ديسمبر 7, 2024

اسم الكاتب : صادق السامرائي

الأحزاب والتحزبية!!

“لو كانت الوطنية حزبا لانتهت جميع الأحزاب”

الواقع المتحرك بموجب المصالح يؤكد أن “كل حزبٍ بما لديهم فرحون” مما يمنح المسرحيات والتمثيليات نكهات خاصة من الدراما والتراجيديا الخلاقة.

فكل ممثل يرى أنه الأحسن والأصدق في قدرات التعبير عن فكرة المسرحية , وتأكيد رغبات المخرج الذي يحاول تحقيق التفاعلات المتوالدة الكفيلة بضمان نجاح المشاهِد , وإلهاء المتفرجين وأخذهم إلى غيبوبة الإستلاب والخراب المبين.
وفي التداعيات الدامية والصراعات الحامية , يكون الوجود الوطني مغيبا ومقهورا وممنوعا , لأنه لا ينسجم وأفكار المخرج أو المخرجين المتفقين على كيفيات تمثيل الأدوار المرسومة , ويبقى المشاهد في حيرة وتشوش , بينما التفاعل ما بين الممثلين في إحتدام ونشاط قاسي وعسير.

فعلى خشبة مسرح الديمقراطية قدمت أنواع المَشاهد القاهرة لإرادة الإنسان , والمبعثرة للكيان الوطني والمحققة لغايات بعيدة عن كل ما له صلة بالوطن.

وستبقى الأدوار تتكرر ولكن الإكسوسوارات تتغير والمكياج يتبدل وملابس الممثلين – كما هو معروف- في كل دور تتجدد.

ويبقى المُشاهد حائرا ما بين دور ودور ومسرحية وأخرى , حتى يصاب بالإعياء والخدر ويؤخذ إلى حيث لا يريد , ووفقا لإرادة القائمين على مصالحهم فيه , والممثل على مسرح الضياع والخراب عبارة عن حزب أو مجموعة مفعول به أو بها , وهي تقوم بالعبث بالوطن والمواطن وفقا لأدوارها في المسرحيات.
وعندما تتنوع الأدوار فالوطن يغيب والوطنية تدمّر وتطرد من مدارات التفكير , وتمحى مفرداتها من قاموس القول والكتابة , حتى يعيش الناس حالة من الجهل الوطني المروّع , ويندفعون باتجهات مناهضة لمسيرة الحياة المجتمعية والوطنية , التي يظفر فيها المواطن بمصلحته ويؤكد قيمة دوره وفعله في الحياة.

ومن المؤذي للحاضر والمستقبل أن يتكاثر أعداد الممثلين ودرجات أدوارهم , وأن ينمو إندفاعهم ويتعاظم تسابقهم على القيام بالدور , ولا أحد منهم يرى الوطن ويعرفه , وإنما هي أجندات ذات إتجاهات وتفاعلات مؤثرة في مسيرة الأيام وآفاق الحياة.

ومن مصائب المسرح الذي تؤدى عليه الأدوار أن المخرجين وكتاب المسرحيات والممثلين يتزاحمون عليه , لما يدره من أموال السحت الحرام والفساد , ويتسبب به من الثراء الفاحش والقدرات الغير منظورة.

ولهذا نرى ما يسمى (أحزابا) قد تحزبت لمصالحها الذاتية الآنية , وفقا لما تراه بمنظارها الذي يضيق مع الأيام وينحسر في زاوية الهلاك المقيم.

ومن غرائبها أنها أخذت تمتهن التمثيل وأعمال الوقوف على خشبة المسرح السياسي الحامي , من الكمبارس إلى الممثل الرئيسي , لكنها ممنوعة من كتابة أية مسرحية أو إخراجها أو التدخل بالسيناريو , لأن ذلك من الخطوط الحمراء التي عليها أن لا تقترب منها , وتبقى متمتعة في واحتها لتؤدي أدوارها وفق الضوابط والأصول , المعمول بها أمام الأنظار لتدويخ المشاهدين وتزويغ الأبصار.

وهذه الأحزاب محرم عليها أن تشرب أنخاب الوطنية , وإنما تحتسي نبيذ شرايين الضحايا المقهورين بالمظالم والحاجات , والمحرومين من أبسط الحقوق الإنسانية , والمصادرة إرادتهم وما يستحقونه من ثروات البلاد .

إن الوطنية تجمع الأحزاب والتحزبية تفرقها , وبين التحزبية والوطنية يسكن مصير بلاد!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *