جليل هاشم البكاء
لم يكن صدام حسين يوماً رجل دولة، بل كان أقرب إلى مهرّج مأجور في سيرك دولي قذر، اختار الغرب والعرب أن يلعبوا فيه دور الضحية المأجورة والحاكم الأحمق في آن واحد. الرجل الذي دخل قصور الحكم على دبابة أمريكية الصنع، وخرج منها مختبئاً في حفرة لا تسكنها حتى الفئران، وإنه يستحق أن يكون رمزا للوضاعة!
فأي وضيع هذا الذي يبدأ بالقصور وينتهي بالحفر؟ لا غرابة، فهذا حال الطغاة حين تسحب عنهم الأضواء وتنكشف عوراتهم أمام العالم. صدام، الذي تحوّل اسمه إلى نكتة يتندر بها الشرفاء أجبن من صدام، وأحمق من صدام، لم يُعرف عنه إلا خيانة شعبه، وتبديد ثرواته، وبيع كرامة بلده على موائد السياسة الدولية.
لقد ورّطه الغرب ومعه أشباه الزعماء العرب بحروب عبثية، لا للعراق فيها منفعة لو انتصر، فكيف وقد خسرها جميعاً؟ حروب دفع فيها أبناء العراق دماءهم، وخيراته أُحرقت، وأرضه تحولت إلى مسرح لمعارك لا ناقة للعراق فيها ولا جمل، إلا أن يكون حطبها وقوداً لمصالح من صنعوه ووظفوه.
والمفارقة الأشد إيلاماً، أنه بعد كل تلك الإنجازات، اعتقلوه وجعلوه يخدم جنود الاحتلال في القصور ذاتها التي كان يتفاخر بأنها منجزاته الوطنية، يمسح بلاطها، وينظف زجاجها، وكأنه عامل نظافة لا أكثر، في مشهد يتقنه التاريخ جيداً حين يقرر السخرية من الطغاة.
الدينار العراقي، الذي كان يعادل أكثر من ثلاثة دولارات، سحقه صدام بسياساته الرعناء حتى صار الدولار الواحد يساوي أكثر من 1500 دينار، انهيار اقتصادي لا نظير له، يقابله صعود صاروخي لثروات المنتفعين من بطانته، وفرق موسيقية وكتاب وإعلاميين باعوا أقلامهم لتلميع صورته القبيحة، أما الشيكات البيضاء فكانت تُرسل بلا حساب لسياسيين ومنظمات عربية وغربية خارج العراق، تحت شعار كاذب: العراق يقود الأمة!
ومَن ينسى مجاهدي خلق ومنظمة تحرير الأحواز؟ تلك الأدوات المستأجرة، التي كانت تُموّل بملايين الدولارات شهرياً، حتى صار قادتها من الأثرياء وأصحاب الأملاك في أوروبا وأمريكا، بينما العراقي البسيط يبحث عن لقمة عيش في وطنه المنهوب.
صدام، الذي بدأ رحلته السياسية بوعود العظمة والاستقلال، أنهى حياته السياسية في حفرة يتجنّبها حتى الجرذان. وبين القصور والحفرة، حكاية شعب ذُبح على موائد الطغيان، وثروات ضاعت بين أيدي اللصوص، وبلدٌ لا يزال يدفع فاتورة حماقة طاغية لم يعرف الفرق بين الحكم وإدمان السلطة.
ملاحظة … منظمة تحرير الأحواز الشعبية اسست من قبل المخابرات العراقية بداية عام ١٩٨٠ في بغداد، وبعد عام ٢٠٠٣ هرب وتحول قادتها إلى تجار وأصحاب عقارات في الدول العربية والغربية، وصلت ثروة خمسة منهم إلى مليارات الدولارات، وقد كانوا يتجارون قبل ذلك بدماء العراقين والايرانين، وبالخصوص من عرب ايران، بشعارات كانت تسوق للمغفلين.