التنافس غير الشريف آفة البصرة والعراق الكبرى..!

اياد الامارة

من بين جميع المشاكل التي تنهش جسد العراق، وتحديداً محافظة البصرة، تبرز مشكلة جوهرية تكاد تكون الجذر الأساس لمجمل الإخفاقات والانهيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إنها مشكلة:
“التنافس غير الشريف”
بين الأفراد والجماعات، بين الكيانات السياسية وحتى داخل المؤسسة الواحدة!

في البصرة، هذه المدينة الغنية بثرواتها، مُـثقلة بوجود عقليات محلية وأُخرى مركزية طامعة بالبصرة تشتغل بمنطق الإقصاء والتسقيط لا بمنطق البناء والتكامل!
يُـراد للكفاءات أن تُـهمّش لأن فلانًا لا يريد أن يرى نجاح غيره، ويسعى لتعطيل المشاريع لأن الجهة المنفذة “لا تتبعنا”!
والمبادرات تُـطفأ لأن من أطلقها ليس من “شلتنا”!
في البصرة -كما في العراق- لا يُـنافسون من أجل النجاح، بل من أجل إفشال الآخر حتى لو احترقت المدينة بأكملها أو العراق بأكمله.

إن التنافس الشريف هو روح التقدم ..
أما التنافس غير الشريف، فهو:
روح الفشل ..
ويبدو أن هذا النوع من التنافس قد تحوّل إلى ثقافة عامة، يتربى عليها البعض ويعتاش منها كثيرون!
لقد أصبح السعي لإفشال الآخر وسرقة منجزه وتهميش حضوره، أكثر أهمية عند البعض من تقديم خدمة حقيقية للناس.

وفي السياسة، الكارثة أكبر ..
القوى السياسية التي يُـفترض أنها شُـكلت لخدمة الشعب، جعلت -بعضها- من السلطة غاية لا وسيلة، وتحولت إلى أدوات صراع دموي ناعم وخشن، يسقط فيه الأبرياء وتُـهدر فيه ثروات الوطن.

البصرة اليوم، تحتاج إلى مشاريع وخدمات أكثر بكثير من ما هو هو موجود فعلاً، وقد تتحقق هذه المشاريع وتتحول مدينتنا إلى قبلة عراقية وهي تسير بهذا الطريق الآن، لكنها تحتاج أيضاً إلى:
١- “نوايا نقية”، من الجميع.
٢- إلى قيادات تؤمن بالمدينة وتقدمها وإستقرارها، لا بالمكاسب الحزبية أو الشخصية.
٣- إلى مَـن يفهم أن البناء والإعمار إن تحقق فسيكون تقدماً للجميع وليس لطرف واحد.
٤- وتحتاج إلى مَـن يؤمن ويسعى جاهداً للحفاظ على أمن المدينة وإستقرارها، وعدم الدخول بمماحكات قد تُـدخل البصرة في أتون صراعات لا تُـحمد عقباها وبالتالي سيخسر الجميع وأكبر الخاسرين هو المواطن البصري.

أما العراق، فإن نجاته مرهونة بقدرة أبنائه على تجاوز هذا النمط المدمر من التنافس، والعودة إلى أصل القيم التي قامت عليها الحضارات:
١- العدل.
٢- النزاهة.
٣- والتكامل.

وأقول: إن استمر التنافس غير الشريف على ما هو عليه الآن، فإن لا مشروع سينجح، ولا وطن سينهض، وستظل البصرة والعراق محكومين بدوامة من الصراعات الصغيرة التي تمنع الإنجازات الكبيرة.
وما لم نكسر هذه الدائرة، فكل حديث عن الإنجاز ليس إلا ترفاً لغوياً.

٢٣ تـمـوز ٢٠٢٥
تابعونا على قناة التلگرام الخاصة