Dr Fadhil Sharif

الكاتب : فاضل حسن شريف

جاء في موقع الجزيرة عن الْيَوْمُ الْعَالَـمِيُّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: تقام في الثامن عشر من كل عام، احتفالات عالمية باليوم العالمي للغة العربية. وهو اليوم الذي قررت الأمم المتحدة سنة 1973 اعتماد اللغة العربية لغة رسمية، ثم جعلته منظمة اليونسكو يوما عالميا للعربية. وفي هذه المناسبة تقيم المنظمات والجامعات المعنية باللغة العربية ندوات وفعاليات احتفالية تذكّر فيها بأهمية اللغة العربية ومنزلتها قديما وحديثا. وتعتبر اللغة العربية من أعرق اللغات وأكثرها مفردات؛ إذ يمتد تاريخها أكثر من 18 قرنا، وتزيد كلماتها على اثني عشر مليون كلمة. ويتحدث اللغة العربية اليوم أكثر من 422 مليون شخص، وهي لغة العبادة لدى أكثر من مليار مسلم في العالم. وتواجه اللغة العربية مشاكل يمكن أن نذكر منها غياب سياسات حكومية لتطويرها، وضعف البحث العلمي بشكل عام، خاصة في علوم اللغة واللسانيات والتواصل، كما أن سيادة اللغات الغربية الموروثة عن الاستعمار في الإدارة والاقتصاد والتعليم، وشيوع اللهجات وتبنيها من شرائح نافذة من النخب المتشبعة بالثقافة الغربية الممزوجة بمسحة استعمارية فكرية، كلها عوامل تُشكل عقبة أمام ازدهار اللغة العربية واسترجاع مكانتها التاريخية. ومن التحديات كذلك ما يتعلق بمسايرة التكنولوجيا، و تتمحور أساسا حول ضعف حركة الترجمة، فالكتاب مثلا حين يصدر بالإنجليزية- وهي اللغة المهيمنة في مجال العلوم والتكنولوجيا- يُترجم إلى الفرنسية بعد ثلاث سنوات في المتوسط، في حين لا يُترجم إلى العربية إلا بعد عقدين تقريبا. تواجه العربية إشكالا آخر هو صعوبة “الرقمنة”؛ فاللغات اللاتينية مثلا سهلة “الرقمنة” لإمكانية كتابة كلماتها منفصلة الأحرف، وهو ما ليس متاحا بالنسبة للعربية رغم أنَّ كل حرف عربي يمكن كتابته منفردا، وهو ما يُؤكد أنَّ العائق ليس بنيويا وإنما يحتاج فقط إلى جهد لتطوير الهوية البصرية للأحرف بما يُمكن من تركيب الكلمات وفق نسق يُناسب التعبير المعلوماتي المعروف بالتعبير الثنائي صفر واحد. ويعكس واقع اللغة العربية حالة التشرذم التي يعرفها الفضاء العربي الإسلامي، وأبرز تجليات ذلك إخفاق الدول العربية في توحيد المصطلح، بل وانتصار كل دولة لمصطلحات مجامعها اللغوية إن وُجدت، رغم أن تلك المصطلحات قد تكون متهافتة في مبناها ومعناها. مهرجان “الضاد”: مهرجان شرعت دولة قطر في تنظيمه عام 2016 ويشمل برامج ثقافية متنوعة موجهة للصغار والكبار، الهدف منه نشر الوعي بأهمية اللغة العربية في مختلف الأوساط، وتعزيز الهوية الوطنية والثقافة العربية، ويشارك فيه نخبة من الفنانين والمثقفين من مختلف الدول العربية.

عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تبارك وتعالى “قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ” ﴿الزمر 28﴾ القرآن عربي لغة، وإنساني دينا ومبدأ لا يحده زمان ومكان، ولا قومية وعنصرية: “وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً ونَذِيراً” (سبأ 28)، وهو مستقيم في مبناه ومحتواه، لا لبس فيه ولا انحراف لأنه من لدن عليم حكيم يهدف إلى هداية الناس وإرشادهم إلى جادة الحق وصراطه القويم. وتقدم مثله في الآية 2 من سورة يوسف ج 4 ص 286 والآية 37 من سورة الرعد والآية 20 من سورة طه. وتسأل: هل تجوز ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية؟ ومع الجواز هل تجري احكام القرآن على ترجمته فلا يمسها إلا المطهرون؟ الجواب: لا شبهة ولا ريب في جواز ترجمة القرآن إلى كل اللغات، بل ورجحانها أيضا لأن القرآن هو رسالة اللَّه والإسلام إلى الإنسانية كلها، والترجمة عامل أساسي على بث هذه الرسالة الإلهية المحمدية وانتشارها. وقد أسلم جماعة أو عرفوا حقيقة الإسلام عن طريق ترجمة القرآن. وتجدر الإشارة إلى أن القرآن مترجم إلى 27 لغة، وأول ترجمة له كانت سنة 1143 ميلادية (مجلة اللسان العربي. (الرباط) عدد كانون الثاني 1969). وأيضا لا شك ان ترجمة القرآن لا تجري عليها أحكام القرآن. أولا لأن العربية من خصائص القرآن ومقوماته: “إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا” (يوسف 2).

جاء في معاني القرآن الكريم: العوج: العطف عن حال الانتصاب، يقال: عجت البعير بزمامه، وفلان ما يعوج عن شيء يهم به، أي: ما يرجع، والعوج، والعوج يقال فيما يدرك بالبصر سهلا كالخشب المنتصب ونحوه. والعوج يقال فيما يدرك بالفكر والبصيرة كما يكون في أرض بسيط يعرف تفاوته بالبصيرة والدين والمعاش، قال تعالى: “قرآنا عربيا غير ذي عوج” (الزمر 28)، “ولم يجعل له عوجا” (الكهف 1)، “والذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا” (الأعراف 45). والأعوج يكنى به عن سيء الخلق، والأعوجية (أعوج اسم فرس كان لهلال بن عامر، وقيل: هو فرس غني بن أعصر، وقيل: هما فرسان: أعوج الأكبر، وأعوج الأصغر. قال الغندجاني: وليس لهم فحل أشهر في العرب ولا أكثر نسلا، ولا الشعراء والفرسان أكثر ذكرا له وافتخارا به من أعوج. انظر: أسماء خيل العرب ص 36، وأنساب الخيل ص 16، والعقد الفريد 1/109): منسوبة إلى أعوج، وهو فحل معروف.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تبارك وتعالى “قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ” ﴿الزمر 28﴾ في الحقيقة، تمّ هنا ذكر ثلاث صفات للقرآن: الأُولى كلمة “قرآناً” التي هي إشارة إلى حقيقة أنّ الآيات الكريمة ستبقى تتلى دائماً، في الصلاة وفي غير أوقات الصلاة، في الخلوات وفي أوساط الناس، وعلى طول التاريخ الإسلامي حتى قيام الساعة، وبهذا الترتيب فإن آيات القرآن ستبقى نور الهداية المضيء على الدوام. الصفة الثانية هي فصاحة وحلاوة وجاذبية هذا الكلام الإلهي، الذي عبّر عنه بـ “عربياً” لأنّ إحدى معاني العربي هي الفصاحة، والمقصود منه هنا هذا المعنى. الصفة الثّالثة، ليس فيه أي إعوجاج، فآياته منسجمة، وعباراته ظاهرة ويفسّر بعضها البعض. الكثير من اللغويين وأصحاب التّفسير قالوا: إنّ (عوج) (بكسر العين) تعني الإنحرافات المعنوية، في حين أنّ (عوج) بفتح العين، تعني الإعوجاج الظاهر. ومن النادر استعمال العبارة الأولى في الاعوجاج الظاهري، ما في الآية (107) من سورة طه: “لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً” (طه 107) لهذا فإنّ بعض اللغويين يعتبرونها أكثر عمومية. وعلى أية حال، فإنّ الهدف من نزول القرآن الكريم بكل هذه الصفات التي ذكرناها هو “لعلهم يتقون”. وممّا يلفت النظر أنّ الآية السابقة انتهت بعبارة: “لعلهم يتذكرون” وهنا انتهت بعبارة: “لعلهم يتقون” لأنّ التذكّر يكون دائماً مقدّمة للتقوى و (التقوى) هي ثمرة شجرة (التذكر).

عن الدكتور مسعود ناجي ادريس في الصفحة الاسلامية لوكالة انباء براثا: القران الكريم كتاب شامل: “وَ ما هُوَ إِلاَّ ذِکْرٌ لِلْعالَمینَ” (القلم 52) انه ليس كتاب خاص بقبيلة او شعب او المنطقة. القرآن ليس له حدود، والقرآن ليس له تاريخ انتهاء: “ذِکْرٌ لِلْعالَمینَ”. كتاب الموعظة: “قَدْ جاءَتْکُمْ مَوْعِظَة” (یونس 57)، “فَذَکِّرْ بِالْقُرْآنِ” (ق 45). القرآن كتاب طاهر غير مشوه: “صُحُفاً مُطَهَّرَةً” (البينة 2)، “غَیْرَ ذي عِوَجٍ” (الزمر 28). القرآن كتاب لا تغيير ولا تنقيح فيه: “غَیْرَ ذي عِوَجٍ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *