فاضل حسن شريف
د. فاضل حسن شريف
جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن الام “الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ” ﴿المجادلة 2﴾ الذين يُظاهرون منكم من نسائهم، فيقول الرجل منهم لزوجته: (أنت عليَّ كظهر أمي) أي في حرمة النكاح قد عصوا الله وخالفوا الشرع، ونساؤهم لَسْنَ في الحقيقة أمهاتهم، إنما هن زوجاتهم، ما أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم. وإن هؤلاء المظاهِرين ليقولون قولا كاذبًا فظيعًا لا تُعرف صحته. وإن الله لعفو غفور عمَّن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وعلا “الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ” ﴿المجادلة 2﴾ قال سبحانه يذم الظهار “الذين يظاهرون منكم من نسائهم” أي يقولون لهن أنتن كظهور أمهاتنا “ما هن أمهاتهم” أي ما اللواتي تجعلونهن من الزوجات كالأمهات بأمهات أي لسن بأمهاتهم “إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم” أي ما أمهاتهم إلا الوالدات “وإنهم” يعني المظاهرين “ليقولون منكرا من القول” لا يعرف في الشرع “وزورا” أي كذبا لأن المظاهر إذا جعل ظهر امرأته كظهر أمه وليست كذلك كان كاذبا “وإن الله لعفو غفور” عفا عنهم وغفر لهم وأمرهم بالكفارة.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله جل جلاله “النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا” ﴿الأحزاب 6﴾ أنّ النّبي صلى الله عليه وآله بمنزلة الأب، وأزواجه بمنزلة اُمّهات المؤمنين إلاّ أنّهم لا يرثون منهم مطلقاً، فكيف يُنتظر أن يرث الابن المتبنّي؟. الحكم في هذا الباب يتعلّق بأزواج النّبي حيث يُعتبرن كاُمّهات لكلّ المؤمنين، وهي طبعاً اُمومة معنوية وروحية، كما أنّ النّبي صلى الله عليه وآله أب روحي ومعنوي للاُمّة. إنّ تأثير هذا الإرتباط المعنوي كان منحصراً في مسألة حفظ إحترام أزواج النّبي وحرمة الزواج منهنّ، كما جاء الحكم الصريح بتحريم الزواج منهنّ بعد وفاة النّبي صلى الله عليه وآله في آيات هذه السورة، وإلاّ فليس لهذه العلاقة أدنى أثر من ناحية الإرث وسائر المحرّمات النسبية والسببية، أي إنّ المسلمين كان من حقّهم أن يتزوّجوا بنات النّبي، في حين أنّ أيّ أحد لا يستطيع الزواج من إبنة اُمّه. وكذلك مسألة كونهنّ أجنبيات، وعدم جواز النظر إليهن إلاّ للمحارم. في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنّ امرأة قالت لعائشة: يا اُمّه فقالت: لست لك باُمّ إنّما أنا اُمّ رجالكم) وهو إشارة إلى أنّ الهدف من هذا التعبير هو حرمة التزويج، وهذا صادق في رجال الاُمّة فقط. وثمّة مسألة مطروحة، وهي إحترامهنّ وتعظيمهنّ كما قلنا إضافةً إلى قضيّة عدم الزواج، ولذلك فإنّ نساء المسلمين كنّ قادرات على مخاطبة نساء النّبي بالاُمّ بعنوان إحترامهنّ. والشاهد لهذا القول، أنّ القرآن الكريم يقول: “النّبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم” وهذا يعني أولوية النّبي بكلّ النساء والرجال، وضمير الجملة التالية يعود إلى هذا العنوان الواسع المعنى، ولذلك نقرأ في العبارة التي نقلت عن (اُمّ سلمة) وهي من أزواج النّبي صلى الله عليه وآله أنّها قالت: أنا اُمّ الرجال منكم والنساء. وهنا يطرح سؤال، وهو: هل أنّ تعبير “وأزواجه اُمّهاتهم” يتناقض مع ما ورد في الآية (2) من سورة المجادلة: “الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا” (المجادلة 2). فكيف تعتبر نساء النّبي والحال هذه اُمّهات المسلمين ولم يولدوا منهنّ؟ وينبغي في الإجابة على هذا السؤال الإلتفات إلى أنّ مخاطبة امرأة ما بالاُمّ إمّا أن تكون من الناحية الجسمية أو الروحية. فأمّا من الناحية الجسمية: فإنّ هذه المخاطبة تكون واقعية في حالة كون الإنسان مولوداً منها فقط، وهذا هو الذي جاء في الآيات السابقة بأنّ الاُمّ الجسمية للإنسان هي التي تلده فقط. وأمّا الأب أو الاُمّ الروحيين، فهو الذي له حقّ معنويّ على الإنسان كالنّبي صلى الله عليه وآله الذي يعتبر الأب الروحي للاُمّة، ولأجله اكتسبت أزواجه منزلة وإحترام الاُمّ. والإشكال الذي كان يوجّه إلى عرب الجاهلية في مورد (الظهار) أنّهم عندما كانوا يخاطبون أزواجهم بخطاب الاُمّ فمن المسلّم أنّ مرادهم ليس الاُمّ المعنوية، بل المقصود أنّهنّ كالاُمّ الجسمية، ولذلك كانوا يعدّونه نوعاً من الطلاق، ونعلم أنّ الاُمّ الجسمية لا تتحقّق بمجرّد الألفاظ، بل إنّ شرط ذلك الولادة الجسمية، وبناءً على هذا فإنّ كلامهم كان منكراً وزوراً. أمّا في مورد أزواج النّبي صلى الله عليه وآله، فبالرغم من أنّهنّ لسن اُمّهات جسمياً، إلاّ أنّهنّ اُمّهات روحيات إكتساباً من مقام وإحترام النّبي صلى الله عليه وآله ولهنّ وجوب الإحترام كاُمّهات. وإذا رأينا القرآن قد حرّم الزواج من أزواج النّبي صلى الله عليه وآله في الآيات القادمة، فإنّ ذلك شأن آخر من شؤون إحترامهنّ وإحترام النّبي صلى الله عليه وآله كما سيأتي توضيح ذلك بصورة مفصّلة إن شاء الله تعالى. وهناك نوع ثالث من الاُمّهات في الإسلام وهي الاُمّ المرضعة، والتي اُشير إليها في الآية (23) من سورة النساء: “وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ” (النساء 23) إلاّ أنّها في الحقيقة فرع من فروع الاُمّ الجسمية.
جاء في موقع موضوع عن طاعة الوالدين للكاتبة ولاء الشيخ: لقد أوصانا الله سبحانه وتعالى ببرّ الوالدين والإحسان لهم؛ فقد جعل طاعته من طاعتهما، ورضاه من رضاهما، كما أن رضا الوالدين من أحب الأعمال وأفضلها عند الله تعالى، قال تعالى في كتابه العزيز: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لهما أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” (الاسراء 17-18) وقال جل وعلا أيضاً: “أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً” (لقمان 15) فالظاهر من الآية الكريمة أن الله سبحانه أمر بطاعة الوالدين؛ وإن كانا مشركين، على ألا تكون الطاعة في معصية الله، فالمصاحبة بالمعروف والإحسان إليهما واجب على كل مسلم. صور برّ الوالدين إن لبر الوالدين صوراً كثيرة، يستطيع المسلم أن يختار أقربها وأحبها لوالديه، مع مراعاة الآداب العامة معهما بشكل دائم، ومن صور بر الوالدين ما يأتي:الصوت المنخفض: إذ يجب التحدث معهما بصوت لا يرتفع عن صوتهما، كما يجب الحذر من الصراخ في وجههما، والحرص على الإنصات لهم. الطاعة والاحترام: يجب أن تكون طاعتهما بالمعروف، وبما يرضي الله تعالى، وعدم طاعتهما في معصيته ولا إثم في ذلك، وفي هذه الحالة يجب مخاطبتهما بأدب ولين. تقديم الرعاية والعناية لهما وخاصةًَ في كبرهما، قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” (الاسراء 23) صلتهما: فمن المهم زيارتهما، والسؤال عنهما دائماً في حال حياتهما، وبعد موتهما تكون صلتهما بزيارة أقاربهما، أو الإحسان إلى أصدقائهما. الدعاء: بالإكثار من الدعاء لهما، سواء كان في حياتهما أو بعد موتهما، لما فيه من خير لهما. الشكر: فإن شكر الوالدين وتقديرهما له أثر كبير عليهما. الإنفاق عليهما وسد حاجاتهما.