الكاتب : الدكتور ابو عبد الدليمي
—————————————
أسفي عليك يا عراق… حين يصبح السمك المسكوف رمزاً للتطور!
بقلم: د. أبو عبد الدليمي
في زمن اختلطت فيه المعايير، وضاعت فيه البوصلة الوطنية، يخرج علينا أحد زعماء الدين والسياسة في العراق، السيد عمار الحكيم، وهو يبشر الأمة العربية بتطور العراق الجديد، لا من خلال إقامة مشاريع استراتيجية أو تحولات اقتصادية أو استقرار سياسي وأمني… بل من خلال دعوة القادة العرب إلى مشاهدة “منجزات العراق” في شارع المطار، والكتب المعروضة في شارع المتنبي، وتذوق السمك المسكوف!
لنا أن نسأل، وبصوت العراقي الجريح:
أين المصانع يا عمار الحكيم؟
أين المدن الصناعية والمشاريع الإنتاجية؟
أين المستشفيات التي تليق بكرامة الإنسان؟
أين المدارس التي تُربي أجيالاً لا تُهان في صفوف منسية؟
أين الكهرباء التي طال انتظارها؟
أين الاستقلال الاقتصادي، والسيادة السياسية، والهيبة الوطنية؟
هل بلغ بكم الانفصال عن الواقع أن تحسبوا تبليط شارع ووجبة غذائية إنجازاً قومياً؟
بينما تنشغل دول الجوار، كالسعودية، برسم ملامح المستقبل عبر مشاريع للطاقة النووية، وربط اقتصادي إقليمي عابر للقارات، وتفاوض إيران على مكانتها في النظام العالمي، نجد بعض قادتنا منشغلين بمظاهر سطحية، لا تعكس إلا استخفافاً بعقول العراقيين ومعاناتهم.
إن شارع المتنبي جميل، وتاريخ بغداد عريق، والمطبخ العراقي زاخر بالنكهات، لكن نهضة الأوطان لا تُقاس بجمال المطاعم، بل بكرامة الإنسان، وبنية الدولة، وقوة الاقتصاد، وعدالة القانون.
المشكلة ليست في شارع المطار، بل في تلك العقول التي تظن أن زخرفة الطرقات ستوهم العالم بأن العراق بخير.
أسفي عليك يا عراق…
تُباع كرامتك ببلاط شارع، وتُعرض عظمتك في مكتبة مستعملة، ويُدعى العالم لتذوق مطبخك، بينما أبناؤك لا يجدون ما يقتاتونه، ولا ما يُضيء ليلهم.
العراق لن ينهض بالخطابات ولا بالدعاية، بل بمحاسبة الفاسدين، وبناء مؤسسات الدولة، وصناعة قرار مستقل نابع من إرادة الشعب لا من وصاية الخارج.