اسم الكاتب : علاء اللامي
فقرة من مقالة تنشر لاحقا كاملةً: نجح العدو في توجيه ثلاث ضربات مخابراتية تكتيكية قاسية للمقاومة اللبنانية، ولكنه فشل في وقف تحكمها في التصعيد واستدراجها إلى الصدام والحرب الشاملة. كما فشل في إحداث شق بين المقاومة وبيئتها الحاضنة، مثلما فشل في الشطب على إنجازاتها الأمنية في سلسلة عمليات الهدهد والأنفاق الجبلية الضخمة والتسلل الصاروخي إلى عمق الكيان وضرب مقر الوحدة الاستخباراتية 8200 “فيلق وحدة الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن التجسس الإلكتروني” في منطقة جليلوت قرب تل أبيب.
في منشور له يوم أمس أورد الصديق منير التميمي Abu Yousif نصيحة ذهبية للجنرال الفيتنامي جياب قائد ومهندس النصر الكبير على قوات الاحتلال الأميركية في كتابه “حرب الشعب وجيش الشعب” حول مفهوم “التحكّم بحالة التصعيد”. وخلاصة هذه النصيحة كما يقول الصديق هي: “لا تصعّد المواجهة حين يستفزك العدو من أجل التصعيد، لأنه لن يدفعك للتصعيد إلا وهو مستعد له جيدا ويحتاجه جدا، تحكم في توقيتات ومديات التصعيد حين تكون أنت مستعدا ومحتاجا للتصعيد”.
أعتقد أن هذا المفهوم الفيتنامي الثمين هو الذي حكم الخطة القتالية التي اتبعها الحزب وفصائل المقاومة الحليفة له طول عام يكاد يكتمل، مثلما حكم الأداء الإيراني مع اختلاف البواعث بالنسبة لإيران حيث الهدف الإيراني هو إنجاز تفجيرها النووي وحيازة السلاح النووي والذي لا يريد أن يقدم العدو على عملية هجومية يدمر فيها المُقدرات الإيرانية لصنع هذا السلاح. الحرب إذن، وخصوصا من جهة الحركات المقاومة الشعبية، ليست مباراة في كرة القدم أو نزال في الملاكمة تنتهي بالضربة القاضية أو بالنقاط!
ما يبدو واضحا هو أن العدو غامر كثيرا، وخرق جميع المعادلات والخطوط الحمراء لجر المقاومة اللبنانية إلى الصدام الاكبر والحرب الشاملة فيلجأ عندها لتدمير لبنان ومدنه الرئيسية وقواعد الصواريخ المحتملة من دون المغامرة بجنوده في هجوم بري في المرحلة الأولى. ويبدو واضحا أيضا أن المقاومة فوتت حتى الآن الفرصة على العدو لتحقيق هذا الهدف. العدو يكذب حين يعلن عن أن هدف عملياته الأخيرة هو إعادة مستوطنيه إلى شمال فلسطين المحتلة فهذا الهدف لا يمكن تحقيقه من دون اجتياح الجنوب اللبناني كله والقضاء على قواعد الصواريخ وهذا ما قالته علنا إدارة بايدن. الهدف الحقيقي إذن لنتنياهو وعصابة المتطرفين الدمويين حوله هو الخروج من مأزق غزة الستراتيجي أولا، وتسجيل نقاط تكتيكية مخابراتية لمصلحته ضد المقاومة اللبنانية ثانيا، وترسيخ غَلبة انتخابية له ولحزبه أمام مجتمع استيطاني مسعور ودموي. ولكن العدو رغم نجاحه التكتيكي في توجيه ثلاث ضربات قاسية خلال ثلاثة أيام متوالية إلى الجبهة اللبنانية لم يخرج من المأزق الفلسطيني الغزاوي ولم يخفف من قوة تهديد الجبهة اللبنانية التي ماتزال حتى هذه اللحظة تصليه بموجات من الصواريخ والقذائف والمسيرات ولم ينجح في جرها حتى الآن الى الصدام والتصعيد فهي ما تزال تتحكم في مؤشرات التصعيد.
الأيام العصيبة الثلاثة الماضية على المقاومة كشفت قوة وثبات بيئة المقاومة، ولكنها كشفت أيضا عن ثقوب وخروقات أمنية خطرة أثارت الكثير من الأسئلة المُرة. ربما نتفاجأ نحن خارج لبنان من حجم هذه الخروقات، ولكنها قد تبدو طبيعية في بيئة المقاومة في لبنان. وسأنشر منشورا مساء اليوم عن واقع الاختراقات والتجنيد المخابراتي المعادي كما وثقها برنامج على منصة يوتيب مؤيد للمقاومة هو (Al-Mahatta | المحطة) يهدف لتثقيف جمهور المقاومة بأساليب العدو الشيطانية والمذهلة التي وثقتها الجهات القضائية الرسمية اللبنانية والجهات الأمنية في المقاومة.
*كلمة أخيرة؛ في هذه الأيام العصيبة حيث الحزن النبيل هو الطاغي على الشهداء سواء في جبهة الجنوب الفلسطيني حيث المذبحة مستمرة يوميا بحصد العشرات من الشهداء أو في لبنان، أعتقد أن مما يشين هذا الحزن النبيل هو أن نرد على الشامتين والمتشفين بنا وبالمقاومة بلغة شتائمية لا تمت بصلة للغة المقاومين الأحرار. فلنترك مشاريع الجواسيس هؤلاء وشأنهم، ونركز على تحصين بيئتنا وأنفسنا وموقعنا مهما بدا بعيدا عن خطوط الاشتباك، فالعدو رفع الحدود عن عدوانه الوحشي وعلينا أن نرفع الحدود ونعتبر كل موقع في بيئتنا المقاومة هو موقع قتالي، والنصر لمن يستمر في القتال أو يستشهد مقبلا غير مدبر، ولا مستقبل للكيان على أرضنا!
*المجد والخلود في ضمائر أحرار الأمة للشهداء قادةً ومقاتلين،
والنصر للمقاومة.