Dr Fadhil Sharif

فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام للمؤلف عبد الحليم الجندي: يقول المفضل للامام الصادق: قلت، أخبرني عن قول الله عز وجل “وجعلها باقية في عقبه” (الزخرف 28) قال: (يعنى بذلك الإمامة) جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة. فقلت فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى. ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك. فإن الإمامة خلافة الله عز وجل جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن لأن الله هو الحكيم في أفعاله. لا يسأل عن فعله وهم يسألون. – ويعلن الامام رأيه بوجوب الإمامة. فيسأله السائل عن منزلة الأئمة. ومن يشبهون؟ فيقول: كصاحب موسى وذي القرنين. كانا عالمين. ولم يكونا نبيين. يحدد الصادق الإمامة بتشبيه قرآني يفسر وجوبها، إذ يسأل عن حديث الرسول (من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية) هل هي ميتة كفر؟ فيجب (ميتة ضلال) – وكذلك يحدد جده زين العابدين معنى العصمة بحد قرآني إذ يسأل عن معنى المعصوم فيقول (هو من اعتصم بحبل الله المتين أي القرآن. فلا يفترق الإمام عن القرآن إلى يوم القيامة فالإمام يهدى الناس إلى القرآن والقرآن يهدى الناس إلى الإمام بقوله تعالى “إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم” (الاسراء 9) ويلاحظ أن الذي فتق الكلام في الإمامة وفصل وأصل فيها هم تلاميذ الإمام. وربما بدأ الكلام فيها في عهده كما يقول المستشرق رونالدسن. أما التعريفات الوافية فتنسب إلى الإمام الرضا (202) حفيد الإمام الصادق يقول الإمام الرضا (الإمامة منزلة الأنبياء. ووراثة الأوصياء. الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول. والإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين) والماوردي من فقهاء أهل السنة يحدد غرضها فيقول (الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا). – وفي قوله تعالى “يمحو الله ما يشاء ويثبت” (الرعد 39) يقول الإمام (وهل يمحو الله إلا ما كان ثابتا. وهل يثبت الله إلا ما لم يكن) ويقول (لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه) وإنما يقصد استجابة الله لدعاء العباد. وفي ذلك قوله (ما عظم الله بشئ مثل البداء).

ويستطرد المؤلف الجندي عن الحوار القرآني مع الإمام الصادق قائلا: ويسأله عمرو بن عبيد عن الكبائر (من كتاب الله). فيسردها، ويضع في جوار كل كبيرة النص عليها من الكتاب العزيز فهي: الشرك: “إن الله لا يغفر أن يشرك به” (النساء 48) اليأس من روح الله: “لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون” (يوسف 87). عقوق الوالدين: “وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا” (مريم 32). قتل النفس: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها” (النساء 93) قذف المحصنات: “إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة” (النور 23). أكل مال اليتيم: “إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا” (النساء 10). أكل الربا: “الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس” (البقرة 275). الفرار من الزحف: “ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير” (الانفال 16). السحر: “ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق” (البقرة 102). الزنا: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” (الاسراء 32). اليمين الغموس: “إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم” (ال عمران 77). الغلول: “ومن يغلل يأت مما غل يوم القيامة” (ال عمران 161). منع الزكاة: “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم” (التوبة 34). كتمان الشهادة: “ومن يكتمها فإنه آثم قلبه” (البقرة 283). شهادة الزور: “والذين لا يشهدون الزور” (الفرقان 72). نقض العهد وقطيعة الرحم: “الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون” (البقرة 27). كفران النعمة: “ولئن كفرتم إن عذابي لشديد” (ابراهيم 7). نحس الكيل: “ويل للمطففين” (المطففين 1). وترك الصلاة: “…” واللواط: “…” وقول الزور: “…” وشرب الخمر: “…” والبدعة: “…”. 

وعن علم الإمام الصادق عليه السلام يقول عبد الحليم الجندي: – ومن علم الإمام جعفر بالقرآن أخذ القراءات عليه حمزة بن حبيب التيمي. وفيها مد وإطالة وسكت على الساكن قبل الهمز. – وفي صفات الله يقول الإمام لعبد الملك بن أعين (تعالى الله الذي “ليس كمثله شئ وهو السميع البصير” (الشورى 11). تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون لله بخلقه. إنا المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفى ولا تشبيه. هو الله الثابت الموجود). ويقول لمن سأله هل رأى رسول الله ربه (نعم لقد رآه بقلبه – أما ربنا جل جلاله فلا تدركه أبصار الناظرين ولا تحيط به أسماع السامعين). وسأله الأعمش شيخ المحدثين عن مكان الله فقال: (لو كان في مكان لكان محدثا). ولما سئل عن استوائه على العرش قال: (إنه يعنى أنه لا شئ أقرب إليه من شئ). سئل عن قوله تعالى “وسع كرسيه السماوات والأرض” (البقرة 255) فقال (العرش في وجه هو جملة الخلق والكرسي وعاؤه. وفي وجه آخر هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه. والكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا من أنبيائه ورسله وحججه). وسئل عن قوله تعالى: “وكان عرشه على الماء” (هود 7) وقول البعض إن العرش كان على الماء والرب فوقه ؟ فأجاب (كذبوا من زعم هذا فقد صير الله محمولا، ووصفه بصفة المخلوق ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه). وواضح من ذلك نهى الإمام عن التجسيد والتشبيه وتصحيحه أفهام تلاميذه. كيوم جاءه يونس بن ظبيان يقول: إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما. يزعم أن الله تعالى جسم قال الإمام (ويله أما علم أن الجسم محدود متناه. فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان. فإذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقا). – وواضح منحى الإمام في الاحتجاج بنظام الكون، ونظام الجسم الإنساني، وبالعقل وهو درس من جده على يلفت النظر إلى بديع صنع المبدع جل جلاله. وفي ذلك قول على: أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر؟ يجئ الإمام رجل من أهل مصر أوصى أخوه للكعبة بجارية مغنية فارهة كانت له فقيل له ادفعها إلى بنى شيبة (وفيهم سدانة الكعبة). واختلف الناس في أداء الوصية. وأخيرا أشاروا عليه أن يأتي الإمام. قال الإمام (إن الكعبة لا تأكل ولا تشرب وما أهدى إليها فهو لزوارها. فبع الجارية وناد: هل من محتاج؟ فإذا أتوك فسل عنهم وأعطهم). – ويسأل عن القضاء والقدر فيجيب (هو أمر بين أمرين: لا جبر ولا تفويض) ويحسم القضية بين الجبرية والقدرية فيقول (ما من قبض ولا بسط إلا لله فيه مشيئة ورضاء وابتلاء). يسأل عن الجبر والتفويض جعلت فداك. أجبر الله العباد على المعاصي؟ فيجيب: الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها. فيقول السائل: جعلت فداك ففوض إليهم؟ فيجيبه لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهى. فيقول السائل جعلت فداك فبينهما منزلة؟ فيجيب (نعم. ما بين السماء والأرض). وفي مجلس آخر يسأله السائل: وما أمر بين أمرين؟ فيجيب (مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته. فتركته. ففعل تلك المعصية. فليس، حيث لم يقبل منك فتركته، كنت أنت الذي أمرته بالمعصية). ويقول لسائل آخر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله. ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه. ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله. ومن كذب على الله أدخله النار). ويقول (إن الله أراد منا شيئا. وأراد بنا شيئا. وما أراده منا أظهره لنا. فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *