ازدواجية المعايير من غزة إلى طهران: حين يصبح القاتل مُبررًا والمقاوم مُدانًا..!

حسن العامري

تكرر مشاهد العدوان في منطقتنا، وتتجدد المآسي تحت غطاء الصمت الدولي المطبق، وازدواجية المعايير الصارخة، التي تتعاطى مع حقوق الشعوب في الحياة والدفاع عن النفس بمنطق اللتحالفات والتقاربات السياسية لا المواثيق الدولية.

ففي فلسطين، وعلى وجه الخصوص في قطاع غزة، لطالما بررت القوى الغربية – وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية – ما ترتكبه إسرائيل من مجازر بحق المدنيين، تحت شعار “الرد على الهجمات”. أو حق الدفاع عن الوجود وكأن الشعب الفلسطيني، الذي يخضع للاحتلال والحصار والتجويع منذ عقود، لا يملك الحق في مقاومة محتله، ولا في الدفاع عن وجوده على أرضه.

واليوم، ومع غدر العدوان الإسرائيلي على إيران، الذي استهدف قادة وعلماء واستهدف شعب أمن ومرافق مدنية ومنشآت سيادية، يتكرر المشهد ذاته، حيث يغيب أي موقف دولي حازم بل يختبئ القانون الدولي خجلا، وتُمنح إسرائيل مرة أخرى غطاءً سياسياً وعسكرياً لتوسيع اعتداءاتها خارج حدودها، دون مساءلة أو إدانة حقيقية. لتثبت للعالم أن القانون هو مجرد كلمات لاتعنى بها وقد كتبت لغيرها !!

إن الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي والداعم الأكبر لإسرائيل، تتحمل مسؤولية مباشرة في زعزعة الاستقرار الإقليمي، بدءًا من تأجيج الصراعات في المنطقة وإيجاد ما يسمى بالقوى الإرهابية في المنطقة كداعش وتمكين النصره والجيش الحر من حكم سوريا، مرورًا بدعم الانظمة الاستبدادية، وصولاً إلى تسليح الكيان الإسرائيلي وتوفير الحماية له في المحافل الدولية. وهي سياسة ثابتة تؤكد أن واشنطن لم تكن يومًا وسيطًا نزيهًا أو راعيًا للسلام، بل كانت وما زالت جزءًا من منظومة التغذية المستمرة للنزاعات.ان لم تكن هي لوحدها من يختلق ما يقوض الاستقرار في المنطقه لمصالحها الخاصة ،

والأخطر من ذلك، أن بعض الأنظمة العربية، التي يُفترض بها أن تكون جزءًا من الموقف الإسلامي والعربي الجامع ضد العدوان، انزلقت في مستنقع التطبيع السياسي والأمني بدوافع الحقد الطائفي الذي أعمالها وانساها أن الدائرة لابد دائرة عليهم ، بل وتماهت مع الموقف الصهيوني في تبرير العدوان، سواء بالصمت، أو عبر مواقف رسمية تشرعن الاحتلال وتدين المقاومة، ما يمثل خروجًا سافرًا عن مبادئ العدل والكرامة، وخيانة واضحة لنبض شعوبها. ان لم تكن أيديولوجيا الشعوب قد تحولت لما هو اسوء من مواقف حكوماتها لذات الأسباب الطائفيه السوداء ..

إن ما تشهده المنطقة ليس مجرد مواجهات متفرقة، بل هو صراع بين مشروعين: مشروع مقاومة ابيض يطالب بالحق، ويدافع عن الكرامة والسيادة، ومشروع هيمنة اسود يسعى لإبقاء المنطقة في حالة تفكك وتبعية.

وفي ضوء هذه الحقائق، فإن ما يُمنح لإسرائيل من شرعية العدوان، يجب أن يُمنح لغيرها من الدول في حق الدفاع عن النفس. وإن كانت “الشرعية الدولية” تبيح لإسرائيل أن تدمر غزة بذريعة أمنها، فمن باب أولى أن يكون من حق إيران أن ترد على من يستهدف أمنها وسيادتها، وفقًا للحق المشروع الذي تكفله القوانين الدولية.

وفي النهاية، ستبقى الشعوب أصدق من حكامها، وأقوى من حملات التضليل. ولقد أفرزت ضروف المنطقة أن الواقع قد انشطر إلى مشروعين أحدها مشروع الخير الذي يساوي الجميع بالحق والحقوق ، والآخر هو مشروع الشر المطلق الذي يميز بين الناس ،وهذا ما تجسد مع الاسف لدى المدعين وبعض رافعين الشعارات الدينية والوطنية الكاذبة ،وسيسجل التاريخ من وقف في صف العدالة، ومن اصطف إلى جانب القتلة.