download (2)

حسن النحوي

الأخوة الأعزاء

الجميع أدلى بدلوه وحلل الوضع الخاص بسقوط سوريا من وجهة نظره وهي محترمة لكنها تبقى تحليلات لا ترتقي الى حقيقة ما حصل إلا إذا كان لديكم أدلة ملموسة وليس مجرد تخمينات .

لهذا فإصدار الأحكام بتحميل هذه الجهة أو تلك مسؤولية عدم دفاعها عن نظام بشار أو سكوتها  عن تقدم المعارضة العميلة دون دليل ليس صحيحاً .

الوضع معقد وما أقرأه وأسمعه من بعض المختصين يثبت لي أن ايران فعلت كل ما في وسعها للحفاظ على نظام بشار طيلة ٣٠ سنة الماضية لكن الأمر المستجد الذي طرأ على الساحة بالأشهر الأخيرة أن بشار نفسه ملّ وتذمر من بقاء الوضع على حاله  مهدد ومكروه ومحارب من قبل أغلب دول العالم وحتى من غالبية شعبه مقابل دعم محور المقاومة وبما أنه شخص علماني لا يحمل الإيمان الحقيقي بدعم محور المقاومة ويعلم جيداً أن قواته الأمنية من جيش وشرطة أكثر منه علمانية وحب للدنيا ويمكنهم الانقلاب عليه في أي لحظة مقابل الدولار والمنصب فقد بدأ في الأشهر الأخيرة التفكير الجدي بالتنحي وقضاء بقية عمره بعيداً عن هذا الجو المتأزم وبالفعل هذا ما تم طرحه عليه في القمة العربية التي تم عقدها في الرياض قبل فترة قصيرة حيث كان مدعو اوردغان  للقمة فقد خرج هذا النذل لحظة القاء بشار لكلمته وعند خروجه اجتمع مع محمد بن سلمان وأعطاه رسالة لكي يوصلها الى بشار وهي أن الوضع تم حسمه وسقوطه وشيك فعليه أن يحزم أمتعته ويغادر وهي أقل الخسائر وإلا فإن الثمن سيكون حياته وحياة عائلته .

ونفس الرسالة وجهت لقادة جيشه بضرورة الاستسلام أو القتل لهذا بدأ بشار فكّر جدياً آخر ثلاثة أشهر بالتنحي فبدأ لا يستمع للنصائح الإيرانية بل ولا يستقبل بعض مبعوثيهم وكذلك الجيش بدأ ينقلب على المحور وخصوصاً في الأيام الماضية لهذا شعرت إيران أنها خسرت سوريا بخسارتها للأسد وأنها من المستحيل الحفاظ على بقاء هذا النظام اذا كان رأس هذا النظام وقادة جيشه لا يريدون ذلك لا بل أكثر من ٨٠ % من الشعب لا يريدون ذلك .

فليس من المنطقي إدخال عشرات الآلاف من جنودها للدفاع عن نظام هو لا يريد ذلك ولا يسمح بذلك لهذا أقروا بالحقيقة المؤلمة و انسحب مضطرا  من كان منهم موجود في سوريا ليلة البارحة لئلا يكونوا كبش فداء للنواصب والإسرائيليين والأمريكيين الذين سيتدخلون دعماً للمعارضة العميلة كذلك فعل حزب الله والفاطميون والزينبيون وبعض الفصائل العراقية .

هذا ملخص ما حصل لسقوط سوريا .

قراءة وتحليل في انهيار النظام السوري وتأثيره في أميركا وإسرائيل – (إيران وتطبيق بروتوكول أفغانستان)

    انهار النظام السوري اليوم، وغادر الرئيس الماضي بشار الأسد الذي حكم سورية من: (17-تموز-2000 إلى 8-كانون الأول-2024)؛ إلى وجهة غير معلومة، وأعلنت القوى المسلحة المختلفة -المصنفة إرهابيًّا وغير المصنفة- سيطرتها على العاصمة السورية دمشق، من أجل ذلك نعرض قراءتنا وتحليلنا في أدناه:

1- لم تكن الجمهورية الإسلامية محجوبة عمَّا حدث في سورية، وكانت لديها تغييرات مرتبطة بعنوان (أوْلي البأس) التي بدأ تاريخها من (17-أيلول-2024) وذروته لحظة استشهاد سيد المقاومة القائد السيدحسن نصر الله (رض) في (27-أيلول-2024)، وهذا ما ظهر في الحضور الإيراني البارد في الإعلام بشأن معركة سورية، وابتعادها قصدًا أن تتدخل في الميدان عسكريًّا، لكن! حضورها كان فاعلًا في المحركات بل سيد اللعبة، لذلك قال أمس محمد جواد لاريجاني (كبير مستشاري الإمام الخامنئي):

«الجيش السوري لا يمتلك القدرة على الدفاع عن سورية، كان يجب أن يحال الواجب إلى مجاهدي المقاومة! هذه كانت من السقطات التي غفلنا عنها!»

    بذلك ظهر العقل الإيراني أنه متفوق على كل العقول في المنطقة، بما فيها عقل أميركا وإسرائيل.

2- (بروتوكول أفغانستان):

    سبق أن نشرنا تحليل تحت عنوان:

الهروب الأميركي من أفغانستان . في: 15-آب-2021

قلنا به: «نعم طالبان ليست سهلة، لكنها (طالبان الجديدة) التي تتفاهم مع المحور: روسيا، الصين، إيران، وهي اليوم تعقد الاجتماعات الاقتصادية في الصين.» انتهى

3- هرب الجيش الأميركي من أفغانستان، بعد (7) أشهر من تسنم الرئيس الأميركي بايدن منصب الرئاسة، واليوم بدأ واقع جديد في سورية، أكثر مظاهره أنه أحضر أدوات هرب للجيش الأميركي، لأنَّ (هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقًا) تتمتع بعقيدة طالبان نفسها، وأبو محمد الجولاني كان معاون أبو أيمن الظواهري، الذي قتلته أميركا في غارة في كابل عاصمة أفغانستان (31-تموز-2022)، واحتجت على ذلك حكومة طالبان.

4- المعطيات في الميدان المعقد تشير إلى أنَّ تطبيق (بروتوكول أفغانستان)، سوف يبدأ على أميركا في سورية، وكذلك على (هضبة الجولان السوري المحتل)؛ من أجل ذلك بدأ الكيان الصهيوني تعزيز وجوده العسكري في الجولان، وزاد من القوة العسكرية وبدأ حفر الخنادق، وهذا التغيير الجيوسياسي الذي أشرنا إليه، وهو ليس من مصلحة أميركا وإسرائيل، وهذا أفضل مما كان يمكن أن يحققه الفريق

سليماني (رض)، والمتغير الجيوسياسي هذا ترجمة دقيقة بأنَّ إيران: (تصنع من الأزمة فرصة، وتحوِّل الربح الأميركي إلى خسارة مُرَّة على أميركا، وأنَّ إيران لا يمكن أن تتراجع في إستراتيجيتها خطوة واحدة، بل تتقدم).

5- تمكنت الجماعات المسلحة بقيادة (هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقًا)، من السيطرة على معظم المدن السورية، وصولًا إلى العاصمة دمشق (دون قتال). حتى الآن لا يوجد هجوم إرهابي على المدن الشيعية أو المراقد المطهرة، وهذا يكشف الحضور الإيراني الوازن في هذه المعادلة، ويجب الحفاظ عليه، وهذا يُفسِّر موقف المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله.

6- كما قلنا إننا مع كل حل يختاره الشعب السوري، ويستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي (2254) في: 18-كانون الأول-2015، وهذا يعني ضرورة الحفاظ على وحدة سورية، والانتقال السلمي للسلطة، بمرحلة انتقالية مشروعة.

7- الجمهورية الإسلامية هي الدولة العظمى في غرب آسيا، وأميركا وحلف النيتو، والسعودية يسلمون بذلك عمليًّا؛ فالجمهورية الإسلامية التي فرضت واقعًا جديدًا في أفغانستان (آب-2021)، بالتفاهم والاتفاق مع طالبان، اليوم تفرض واقعًا جديدًا في سورية ولم تسمح لأميركا أن تنفرد في الميدان، وسيمر هذا التغيير الجيوسياسي في مخاض صعب، لكن ما تفرزه المرحلة الانتقالية بعد الاستقرار، سيكون من مصلحة الشعب السوري، ومحور المقاومة، وليس من مصلحة أميركا وإسرائيل، والهرب الأميركي من سورية، يعني بالضرورة هربًا أميركيًّا من العراق.

8- على وفق هذا المتغير، لا خطر على العراق الآن مع وجوب اليقظة، بل الخطر على الأردن والسعودية (العراق لا يتأثر سلبًا بإسقاط تلك الأنظمة المتهالكة)… وسبق أن خرجت طالبان من قبضة السعودية، أما اللاعب الإستراتيجي الأول في غرب آسيا فهو الجمهورية الإسلامية، أما أردوغان فهو شيخ كبير وحزبه خسر الانتخابات المحلية في تركيا (2024)، ومستقبله مجهول، فراجع مقالنا في أدناه : الانتخابات المحلية التركية 2024 – أردوغان وهبوط المنحني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *