشكل متدرج للسيطرة على دورة الاثار الاقتصادية بمدة زمنية اقصر ، ولتجنب استمرار طول مدة دورة الارتدادات العكسية لتغيير سعر الصرف .