مجزرة سبايكر.. ليست فقط جريمة العصر.. هي اكبر من ذلك بكثير..!

انتصار الماهود

المكان .. تكريت القصور الرئاسية
الزمان .. حزيران 2014
الحدث .. قتل أكثر من 1700 طالب شيعي

الجهة التي نفذت البو عجيل والتكارتة والعشائر الموالية لصدام المجرم

السبب الظاهر .. تحرير العراق من حكم الروافض
السبب الحقيقي .. انتقاما لجرذ كان يسكن الحفر

وكلا السببين قبيح …

في أعقاب سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش الإرهابي، اجتاح مسلحو التنظيم مدينة تكريت، حيث تقع قاعدة “سبايكر” الجوية. كان في القاعدة المئات من طلاب القوة الجوية، معظمهم من مناطق جنوب العراق. تم أسرهم من داخل القاعدة بعد انسحاب القوات الأمنية بشكل مثير للشبهات، وتسليم الجنود من دون قتال يُذكر. اقتيد الشبان، عُزّل من السلاح، إلى القصور الرئاسية ومناطق مختلفة من محافظة صلاح الدين، وهناك بدأت مجزرة مروعة: إعدامات جماعية، رمي في النهر، دفن في مقابر جماعية، وتصوير علني للقتل بكل وحشية.

سبايكر لم تكن جريمة قتل عادية بل كانت إبادة جماعية مبنية على الهوية الطائفية. سأل المسلحون ضحاياهم عن أسمائهم ومناطقهم وانتماءاتهم، ومن كان ينتمي لمذهب معين كان مصيره الذبح أو الإعدام المباشر. في ذلك اليوم، لم تُنتهك فقط حياة شبابٍ في عمر الزهور، بل تم تمزيق النسيج الوطني، واستخدام الطائفية كسلاح فتّاك لتفكيك الدولة.

تجلت تلك الجريمة بعدة ابعاد منها ::

1. البعد الإنساني والأخلاقي

أن هذه الجريمة تمثل انهياراً كاملاً للضمير الإنساني، فهؤلاء الشباب لم يكونوا يحملون سلاحاً، ولم تكن هناك معركة، بل وقعوا ضحية غدر وخيانة، ثم ذُبحوا بوحشية، ودُفنوا في مقابر جماعية أو رُموا في نهر دجلة، في مشهد لا يمكن وصفه إلا بأنه عار على الإنسانية.

2. البعد الوطني

سبايكر جريمة ضد طائفة تمثل وطن وهي طائفة قدمت الكثير للعراق وهؤلاء الضحايا كانوا عراقيين معظمهم من المحافظات الجنوبية والتي تمثل رمزاً للوحدة ورفض الظلم والدفاع عن الحق و الصمت أو التهاون في حقهم هو تواطؤ. وعلى الدولة أن تحفظ دماءهم عبر محاسبة القتلة، ومن ساندهم، ومن تسبب بسقوط الموصل وما تلاها من أحداث.

3. سياسياً وأمنياً

الجريمة كشفت فشلاً سياسياً واستخباراتياً وأمنياً. لا يمكن أن تقع مجزرة بهذا الحجم في قاعدة عسكرية إلا في ظل تراخٍ أو تواطؤ داخلي لذلك فإن جريمة سبايكر ليست فقط جريمة داعش، بل تتحمل مسؤوليتها أطراف متعددة داخل المنظومة السياسية والعسكرية آنذاك، ويجب أن تُفتح ملفات التحقيق من جديد وبجدية.

4. البعد الإعلامي

لم تأخذ الجريمة حقها الكافي في التغطية العربية والدولية، والسبب يعود إلى التوجهات الطائفية لبعض وسائل الإعلام، التي تجاهلت المجزرة لأن غالبية ضحاياها من الشيعة. هذا التجاهل أساء كثيراً للعدالة، ويُعتبر تواطؤاً ضمنياً مع القتلة ودفاعا عنهم

5. البعد المتعلق بالذاكرة والعدالة

من الواجب الوطني والإنساني أن تبقى جريمة سبايكر في الذاكرة الجماعية. يجب أن تُدرّس في المناهج، وتُخلّد في النصب التذكارية، ويُلاحق مرتكبوها، ويُعاقب كل من تستر أو حاول التقليل من شأنها.

مجزرة سبايكر ليست جرحاً طائفياً، بل جرح وطني وإنساني. دماؤهم لا تخص طائفة دون أخرى، بل تخص العراق كلّه. إن نسيانهم خيانة، والتقليل من شأن ما جرى طمس للحقيقة. يجب أن تُوثّق هذه الجريمة في الذاكرة العراقية، وفي المناهج، وفي الإعلام، وفي كل وجدان حر.سبايكر ليست مجرد اسم لقاعدة عسكرية، بل صرخة في وجه الظلم، ورسالة بأن دم الأبرياء يجب أن يكون نقطة تحوّل، لا مجرد ذكرى سنوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *