ديسمبر 7, 2024
download (3)

الكاتب : فاضل حسن شريف

شجاع.. متواضع.. صادق.. أمين.. نزيه.. مخلص.. متفاني في عمله.. لا يخاف في الحق لومة لائم.. معتدل في أفكاره.. حارب الطائفية بقوة.. ومفكر قومي.. وسياسي بارع.. عُرفً بإخلاصه الوطني.. سجلً دوراً ريادياً في الوطنية والدفاع عن حقوق العراق والعراقيين.. مثلما دافع عن حقوق الأقطار العربية الراضخة تحت نير الاستعمار الأجنبي .. لم تسجل عليه.. أو على حزبه أية نقيصة أو تهاون.. يؤمن بمقولة: (أن الدين لله.. والوطن للجميع).. وان الدين ينظم صلة المرء بربه وفي آخرته.. والقومية تنظم صلاته بين قومه ودنياه.. انه الشيخ محمد مهدي كبه..

ـ وهو من مواليد سامراء العام 1900.. من أسرة عربية من قبيلة ربيعة.. بدأ تعليمه القراءة والكتابة في إحدى مدارس سامراء.. وفي العام 1917 أنتقل مع أفراد عائلته إلى مدينة الكاظمية ببغداد.. وقد أكمل تحصيله في مدرسة الشيخ ألخالصي الدينية.. وتدرج في تثقيف نفسه تثقيفاً ذاتياً مستعيناً ببعض الأفراد من أسرته.. ممن كان لهم باع في علوم اللغة والأدب والدين.. فنظم الشعر وتعلم شيئاً من اللغة وآدابها ومن الفقه والمنطق..

نشاطه السياسي :

ـ شارك محمد مهدي كبه في ثورة العشرين التي انطلقت في 30 حزيران العام 1920.. وكان من بين الشخصيات الفاعلة بالثورة..

ـ عمل في صفوف الحزب الوطني العام 1922 بكل إخلاص وتفان.. هذا الحزب وقف موقفاً شجاعاً وجريئاً في معارضة المعاهدة البريطانية في 30 حزيران 1930 مما رفع رصيده بين الأوساط الشعبية..

ـ أسس مع بعض رفاقه حزب الجمعية الوطنية العام 1928.. وعملً على دمج الجمعية الوطنية.. بالحزب الوطني الذي أسسه الحاج محمد جعفر أبو ألتمن.. وصار الحزب الوطني بعد الدمج يجمع مختلف طبقات الشعب من تجار وملاك وأصحاب الأعمال وفلاحين وعمال..

ـ عارض الحزب الوطني معاهدة 30 حزيران1930 باعتبارها معاهدة لا تنفع الشعب.. بل إنها أرست الوجود البريطاني في العراق.. وصار الحزب يقاوم المعاهدة ويدعو الى إلغائها..

ـ دفع موقف كبه الوطني الى تآخي الحزب الوطني مع حزب الأخاء الوطني الذي يرأسه ياسين الهاشمي.. لكن هذا التآخي لم يستمر طويل.. إذ لجأ جعفر أبو ألتمن الى تجميد حزبه العام 1932..

ـ أسهم كبه في عدد من الجمعيات الوطنية منها جمعية: (الجوال العربي).. و(الدفاع عن فلسطين).. و(نادي القلم)..

ـ مارس الشيخ كبه نشاطات قومية متعددة منها: زيارته الى اليمن بوفد يرأسه جميل المدفعي لإدخال اليمن في معاهدة التعاون والدفاع المشترك.. التي كانت معقودة بين العراق والسعودية.. إذ اعتبر زيارته هذه مهمة قومية.. كما زار دمشق.. والقدس لنفس الأهداف القومية..

ـ انتخب كبه نائباً في مجلس النواب عن بغداد العام 1937.. وأصبح عنصراً معارضاً ومناهضاً لكل المخططات التي تنال من حرية العراق واستقلاله.. وقد اتخذ موقف المؤيد لكل القضايا الوطنية التي تهم العراق والأمة العربية..

ـ في نيسان العام 1946 أسس حزب الاستقلال ذو التوجهات القومية.. وفي العام 1948 أصبح وزيراً للتموين في حكومة السيد محمد الصدر.. وظل محافظاً على توجهه الوطني والقومي..

نشاطه في العهد الجمهوري :

في صبيحة يوم الثورة (14تموز )1958كان كبه في داره في منطقة العلوية ببغداد.. ويحيط به عدد من أركان حزبه وأصدقائه وأقاربه يستمعون الى إذاعة بغداد.. وهي تذيع أخبار الثورة.. والتشكيلات العسكرية والمدنية الجديدة.. وقد أعلن الراديو تعين الشيخ محمد مهدي كبه عضواً في مجلس السيادة.. المؤلف من ثلاثة أعضاء برئاسة اللواء محمد نجيب الربيعي.. والمجلس هذا كان أشبه بهيئة رئاسة الجمهورية.. لكن كبه لم يلبث أن ترك المسرح السياسي بسبب الأجواء السياسية التي لم تكن تتفق وميوله وتوجهاته..

نزاهته:

ـ كان زاهداً في دنياه.. يكتفي بالقليل والضروري.. ظل يعتمد على مرتبه الذي يتقاضاه من الوظيفة التي يشغلها.. رغم تزايد أفراد أسرته واتساع تكاليفها..

ـ مات ولم يملك غير دار سكنه المتواضعة.. لا عقارات أخرى.. ولا أطيان.. ولا حساب في المصارف.. لا في العراق ولا في الخارج..

ـ عندما قدم استقالته رسمياً من مجلس السيادة في شباط العام 1959.. بقيت استقالته معلقة لم تقبل ولم ترفض.. لكنه اعتكف في بيته.. وبعد شهرين أرسل المجلس له راتبه للشهرين إلى بيته.. رفض كبه استلامه.. على الرغم من حاجاته الماسة إليه.. وأعاد الشيخ محمد مهدي كبه ذلك الراتب بيد (موظف المجلس) الذي حمل الراتب لتقديمه إليه.. حيث قال له: (عندما قبلتُ المنصب في مجلس السيادة.. فقد فكرتُ في خدمة بلدي.. وعندما وجدتُ بأني لا استطيع أن أقدم الخدمة التي وافقتُ من اجلها..قدمت استقالتي.. لذلك فاني لا استحق الراتب.. وأرجو إبلاغ من أرسلك بذلك.. وعندما علمً الزعيم عبد الكريم قاسم تألم كثيراً..

ـ وإزاء الوضع ألمعاشي الصعب بعد استقالته من مجلس السيادة.. وجد محمد صديق شنشل العضو البارز في حزب الاستقلال.. وشقيقه عبد المحسن شنشل عملاً بتعين الشيخ محمد مهدي كبة مديراً مفوضاً (لشركة حلج الأقطان ذات المسؤولية المحدودة).. وبراتب شهري مقداره (مائة دينار)..

المضحك المبكي: استفسر احدهم من الشيخ محمد مهدي كبه عن سبب موافقته للعمل في محلج القطن.. الذي يعتبر غير مناسب له بالنظر لمكانته.. بينما ترك المنصب الكبير الذي يحلم به الكثيرون.. أجاب كبه السائل مبتسماً: (إني أجد إن لذة الحياة وسعادتها ولقمة العيش في عملي في محلج القطن أحلى واسعد ليً من عملي في المنصب المحسوب عليً.. وأنا لا أقدم فيه خدمة لوطني)..

بقيً أن نقول: ماذا يقول الراكضون وراء المناصب بكل الطرق غير الشريفة.. وحتى ببيع الوطن والشعب للأجنبي ؟؟؟؟

ملاحظة : انتظرونا في حلقة أخرى.. عن نزيه آخر من بلادي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *