Dr Fadhil Sharif

فاضل حسن شريف

أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرآنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء العاشر من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة دعاء الافتتاح، ومحاضرة للشيخ حسن العامري، فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة الإفطار للمتبرع مؤسس المسجد الحاج عطا علي.

كان عنوان محاضرة الشيخ حسن العامري (نظرة الإسلام للمرأة). قدم الشيخ حسن العامري التعازي بمناسبة وفاة السيدة خديجة الكبرى عليها السلام ونعى في بداية ونهاية الخطبة لهذه المناسبة. وقال في حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت محمد، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون). السؤال كيف يتعامل الإسلام مع المرأة ونظرة القرآن الكريم للمرأة، ومقارنة الأديان الأخرى عند تعاملها مع المرأة؟ في الوقت الحالي الاسلام متهم بأنه يظلم المرأة و يسلب حريتها ولا يحترمها. وللرد على هذه الشبهة فإن بعض المتطرفين والاشخاص من المسلمين يتعاملون بطريقة بعيدة عن روح الإسلام والقرآن في تعظيم المرأة مما يجعل المتصيدين بالاسلام يعتبرون أن هؤلاء المتطرفين هم من يمثل الاسلام. ولو نظرنا لما ورد بمصادر الاديان الاخرى نجد ان المرأة خلقت لخدمة الرجل، وان تعليمها يتم عن طريق زوجها وليس عن طريق الآخرين، ولا يجوز للمرأة مس كتبهم المقدسة، وليس للمرأة استقلالية بمالها ولا تورث، وأن المرأة ملك للرجل. بينما الاسلام لا يفرق بين الذكر والانثى “فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ” (ال عمران 195).

عن أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبد الأشهل أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه، فقالت: (بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، واعلم، نفسي لك الفداء، أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم. وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أُخْرِجَ حاجًا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابًا، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله). فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه؟». فقالوا: «يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا»، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها، ثم قال لها: (انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته تعدل ذلك كله)، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارًا.

في الإسلام المرأة والرجل على حد سواء في الدنيا والآخرة. جاء في الحديث الشريف (مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ). وقال تعالى “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 8” (الزلزلة 7-8)، و “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ” (النساء 32). وقد أضاف الله للرجل مسؤولية وقوامة يتحملها في سبيل المرأة والعائلة بالمال والرعاية ” وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ” (البقرة 228)، و “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” (النساء 34). والبيت له قيادة واحدة وليس اثنتان ويتحملها الرجل، وهذا حاصل في كل مجالات الحياة حتى في السفر.

قال الإمام الصادق عليه السلام: من أخلاق الأنبياء صلى الله عليهم حب النساء. فالمؤمن كلما زاد إيمانه أعطى للمرأة قيمتها. وعلى الرجل ميثاق غليظ أمام المرأة وهي أمانة في عنقه “وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا” (النساء 21). وجاء في الحديث الشريف (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة). وقال صلى الله عليه وآله وسلم (اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) والمقصود بضعف المرأة عاطفتها وقلبها، لذلك على الرجل رعاية عواطف المرأة وكما جاء في الحديث (ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم)، و (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي). ولا زال بعض المسلمين يعامل المرأة معاملة أعراب الجاهلية “الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ” (التوبة 97).

وتوجد نماذج مشرفة من النساء في صدر الإسلام منهن الخنساء التي افتخرت بشهادة أولادها في سبيل الإسلام. والائمة عليهم السلام في زياراتهم تذكر عبارة: (أنا بن خديجة الكبرى) كونها عمود من أعمدة نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال (ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف علي بن أبي طالب).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *