الكاتب : سليم الحسني
لا يسمح عمره أن يمتلك مقومات القرار الكبير في الدولة العراقية، لكن العملية السياسية فيها من الثغرات ما يمكّن محمد الحلبوسي وأمثاله، من الوصول الى أهم المواقع وأكثرها خطورة.
لا يسمح سلوكه أن يكون في أي موقع رسمي، فهو الشخص الخطأ في كل مكان من دوائر الدولة، لكن الفوضى المجنونة في العراق تمكّن الحلبوسي وأضرابه أن يجلسوا في صدر المجلس، لأن الذين يحترمون أنفسهم باتوا قلة ضئيلة.
أجبر الحلبوسي نواب الكتل السياسية أن تكون الجلسات بعد الواحدة ظهراً، فخمرة السهر وموائد القمار ونساء الليل تلقيه جسداً منهكاً حتى ظهيرة اليوم التالي.
يعرف البرلمانيون ورجال السياسة من الشيعة والسنة والكرد، سلوك الحلبوسي المخجل، يعرفون فساده المالي ومتاجرته بالمناصب، يعرفون تزويره في عمليات التصويت، لكنهم لا يعترضون، فمنهم من تورط معه في ليلة أنس لا تنسى، ومنهم من قاسمه صفقة فاسدة، وآخرون يصطفون في الطابور بانتظار فرصة مناسبة.
مسك محمد الحلبوسي أدوات التحكم بالرجال من المناطق الحساسة، فأسكت هذا واشترى ذاك. لقد اطمأن بأن المستقبل له، وأن طموحه المتصاعد في السيطرة على سياسة العراق صار سهل التحقق. وما هي إلا فترة قصيرة حتى تأتي الانتخابات البرلمانية المبكرة، وسيخطف الأصوات في قائمة أو أكثر يتوغل من خلالها في مدن الشيعة، يأخذ أصواتهم، لمرشحين شيعة، لكنهم تحت جناح الحلبوسي وأمره.
في الدورات السابقة كانت أربيل عاصمة القرار المؤثر في منصب رئاسة الوزراء، لكن الحلبوسي بدأ بتهيئة (الفلوجة) لتنافس (أربيل) فقد صارت مدينة اللقاءات المهمة والاجتماعات الخطيرة مع كبار رجال الدولة والسياسة. وما لم ينتبه قادة الكتل الشيعية الى ما يدور وما يُخطط له، فانهم سيجدون أنفسهم في فلّوجة الحلبوسي يتفقون معه على المواقع، وربما يطلبون دعمه لكي يساعدهم على تولي هذه المواقع.
لقد انتشرت فضائح الصفقات التي باع فيها الحلبوسي الوزارات داخل البرلمان، لكن الصمت كان مفروضاً على القيادات السياسية وعلى السلطة القضائية. لا أحد يحاسب الحلبوسي، فبيده أسرار الليل وصفقات النهار، ومن يملكها يخضع له المتورطون.
أكثر المتورطين معه لدرجة أنه صار أسيره وتابعه، هو فائق زيدان رئيس السلطة القضائية، فهو يتلقى الأوامر منه، وينفذها دون مناقشة، لأن الحلبوسي لو انزعج منه، لضاع زيدان في بركة الفضائح.
في قضية الأخوة كربولي التي سيطرت على اهتمام الأجواء السياسية، فان الحلبوسي يقلّبها على كل الوجوه، إنه يريد أن يحصل على مكسب كبير حتى يأمر زيدان بإصدار حكم البراءة على جمال الكربولي قطب الفساد والسرقة المعروف.
السيد فائق زيدان في هذه الأيام يجهّز الأحكام القضائية بعدة نسخ وقرارات، بانتظار أمر الحلبوسي، فهو ينفذ فور وصول الأمر اليه، ومن دون أن يسأل هل الحلبوسي في لحظة سكر أم صحو؟.
٢٠ نيسان ٢٠٢١