الذكرى العاشرة لدماء الشهداء الخمسة الطاهرة من آل الجنيد حماه البحر ومنارات المندب نصرةً لغزة

عدنان عبدالله الجنيد

المقدمة: 

منَ الصراري شَعَّتْ دماءُ آلِ الجنيد… خمسُ مناراتٍ أضاءتْ بابَ المندبِ وحرّرتِ البحرَ الأحمرَ نُصرةً لغزّة وعِزَّةً للعروبة دماءٌ تضيءُ مناراتِ البحرِ والنصر.

يا لعظمةِ الدمِ حينَ يكتُبُ التاريخَ بمدادِ الفداء… ويا لخلودِ الشهداءِ حينَ يغدونَ منائرَ تُضيءُ دروبَ الأحرارِ في زمنِ الظلام!

من الصراري… من تلك التربةِ الطاهرةِ المغموسةِ بمدادِ الأئمةِ الأطهار، والواقعةِ على ذؤابةِ جبلِ صَبَر الأشمّ، شقّت دماءُ آلِ الجنيد مسارَها كنهرٍ قُدسيّ، لتُغرقَ الاستكبارَ، وتُضيءَ بابَ المندب، وتنسجَ على ضفّاتِ البحرِ الأحمرِ رايةَ العروبةِ الحُرّة، وتُبعثَ من دمائهم نبوءاتُ النصرِ لفلسطين.

في هذه الذكرى العاشرة الخالدة، نُحيي ملحمةَ الشهادةِ والفداء التي سَطّرها خمسةٌ من أعلامِ آل الجنيد، نَقشوا أسماءهم في صُلبِ الذاكرةِ اليمنية، وارتقوا إلى اللهِ شهداءَ أبرارًا في قرية الصراري الصامدة، التي كانت وما تزال رمزًا للموقفِ الثابت والعقيدةِ الصلبة في وجهِ التكفيرِ والحصارِ والتنكيل.

في زمنِ الازدحامِ بالهزائمِ والخنوع، وفي شهرٍ حرامٍ يُعظّمُ اللهُ فيه الدماء، أُزهقت أرواحُ خمسةٍ من خِيَارِ أهلِ اليمنِ، شهداءٌ سَقوا بأوردتِهم نخيلَ المقاومة، فأنبتت الأرضُ مناراتٍ خمسًا تهدي الأحرارَ في زمنِ التيهِ والتيئيس. 

دماءٌ لم تكن جراحًا عابرة، بل كانت نيازكَ وعيٍ تَسقطُ على خرائطِ التخاذلِ العربي، فتوقظُ فيها ما مات.

لقد سالت دماؤهم الطاهرة على ثرى الصراري وهم يتشبّثون بثباتهم، لا يبيعون دينهم، ولا يُساومون على كرامتهم، ولا يُلقون البصائر في مزادِ الحياة الرخيصة… فأضاؤوا بنورهم عتمةَ التاريخ، وأثبتوا أن آل الجنيد ليسوا سلالة حبرٍ وقلمٍ فقط، بل سلالة دمٍ وجهادٍ وموقفٍ لا ينحني.

إنهم:

القاضي فؤاد عبدالله سرور الجنيد “أبو عبدالله”: باب القضاءِ وصوتُ الحق، ساحةَ العدلِ ،  وأبى إلا أن يُختمَ عمرهُ شهيدًا في ميدان الجهاد ،وساحةِالمواجهة حامل اللواء ومنار الدعوة ،ووقف بصلابة المؤمن الصادق ،وثبات الأسم الصابر.

الشيخ نبيل إبراهيم محمد عبدالمعطي الجنيد “أبو مطهر”: حاملُ الرايةِ الإيمانية، وبصيرُ الدعوة، وقف في وجه الجريمةِ بصلابة المؤمنين الصادقين.

القاضي زيد يحيى عبدالحميد الجنيد “أبو يحيى”:  ولسانُ الحق ،وسليل الحكمة ، نذر روحهُ دوباً عن حُرمةِ الأرضِ والناس والدين.

الضابط محمد عبدالله سرور أحمد الجنيد “أبو شهيد”: ااشهيد الضابط جندي العقيدة ، وبطلُ المواقف  جمعَ بين النظامِ والجهاد، والشرف والبندقية، فكان شهيدًا كما أراد.

المهندس مبارك محمد علي سيف الجنيد “أبو علي”: الشهيد المهندس مهندس التكتيك،ومشير  البناءِ والمبدأ، شيّد المواقفَ كما يُشيّد الأساسات، وبقي شامخًا حتى لحظةِ الرحيل الكبير.

خمسةُ شهداءٍ أهل الدماء كالخمسةُ أهلِ الكساءِ: محمدٌ، وعليّ، وفاطمةُ، والحسنُ، والحسينُ عليهم السلام.

وكأنّ لآلِ الجنيد في ذُرى صبرٍ نفحةً من تلك العترةِ النبويةِ المصطفاة.

من مجمع الولي محمد بن عبدالرحمن الحضرمي الملقب بـ”جمال الدين”، الجدّ الجامع لآل الجنيد، ومسجده، الحاضنِ للمسيرةِ القرآنيةِ، والمُحتَفي بانتصاراتِ تموزِ والسيدِ نصر الله، انبثقت شعلةُ الوعي في الصراري، وارتفعت الصرخة في وجه المستكبرين حين أقدم سفيرُ المسيرة القرآنية الشهيد عبدالخالق الجرادي رضوان الله عليه ،حتى وصفتها الأبواقُ المعاديةُ بأنها “مرانُ تعز”، لا لأنّها قلعةٌ عسكرية، بل لأنها حصنُ الفكرِ والولاء، ومَنبعُ الفقهِ المقاوم، ومدرسةُ التكوينِ الجهاديِّ الراسخ.

هذه ليست أسماءً عابرة، بل أعمدةُ تاريخٍ حيّ، ومصابيحُ هدى لنهجٍ ما زال يسطعُ في قلوب المجاهدين.

في هذه الصفحات القادمة، نَسردُ لكَ فصولًا من سيرةِ أسرةٍ حملتِ الفكر، وسَطرتِ الفداء، وجعلت من دمها وثيقةً تُقرأ في محرابِ الوطن والإيمان…

فلأرواحهم السَّلام، ولذكراهم المجد، وعلى دربهم نمضي، لا نميل.

المنارات الخمس: مشاعلُ الدمِ المقاوم من الصراري.

المنارة الأولى:

 الشهداءُ الخمسة في الصراري… مَن صاغوا المجدَ بدمائهم وأوقفوا زحفَ الطغيان

في صباحٍ أحمرٍ بلونِ العزِّ والخلود، سُطِّرت أعظمُ الملاحمِ في قريةِ الصراري، حيث ارتقى خمسةُ شهداءَ من آلِ الجنيد، كانوا على موعدٍ مع القدر، فاختارهم الله ليكونوا أولَ من يصعدون سُلَّمَ الخلودِ في مواجهةِ المشروعِ التكفيريِّ المدعومِ من الصهيوأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *