اسم الكاتب : حسن العاشور
إن حزب الله منذ تأسيسه كان فصيلا مقاوما، فحيثيات التأسيس تؤكد أنه حركة مقاومة للمحتل الإسرائيلي الذي اجتاحت قواته لبنان واحتلت عاصمتها بيروت، فتنادى جماعة من المقاومين للتصدي لذلك المحتل وكانت الثمرة انبثاق حزب الله، حيث أنه في 1982، شنت إسرائيل عدوانا سمته عملية سلام الجليل، حاصرت بيروت وقتلت آلاف المدنيين، فانطلاقت مقاومة تمركزت في ضاحية بيروت الجنوبية، وجنوب لبنان لبقاعه، وفي عام 1985، أعلن حزب الله عن نفسه، كفصيل لبناني مقاوم مسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي عام 1990 اثر انتهاء الحرب الأهلية وموافقة الفصائل المتحاربة على نزع السلاح، اشترط حزب الله تسليم سلاحه بانتها الاحتلال، وقد كان لذلك السلاح دور حاسم في عدوان عام 1996، الذي شنته إسرائيل، وكانت قد اسمته عناقيد الغضب، وقد انتهى باتفاق هدنة، لم تدم طويلا ففي عام 2000، انسحبت إسرائيل تحت ضغط ضربات مقاومي الحزب من الجنوب اللبناني.
إن حزب الله يمتلك مشروعية مقاومة المحتل التي لا يختلف عليها اثنان، لكن العلاقة بين المقاومة والجيش التي نظمت من خلال ما اصطلح عليه بثلاثية الجيش الشعب المقاومة التي تضمنتها البيانات الوزارية التي تمثل خطاب الوزارة المتشكلة عقب الانتخابات النيابية، بدأت، أي تلك العلاقة، تتعقد بعد حرب تموز، أي العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006م، الذي تصدى له مقاومو حزب الله، في عمليه الوعد الحق، قتلوا جنودا وأسروا آخرين، وكان هدف اسر الجنود الافراج عن اسرى لبنانيين، منهم سمير القنطار، الذي تحرر فيما بعد واستشهد، وكان الموقف العربي منقسما بين مؤيد اعلن استعداده للقتال الى جانب حزب الله وناقد يرى انه اقدم على مغامرة دفع اثمانها اللبنايين، وقد قابلت اسرائيل ذلك بعدوان اسمته الرد العادل،
ان مقاومة حزب الله للمحتل الإسرائيلي اسكتت معارضي سلاحه، أو على أقل تقدير، أبقت صوتهم منخفضا، لكن تنامي الدور الإيراني على مستوى قرار حزب الله خاصة بعد تدخله الى جانب نظام بشار الأسد، المتحالف مع ايران، الذي واجه معارضة شعبية سلمية بقوة السلاح، وتلك هي أخلاقية البعث التي ذقنا مرها في العراق أيام المقبور صدام حسين، ما عبد الطريق لتسلل داعش واخواتها من فصائل الإرهاب، وكان دور حزب الله في هذا المخاض واضحا، فهو يدعم النظام السوري، الذي يمقته كثير من اللبنانيين، بسبب ترهيبه الذي لم ينج منه حتى حزب الله نفسه، ففي عام1987، قتل النظام نفسه عناصر من حزب الله في ثكنة فتح الله، في بيروت الغربية.
ان ملابسات دور حزب الله بين كونه قوة لبنانية تقاوم المحتل، تلتف حولها بيئة جماهيرية كبيرة، وبين كونه قوة إقليمية ذات اهداف تتجاوز لبنان، جعلت بيئته الجماهيرية تدفع الثمن وحيدة، دون غيرها من البيئات اللبنانية المختلفة، ولتوضيح الصورة، ان ما يقوم به حزب الله في الجنوب، الذي تسكنه غالبية شيعية هو مقاومة محتل لاراضي لبنان، مع غياب أي دور للجيش اللبناني، اما ما تقوم به إسرائيل فهو تنكيل بالشيعة وحدهم، ولو كان الجيش اللبناني هو المتصدي للمحتل، وهو كيان وطني لبناني فيه من كل البيئات، تدعمه المقاومة، لما دفع الشيعة وحدهم الثمن، الا يرى حزب الله ان كيان الشيعة بات مهددا في لبنان بسبب دور الحزب الإقليمي المتعاظم، الذي يهمش دور الجيش الوطني، فيحقق من حيث لا يشعر هدف إسرائيل، في الاستفراد بالشيعة، ولكن اذا اكل الشيعة لا يظنن احد انه ناج، سيردد الجميع قبيل التهام إسرائيل لهم: لقد اكلت مذ اكل الثور الأسود.