فاضل حسن شريف
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” ﴿الإسراء 1﴾ بالطبع هناك كلام كثير للمفسّرين عن المكان الدقيق الذي انطلق مِنهُ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وفيما إِذا كان هذا المكان بيت أحد اقربائه (باعتبار أنّ المسجد الحرام قد يطلق احياناً ومن باب التعظيم على مكّة المكرمة بأجمعها) أو أنَّهُ انطلق مِن جوار الكعبة، ولكن ظاهر الآية بلا شك يفيد أنَّ المنطلق في سفر الإِسراء كان مِن المسجد الحرام. سادساً: لقد كان الهدف مِن هذا السفر الإِعجازي أنْ يشاهد رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم آيات العظمة الإِلهية، وقد استمرَّ سفر الإِسراء إلى المعراج صعوداً في السماوات لتحقيق هذا الغرض، وهو أن تمتلىء روح رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أكثر بدلائل العظمة الرّبانية، وآيات اللّه في السماوات، ولتجد روحه السامية في هذه الآيات زخماً إِضافياً يوظَّفهُ صلى الله عليه وآله وسلم في هداية الناس إِلى ربّ السماوات والأرض. وبذلك فإِنَّ سفر رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في رحلة الإِسراء والمعراج لم يكن ـ كما يتصوّر البعض ذلك ـ بهدف رؤية اللّه تبارك وتعالى ظناً منهم أنّه تعالى يشغل مكاناً في السماوات. وبالرغم من أنّ الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم كان عارفاً بعظمة اللّه سبحانه، وكان عارفاً أيضاً بعظمة خلقه، ولكن (متى كان السماع كالرؤية؟). ونقرأ في سورة (النّجم) التي تلت سورة الإِسراء وتحدثت عن المعراج قوله تعالى: “لقد رأى مِن آيات ربّه الكبرى” (النجم 18). سابعاً: إِنَّ تعبير الآية “باركنا حوله” تفيد بأنَّه علاوة على قدسية المسجد الأقصى، فإِنَّ أطرافه أيضاً تمتاز بالبركة والأفضلية على ما سواها. ويمكن أن يكون مُراد الآية البركة الظاهرية المتمثلة بما تهبه هذه الأرض الخصبة الخضراء مِن مزايا العمران والأنهار والزراعة. ويمكن أن تُحمل البركة على قواعد الفهم المعنوي فتشير حين ذاك إِلى ما تمثِّله هذه الأرض في طول التأريخ، مِن كونها مركزاً للنبوات الإِلهية، وَمُنطلقاً لنور التوحيد، وأرضاً خصبة للدعوة إِلى عبودية اللّه. ثامناً: إِنَّ تعبير “إِإِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” إِشارة إِلى أنَّ إِكرام اللّه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بمعجزة الإِسراء والمعراج لم يكن أمراً عفوياً عابراً، بل هو بسبب استعدادات رسول الهدى صلى الله عليه وآله وسلم وقابلياته العظيمة التي تجلت في أقواله وأفعاله، هذه الأقوال والأفعال التي يعرفها اللّه ويحيط بها. تاسعاً: إِنَّ كلمة (سبحان) إِشارة إِلى أنَّ سفر رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في الإِسراء والمعراج دليل آخر على تنزيه اللّه تبارك وتعالى من كل عيب ونقص. عاشراً: كلمة (مِن) في قوله تعالى: “من آياتنا” إِشارة إِلى عظمة آيات اللّه بحيث أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم على علو مقامه واستعداده الكبير لم ير مِن هذه الآيات خلال سفره الإِعجازي سوى جزء معين مِنها.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (قصا) “قصيا” (مريم 21) بعيدا، و”القصوى” (الانفال 42) تأنيث الأقصى: البعيدة، و”المسجد الأقصى” (الاسراء 1) بيت المقدس لأنه لم يكن وراءه حينئذ مسجد. (قصا) “اقصوا ألي لا تنظرون” (يونس 71) أي امضوا إلى ما في أنفسكم من إهلاكي ولا تؤخرون.”الدنيا” (الأنفال 42) و”القصوى” (الانفال 42) تأنيث الأدنى والأقصى.
ان أكثر المفسرين يعتقدون ان الإسراء حصل بروح وجسد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام في مكة الى المسجد الاقصى في بيت المقدس كما قال الله تبارك وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء 1). ونزلت سورة باسم الإسراء. وكانت قد نزلت معظم آياتها في مكة وهي من أشد الفترات صعوبة على الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومنها عام الحزن، الا القليل منها في المدينة. ومن تسمياتها سورة بني إسرائيل لكثرة ما ورد عنهم من آيات في هذه السورة. وكذلك تسمى بسورة سبحان لأن أول السورة ابتدأ بكلمة سبحان. ورقم السورة في تسلسل سور القرآن الكريم 17. وعدد آياتها 111 آية كريمة، وهي تعتبر من السور الطويلة. وتهتم آيات هذه السورة بالعقيدة ووحدانية الله تبارك وتعالى. وسميت بالإسراء لان في بعض آياتها رحلة الإسراء. وسبحان اشارة الى اطلاق التسبيح لله وحده”سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بعبده” (اسراء 1) والعبد المقصود الذي أسري به هو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فاتوحيد يقابله عبودية الخلق للخالق الواحد الأحد. وأسرى مشتقة من المسير. والاسراء حصل ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى”لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى” (الإسراء 1). والمسجد الاقصى مبارك بنفسه وحوله” الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” (الإسراء 1).
وعند الامامية فان الاسراء حصل كما ورد في القرآن والأحاديث النبوية وأحاديث أهل البيت. والمعراج ذكرته سورة النجم في قوله تعالى “وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9) فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (18)” (النجم 1-18).
جاء في الموسوعة الحرة عن الاسراء و المعراج: الإسراء بالروح أم الجسد. أنقسم رأي العلماء والسلف إلى ثلاث، فمنهم من يقول أن الإسراء والمعراج كان بالروح، ومنهم من يقول كان بالجسد، ومنهم من يقول كان بالروح والجسد، وهذا ما ذهب عليه معظم السلف والمسلمين في اليقظة. أما الإسراء فقد نص عليه القرآن في سورة الإسراء، وجاءت أحاديث كثيرة تدل عليه، وقد ذكر الطبري وابن كثير والبغوي في تفاسيرهم كثيرا منها، وذهب إلى القول بكونه أسري بجسد النبي محمد يقظة ليلة الإسراء وعرج به إلى السماء جمهور أهل العلم، ورجحه كثير من أعلام المفسرين وعلى رأسهم الطبري وابن العربي وابن كثير والبغوي والبيضاوي، وقال القرطبي: ثبت الإسراء في جميع مصنفات الحديث، وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام فهو من المتواتر بهذا الوجه، وذكر النقاش ممن رواه عشرين صحابيا. وقال الشوكاني في قتح القدير: والذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة الكثيرة هو ما ذهب إليه معظم السلف والخلف من أن الإسراء بجسده وروحه يقظة. ويكفي أن الإسراء والمعراج كان بجسده الشريف لقوله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الاسراء 1) وقوله تعالى: “لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى” (النجم 18). قال أبو جعفر الطبري في تفسيره: الصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى كما أخبر الله عباده، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله حمله على البراق، حتى أتاه به، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل، فأراه ما أراه من الآيات. ولا معنى لقول من قال: أسري بروحه دون جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلاً على نبوته، ولا حجة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك كانوا يدفعون به عن صدقه فيه، إذ لم يكن منكراً عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر أو أقل. وبعد فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا بأنه أسري بروح عبده، وليس جائزاً لأحد أن يتعدى ما قاله الله إلى غيره. بل الأدلة الواضحة، والأخبار المتتابعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أسرى به على دابة يقال لها البراق، ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد. قيل أن الحكمة في المعراج أن الله تعالى أراد أن يشرف بأنوار محمد صلى الله عليه وسلم السماوات كما شرف ببركاته الأرضين فسرى به إلى المعراج، وسئل أبو العباس الدينوري: لم أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل أن يعرج به إلى السماء ؟ فقال: لأن الله تعالى كان يعلم أن كفار قريش كانوا يكذبونه فيما يخبرهم به من أخبار السماوات فأراد أن يخبرهم من الأرض التي قد بلغوها وعاينوها وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيت المقدس قط فلما أخبرهم بأخبار بيت المقدس على ما هو عليه لم يمكنهم أن يكذبوه في أخبار السماء بعد أن صدقوا أخبار الأرض.
جاء في موقع موضوع عن ما هو تاريخ الإسراء والمعراج؟ للكاتب نبيل القرعان: تعدَّدت أقوال العلماء والمؤرخين حول تاريخ ليلة الاسراء والمعراج والوقت الذي وقعت فيه، ومن هذه الأقوال من ذهب إلى أنّ حادثة الإسراء والمعراج كانت قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو في بداية نزول الوحي، وأكثر الأقوال وأرجحها أنّها كانت بعد البعثة بسنوات، مع خلاف في تعيين سنتها، وفيما يأتي ذكرٌ للأقوال والروايات الواردة في تاريخ الإسراء والمعراج بالهجري: الإسراء والمعراج كان في السنة الأولى من بعثة النبي: وهذا القول اختاره الإمام الطبري. الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنة: أي في السنة الثانية عشرة للبعثة، لأنّ هجرة النبي كانت في السنة الثالثة عشرة للبعثة، وذهب إلى هذا القول كلٌ من ابن سعد، وابن حزم، والنووي. الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بأشهر: حيث قال ابن الجوزي إنَّ الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بثمانية أشهر، وقال أبو الربيع بن سالم قبل الهجرة بستة أشهر، وذهب إبراهيم الحربي إلى أنّ الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بأحد عشر شهرًا. الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنةٍ وشهرين: ونقل هذا القول ابن عبد البرِّ. الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنةٍ وثلاثة أشهر: وهو القول حكاه ابن فارس. الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر: وهذا القول قاله السَّدي. الإسراء والمعراج كان قبل بعثة النبي: وهو قولٌ شاذٌّ، وأوّله وفسّره البعض بأنّه كان قبل البعثة رؤيةً في المنام، أما وقوع الإسراء والمعراج حقيقةً، فكان بعد البعثة. وأما بالنسبة لليوم الذي وقعت فيه حادثة الإسراء والمعراج، فقد اختلف لعلماء في تحديده تبعًا لاختلافهم في في سنة حدوث الإسراء والمعراج، وبيان أقوالهم آتيًا: تاريخ الإسراء والمعراج كان السابع والعشرون من شهر رجب، وعلى هذا القول أكثر الناس، ويستذكر المسلمون اليوم الإسراء والمعراج في هذا التاريخ. تاريخ الإسراء والمعراج كان في الَّليلة السَّابعة عشر من رمضان الموافق يوم السبت. تاريخ الإسراء والمعراج كان في ليلة سبعٍ وعشرين من ربيع الآخر الموافق يوم الاثنين. تاريخ الإسراء والمعراج كان في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأوَّل، وبذلك يكون يوم الاثنين هو يوم مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويوم مبعثه، وهجرته، ووفاته، ويوم أُسري به إلى البيت المقدس وعُرج به إلى السماوات العلا. ما هي معجزات ليلة الإسراء والمعراج؟ تحفل ليلة الإسراء والمعراج بكثير من المعجزات التي حصلت للنبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، ومن هذه المعجزات: صعوده إلى بيت المقدس ومنه إلى السماوات بواسطة دابة البراق. صلاته إمامًا بالأنبياء. رؤيته للأنبياء في السماوات وسلامه عليهم. كشف الله تعالى عن صورة بيت المقدس للنبي -عليه الصلاة والسلام- بعد عودته إلى مكة وإخبار قومه برحلته، وتكذيبهم له، وطلبهم أن يصف لهم بيت المقدس، فوصفه النبي لهم وكأنّ بيت المقدس أمامه.