ديسمبر 12, 2024

اسم الكاتب : كامل سلمان

هذه الصراعات التي تدور حول العالم أصبحت هواية ومتعة للكائنات الدموية الوحشية التي تسمي نفسها بشر نبدأ بالحديث عنها بأبسطها وأكثرها متعة إلا وهي صراع الديكة ، المعروف عن صراع الديكة هو صراع يتم بين نوعين من الديكة لأجل المتعة والمراهنة ، وينتهي هذا الصراع باستنزاف أحد الديكة او انسحابه ، وهي لعبة قديمة ومازالت قائمة ،، وفي الحضارات الإغريقية كانت هذه الصراعات تتم عن طريق آخر ، وهو صراع المتقاتلين او المتصارعين لأجل متعة الملك او الأمير وتكون نهايتها كنهاية صراع الديكة ، اما في العصر الحديث فأصبحت متشعبة في أوجه مختلفة ، منها الملاكمة او المصارعة او اية معركة قتالية يتوج فيها البطل بالأوسمة والميداليات وأصبحت لها بطولات عالمية وأولمبية … أنتقلت لعبة صراع الديكة الى السياسة فأصبحت الدول القوية تستخدم نفوذها او وكلاءها في دول آخرى او احزاب سياسية او ميلشيات مسلحة للصراع بالنيابة عنها من اجل الدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية والايدلوجية ، فبملاحظة سريعة نجد ان صراع الدول القوية عن طريق الوكلاء معظمها تتم في الدول التي فيها نزاعات دينية وقومية وطائفية و أنظمة حكم ضعيفة وفاسدة لإنها أرض صالحة لمثل هذه الصراعات ، وبالطبع الدول الإسلامية ذات التعدد الديني والقومي والمذهبي والجهالة والظلم هي الأكثر خصوبة وتهيئة لمثل هذه اللعبة ، للأسباب التي ذكرناها إضافة الى رخص دم الإنسان فيها وسهولة سحق كرامته . اما في الدول المتقدمة فقد وضعت تلك الدول ذات الأنظمة القوية وضعت الحلول لمثل هذه الصراعات عندما تم تحويل هذه الصراعات الى اسلوب حضاري ديمقراطي من خلال الاحتجاجات والتظاهرات السلمية . وفي العقود الأخيرة تحولت كل انواع المواجهات الى الوسائل الاعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي فتشتد هذه المواجهات لفترات ثم تخمد بعد زوال اسبابها وخاصة في مراحل الانتخابات ، اما في مجتمعاتنا فقد تحولت الى اكثر دموية خاصة بعد أن وجدت تدخل العشائر ( وهذا ما كان ينقصنا ) وانتشرت بين الأقوام وبين الطوائف فأصبحت الحياة عبارة عن صراعات دينية على طائفية على قومية على عنصرية على عشائرية . ان استمرار هذه النزاعات بالوكالة هو استنزاف للطاقات وفقدان للأمن والأمان وإضعاف للدولة وتحطيم للبنى التحتية وتدمير للمجتمع والمشاغلة عن صراع الإنسان مع عدوه الحقيقي من أوبئة وأمراض وكوارث طبيعية وفقر وبطالة وتخلف ، فأصبحنا ضعفاء امام اي وباء مثلما حدث مع جائحة كورونا او امام اي انهيار اقتصادي مثلما حدث مع انخفاض اسعار النفط او امام اي كوارث طبيعية او سنين عجاف فنسارع الى الدول القوية مرة أخرى متوسلين لعلهم يسعفونا ببعض المساعدات الإنسانية لإنقاذ الارواح من الهلاك المؤكد . فلم يعد لدينا من يملك نباهة نبي الله يوسف لينقذ الناس من الجوع أثناء القحط والأزمات و لينتشل المجتمع من السنين العجاف ويرسو بالسفينة الى بر الامان ولم يعد في بلداننا حكماء مثل غاندي ليجعلها سلمية بلا عنف ولا عقلاء مثل نيلسون مانديلا ينقذون الناس من هدر الدماء .. اما آن الأوان لنقف بوجه هذه المهازل المتكررة وننظر الى انفسنا والى مستقبل اجيالنا كي نجعل لأنفسنا كرامة البقاء كباقي شعوب الارض ، فنحن لسنا ديكة لنتصارع بل نحن بشر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *