كتابات عن مفهوم البراغماتية والقرآن الكريم (ح 4) (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله)‎

فاضل حسن شريف

جاء في موقع الألوكة الشرعية عن البراجماتية: عرض المنهج ونقد الواقع للكاتبة غادة الشامي: نقد الفلسفة البراجماتية من وجهة نظر الإسلام: إن الدين الإسلامي – بحمد الله تعالى – يمتلك أعظم ثروة في مجال العقيدة والقِيم والسلوك والأخلاق، ولقد ترك لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إرثًا ضخمًا من الأحاديث القولية والفعلية التي تحث على حسن الأخلاق والسلوك، إضافة إلى العبادات، بالشكل الذي جمع لنا فيه بين العلم والعمل، (وقد قامت الفلسفة البراجماتية على أساس أن المعيار في بيان صحة الأعمال وحسنها إنما يكون من خلال النتائج المترتبة عليها، فأخضعت كل شيء لمبدأ “النفعية”، وجعلت النتيجة هي معيار الحكم على حُسن ذلك العمل والأخذ به، أو قُبحه وتركه، وقد طبقوا ذلك المبدأ على الدين، فأصبح الدين نافعًا في بعض الأحوال مما لا يمكن استبدال غيره به، وفي هذا يقول “برتراندرسل”:لا يقنع مؤمنًا مخلصًا إيمانه، لأن المؤمن لا يطمئن إلا متى استراح إلى موضوع عبادته وإيمانه، إن المؤمن لا يقول: إني إذا آمنت بالله سعدت، ولكنه يقول: إني أؤمن بالله، ومن أجل هذا فأنا سعيد، (الحجيلي، ص 315 – 316). وتنكر البراجماتية وجود حقائق موضوعية وقِيَم مطلقة، وتؤكد أن الحقيقة هي اكتشاف اختراع شيء جديد، وليس اكتشاف شيء موجود، ومقياسها يقوم على مدى نفعها في دنيا العمل. وهذا نسف تام لكل القيم الأخلاقية التي هي من صميم التركيبة الإنسانية، ولها أصول ضاربة في الأعماق، كما أنه إنكار للقيم والمبادئ التي أقرها الشرع، وجهِلنا الحكمة منها، لقصور في معرفتنا، مع اعتقادنا بأن الخير كل الخير يكمن فيها. إن تحديد “الخير” يكون من الشرع، وليس من الإنسان، فقد يقر الشرع أمرًا يرى الحق فيه، ويرى الإنسانُ لقصوره أنَّ فيه شرًّا، بينما هو في حقيقة الأمر خير”. إن إقامة المجتمعات على موازين الكسب والخسارة وحدهما، كفيلةٌ بهدم تلك المجتمعات، إذ كيف يقوم مجتمع من المجتمعات وينهض إذا كانت العلاقة التي تقوم بين أفراده لا تقوم إلا على أساس المصلحة والكسب المادي؟ فكم من علاقات أخرى تقوم على الإيثار والتضحية وحب الخير لذاته، وهي التي تكفل تحقيق السعادة للمجتمع، لأن التعاطف والتعاون هما الرائدان في حركة المجتمع الإنساني، وإلا تحول إلى غابة من الغابات التي يأكل فيها القوي الضعيف، فالنجاح مطلوب، والسعي والتنافس على فعل الخيرات مرغوب، فإن المؤمن القوي أحبُّ إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، ولكن ينبغي أن يستظل السعي – هدفًا وطريقًا – بأوامر الشرع، والالتزام بآدابه.

إذا كانت الأصنام لا تسب فالأولى براغماتيا لا يسب أي عبد من عباد الله حتى لا تخلق مشاكل حولك، وفي الوقت الحالي يسمى الإعلام الذي هو واجهة الدولة المسموعة والمقروءة والمرئية. وحتى عمليا الاعتداء على الآخرين ولو كانوا يعبدون الأصنام إذا لم يعتدوا فعلينا تركهم اذا لم يقبلوا النصيحة، فالمرجع اليه سبحانه وتعالى. وهذا لا يعني عدم الاستعداد بقوة العقيدة العملية والمعنوية لمجابهة العدو عند الاعتداء الداخلي وعند دخول الحدود. جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله عز وجل “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿الأنعام 108﴾ “ولا تسبوا الذين يدعون” ـهم “من دون الله” أي الأصنام “فيسبوا الله عدْوا” اعتداء وظلما “بغير علم” أي جهلا منهم بالله، “كذلك” كما زيَّنا لهؤلاء ما هم عليه “زيَّنا لكل أمة عملهم” من الخير والشر فأتوه، “ثم إلى ربهم مرجعهم” في الآخرة “فينبِّئهم بما كانوا يعلمون” فيجازيهم به.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿الأنعام 108﴾ السب معروف، قال الراغب في المفردات،: العدو التجاوز ومنافاة الالتيام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له: العداوة والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له العدو، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له العدوان والعدو قال”فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ” وتارة بأجزاء المقر فيقال له العدواء يقال مكان ذو عدواء أي غير متلائم الأجزاء. اعتبر القرآن للأمة وجودا وأجلا وكتابا وشعورا وفهما وعملا وطاعة ومعصية فقال”وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ” (الاعراف 34)، وقال “كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا” (الجاثية 28) وقال”زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ” (الانعام 108)، وقال”مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَة ” (المائدة 66)، وقال”أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ” (ال عمران 113)، وقال”وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ” (غافر 5)، وقال”وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ” (يونس 47).

جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: أسلوب القسم المكي يمتاز بالشدة والعنف والسباب: فقد قالوا: إن أسلوب القسم المكي من القرآن يمتاز عن القسم المدني بطابع الشدة والعنف، بل وبالسباب أيضا، وهذا يدل على تأثر محمد بالبيئة في مكة التي كان يعيش فيها، لأنها مطبوعة بالغلظة والجهل، ولذا يزول هذا الطابع عن القرآن الكريم عندما ينتقل محمد إلى مجتمع المدينة الذي، تأثر فيه بشكل أو بآخر بحضارة أهل الكتاب وأساليبهم. وتستشهد الشبهة بعد ذلك لهذه الملاحظة بالسور والآيات المكية المطبوعة بطابع الوعيد والتهديد والتعنيف. إنه ليس في القرآن الكريم سباب وشتم كيف وقد نهى القرآن نفسه في القسم المكي عن السب والشتم، حيث قال تعالى: “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ  فَيَسُبُّوا اللَّهَ  عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ” (الانعام 108). وليس في سورة المسد أو التكاثر سب أو بذاءة  كما يحاول المستشرقون ان يقولوا ذلك وانما فيهما تحذير ووعيد بالمصير الذي ينتهي إليه أبو لهب والكافرون بالله. عم، يوجد في القرآن الكريم تقريع وتأنيب عنيف، وهو موجود في المدني كما هو في المكي وان كان يكثر وجوده في المكي بالنظر لمراعاة ظروف الاضطهاد والقسوة التي كانت تمر بها الدعوة، الامر الذي اقتضى ان يواجه القرآن ذلك بالعنف والتقريع أحيانا لتقوية معنويات المسلمين من جانب، وتحطيم معنويات الكافرين من جانب آخر.

  جاء في الموسوعة الحرة عن براغماتية: الجوانب العملانية المركزية ضد الأداتية المفاهيم والنظريات: انتقد ديوي، في كتابه (البحث عن اليقين)، ما وصفه ب (المغالطة الفلسفية): الفلاسفة غالبا ما يأخذون فئات (مثل العقلية والمادية) كأمر مفروغ منه لأنهم لا يدركون أن هذه الفئات هي مجرد مفاهيم اسمية اخترعت للمساعدة في حل مشاكل محددة. هذا يسبب الارتباك الميتافيزيقي والمفاهيمي. وهناك أمثلة مختلفة مثل (الوجود النهائي) للفلاسفة الهيغلية، والاعتقاد في (عالم القيمة)، وكذلك مثل فكرة أن المنطق، لأنه فكرة مجردة من الفكر الملموس، ليس له علاقة بفعل التفكير الملموس، وهلم جرا. ديفيد هيلدبراند يلخص المشكلة بأنها: (الغفلة الإدراكية تجاه المهام المحددة والمكوِّنة للتحقيق والتي جعلت الواقعيين والمثاليين على حد سواء يصيغون وصفا للمعرفة أظهر منتجات التجريد الواسع مرة أخرى وأرجعها الي الخبرة.) (هيلدبراند 2003). الطبيعية ومعاداة الديكارتية: منذ البداية، أراد العملانيين إصلاح الفلسفة وجعلها أكثر انسجاما مع المنهج العلمي كما فهموه. وقالوا بأن الفلسفة المثالية والفلسفة الواقعية كان لهما ميل تجاه تقديم المعرفة البشرية على أنها شيء يتجاوز ما يمكن للعلم أن يفهمه. ثم لجأت هذه الفلسفات إما إلى الظواهر المستوحاة من كانط أو إلى نظريات مراسلات المعرفة والحقيقة. انتقد العملانيين الفلسفة المثالية لوجود الاستباقية فيها، وانتقدوا الفلسفة الواقعية لأنها تأخذ المراسلات كحقيقة غير قابلة للتحليل. العملانية بدلا من ذلك تحاول شرح كيف تعمل العلاقة بين العارف والمعروف في العالم من الناحية النفسية والناحية البيولوجية. في عام 1868،  جادل بيرس أنه لا توجد قوة حدس في معنى إدراكي معين غير مشترط بالاستدلال، وكذلك لا توجد قوة تأمل، أو بديهية أو غير ذلك في معنى الإدراك، وقال أيضا أن وعي عالم داخلي معين يتأتى عن طريق الاستدلال الافتراضي من الوقائع الخارجية. وقد كان التأمل والحدس أدوات فلسفية أساسية، على الأقل منذ ديكارت. وقال بيرس إنه لا يوجد إدراك أول على الإطلاق في العملية المعرفية. مثل هذه العملية لها بداية ولكن يمكن دائما تحليلها إلى مراحل معرفية دقيقة. ما نسميه الاستبطان لا يعطي امتياز الوصول إلى المعرفة عن العقل- الذات هو مفهوم مشتق من تفاعلنا مع العالم الخارجي وليس العكس (دي وال 2005، ص. 7-10). وفي نفس الوقت، بيريس أصر باستمرار على أن العملانية ونظرية المعرفة بشكل عام لا يمكن أن يُشتقا من مبادئ علم النفس المفهومة كعلم خاص. ما نعتقده أنه يختلف كثيرا عما يتعين علينا أن نفكر فيه، في كتابه بعنوان (إيضاحات من منطق العلم)، وضع بيرس كل من العملانية ومبادئ الإحصاءات كجوانب للمنهج العلمي بشكل عام. هذه نقطة خلاف مهمة مع معظم العلمانيين الآخرين الذين يدعون إلى مزيد من الطبيعية والنفسانية.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *