ديسمبر 3, 2024
Dr Fadhil Sharif

الكاتب : فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قوله عز وجل “وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ” ﴿النحل 84﴾ أمة اسم، واذكر لهم أيها الرسول ما يكون يوم القيامة، حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها، وكُفْر مَن كَفَر، ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم، ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح، فقد مضى أوان ذلك.

وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل “وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ” ﴿النحل 84﴾ يعني يوم القيامة بين سبحانه أنه يبعث فيه من كل أمة شهيدا وهم الأنبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم وقال الصادق عليه السلام: لكل زمان وأمة إمام تبعث كل أمة مع إمامها وفائدة بعث الشهداء مع علم الله سبحانه بذلك أن ذلك أهول في النفس وأعظم في تصور الحال وأشد في الفضيحة إذا قامت الشهادة بحضرة الملأ مع جلالة الشهود وعدالتهم عند الله تعالى ولأنهم إذا علموا أن العدول عند الله يشهدون عليهم بين يدي الخلائق فإن ذلك يكون زجرا لهم عن المعاصي وتقديره واذكر يوم نبعث “ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا” أي: لا يؤذن لهم في الكلام والاعتذار عن ابن عباس كما قال ولا يؤذن لهم فيعتذرون وقيل معناه لا يؤذن لهم في الرجوع إلى الدنيا وقيل: معناه لا يسمع منهم العذر يقال: أذنت له أي: استمعت كما قال عدي بن زيد: في سماع يأذن الشيخ له * وحديث مثل ما ذي مشار.  عن أبي مسلم “وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ” أي: لا يسترضون ولا يستصلحون كما كان يفعل بهم في دار الدنيا لأن الآخرة ليست بدار تكليف ومعناه لا يسألون أن يرضوا الله بالكف عن معصية يرتكبونها. 

جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل “وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ” ﴿النحل 84﴾ هذا تهديد ووعيد لمن أشار سبحانه إليهم في الآية السابقة بقوله: “يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها”. ووجه التهديد ان اللَّه يجمع الناس غدا، ويأتي بكل نبي يشهد على أمته أولها، ومتى شهد عليها يأخذ اللَّه بقوله وشهادته، ولا يؤذن لها بالرد والاعتذار، قال تعالى: “هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ولا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ” (المرسلات 35). “ولا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ”. المراد بالاستعتاب طلب الرضا، والمعنى لا يطلب من المشركين أن يسترضوا اللَّه بقول أوفعل، لأن الآخرة دار حساب وجزاء لا دار أعمال واسترضاء.

عن علاقة المواطنة بالأمة جاء في المركز الاسترتيجي للدراسات الاسلامية التحديد المفاهيمي لمصطلحيّ الأمّة والمُواطَنة للسيد صادق عباس الموسوي: أسهبَ كثيرٌ من المفكِّرين في التحدُّث عما أسمَوه (فقه المشاركة)، أي المُواطَنة بمضامينها الإسلاميَّة حيث تقوم على: 1ـ تكافُؤ الفُرَص لكُلِّ الأجناس المنخرطِين في الإسلام، إنطلاقاً من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا فضلَ لعربيٍ على أعجميٍ إلا بالتقوى). 2ـ المساواة والاعتراف بالآخر انطلاقاً من قول الله: (إنَّ الله يأُمرُ بالعدل والإحسان). 3ـ مشاركة المُسلِم للخلفاء أو الولاة في مهمَّة إصلاح المُجتمَع وتقويم العِوَج فيه والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر استتباعاً لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (من رأى منكم مُنكَراً فليُغَّيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه) فإذا كانت المُواطَنة بالمفهوم الغربيّ تعني بالتحديد هذه المبادىء الثلاثة، التي تتواءم مع الخطوط العريضة للشريعة ومقاصدِها، فيكون الانتقال من (فقه المشاركة) إلى تبَّني (المُواطَنة) سَهلاً وعذباً إلى حدِّ البداهة. وينقُل (محمّد رشيد رضا) (1935م) عن أُستاذِه (جمال الدِّين الأفغاني) (1987م) أنَّه كان يرى أنَّ الوطَنِّية التي هي عبارة عن تعاون جميع أهل الوطن الواحد المُختلفي الأديان على كُلِّ ما فيه عُمرانه وإصلاح حكومته لا تُعارِض الدِّين الإسلامي في شيء، كما يُثبته شرعه في العدل والمساواة ويشهد له تاريخُه، وقد بَيَّن السيِّد ذلك في كتاب الإسلام والنصرانيَّة. وينقلُ رضا أنَّ الأفغاني (كان يُرشد تلاميذه ومريديه وحزبه السياسيّ إلى وجوب اتِّحاد أهل كُلِّ قطر شرقِّي إلى التعاون على الأعمال الوطَنِّية السياسيّة والعمرانيَّة، وكان حزبُهُ مؤَّلَفاً من أذكياء المِلَل المُختلِفة). لذا يُعَدُّ السيِّد جمال الدِّين المُتنازَع في موطنه الأصلي من روَّاد الوطَنِّية الأوائل الذين سنُّوا مشروعيَّة الانتماء للوطن والدفاع عنه والعمل وفق ما تقتضيه المُواطَنة من الحقوق والواجِبات والمشاركة الفاعِلة في الحياة العامّة، كما أنَّه ومن خلال التشريع وأسلَمة فكرة المُواطَنة سمحَ لمن بعده من الإسلاميِّين مِن خَوض غمار هذه التجرُبة المُستَحدَثة في الفكر الإسلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *