المصدر: “أ ف ب”
ما زال #صدام حسين، بعد 20 عاماً على إسقاط نظامه، زعيماً محبوباً ويحظى بشعبية في الأردن وصوره منتشرة حتى كملصقات للسيارات أو أغطية للهواتف المحمولة.
وبينما اختفت الرموز والصور المرتبطة بفترة حكمه من الحياة العامة في #العراق، ما زالت صور الرئيس الراحل منتشرة في الأردن.
في 20 آذار 2003، أعلن الرئيس الأميركي حينها جورج بوش انطلاق عملية سماها “عملية حرية العراق”، ونشر نحو 150 ألف جندي أميركي و40 ألف جندي بريطاني في العراق، بحجة وجود أسلحة دمار شامل لم يتمّ العثور عليها يوماً.
وبعد ثلاثة أسابيع ظهر صدام في 9 نيسان متجولاً في منطقة الأعظمية في بغداد وحوله عشرات العراقيين يهتفون له، قبل ساعات من إعلان سقوط بغداد ونظامه.
وتوارى عقب ذلك ثمانية أشهر قبل أن يعثر عليه الجيش الأميركي، ويحاكم ثم يُعدم في كانون الأول 2006.
يذكر معظم الأردنيين باعتزاز صدام لمواقفه القومية ومقاومته تدخل الغرب في منطقة الشرق الأوسط، والأهم دعمه للقضية الفلسطينية، بينما لا يعرف معظمهم رؤساء العراق بعده.
ويقول النائب البارز خليل عطية لـ”فرانس برس”، إن “عشرات آلاف الاردنيين تخرجوا من جامعات عراقية في شتى المجالات في عهد صدام بمنح دراسية مجانية”.
ويضيف أن صدام “دعم الانتفاضة وكان يدفع لعائلة الشهيد الفلسطيني 25 ألف دولار ويعيد بناء بيته إذا هدمه العدو (إسرائيل)”.
وبحسب عطية كان صدام “يمنح الأسير والجريح 10 آلاف دولار، ويتكفل بعلاج الجرحى في مستشفيات الأردن”، كما كان يمنح الأردن كميات من النفط مجاناً وأخرى بأسعار تفضيلية.
ولذلك يرى أنه من الطبيعي أن “يعشقه الأردنيون وألا ينسوه وأن يرفعوا صوره وفاء منهم لهذا القائد البطل”.
درس عشرات آلاف الفلسطينيين والأردنيين في جامعات العراق مجاناً، حين كان التعليم متقدماً ويحظى بتمويل جيد.
ويقول سلامة البلوي (67 عاماً)، الذي ارتدى كوفية حمراء وحمل أوراقا نقدية مختلفة من تلك الحقبة، إن “صدام كان رجلاً عربياً شريفاً ونزيهاً مواقفه مشرفة”.
وأضاف الأردني الأسمر الذي كان يعمل مقاولاً وزار بغداد في الثمانينات “رغم الحرب مع إيران كان العراق بلد خيرات، أما بعد صدام فنهبه الفاسدون”.
قال رئيس وزراء العراق السابق مصطفى الكاظمي الشهر الماضي في مقابلة تلفزيونية إنه “منذ عام 2003 الأموال التي هُدرت تفوق 600 مليار دولار”.
وأضاف أن تلك الأموال ذهبت إلى “الفاسدين وأطراف في السلطة وبعضها تم المحاصصة فيها بين الأطراف السياسية وأصحاب النفوذ” وأخرى هُربت للخارج.
وتصنف منظمة الشفافية الدولية، المعنية بمراقبة الفساد، العراق اليوم ضمن 25 دولة هي الأكثر فساداً في العالم.
“كلنا نحبه، العراق انتهى بعده”
يقول شاهر أبو شرخ (67 عاماً)، الذي يبيع زينة الموبايل في محل صغير وسط عمان “أي أردني يعلم أن صدام حسين قائد شجاع، عروبي وقومي دافع عن قضاياً العرب ببسالة. كلنا نحبه”.
وأضاف وهو يحمل أغطية موبايل تحمل صور صدام “ما حدث ليس سقوط نظام صدام، بل سقوط العراق. للأسف العراق انتهى بعد صدام ودمر بشكل ممنهج”.
ورأى أن “معظم العراقيين الآن عرفوا قيمة صدام، وهيبة وكرامة العراق في عهده”.
أما السبعيني زهير العملة الذي يبيع الكتب القديمة في الساحة الهاشمية في عمان فيقول “العراق كان منارة للعلم وبلاد خير وعز”.
وأضاف “للأسف لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه لأنه يفتقد إلى قائد. فالموجودون الآن طائفيون وعملاء لإيران”.
دشن الغزو الأميركي أسوأ مراحل العنف في تاريخ العراق ابتداء من الاقتتال الطائفي، واجتثاث البعث، والأعمال الإنتقامية لميليشات شيعية استغلت السلطة، ووصولاً إلى هيمنة تنظيم الدولة الاسلامية.
وفي أغلب الأحيان كان المنخرطون في العنف من تلك المليشيات من معارضي صدام، منتمين لأحزاب محافظة وإسلامية. وكانوا قد لجأوا لفترة طويلة إلى إيران وبعضهم حارب معها ضد بلدهم في الثمانينيات.
ومنذ عام 2003 وحتى عام 2011، تاريخ انسحاب القوات الأميركية من العراق، قتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي، وفق منظمة “ضحايا حرب العراق”. في المقابل، فقدت الولايات المتحدة قرابة 4500 عنصر في العراق.
ورغم أن العراق بلد غني بالنفط، لا زال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليوناً يعيشون في الفقر ومستويات مرتفعة للبطالة.
“زعيم عربي، وقائد منقذ”
يقول عطية إن “السبب الأساسي لعشق الأردنيين لصدام هو انه مثل لهم بطلاً وقائداً منقذاً، كان صاحب مشروع للنهوض بالأمة العربية”.
وأضاف أن “صدام حافظ على وحدة العراق، وجعله منارة للعلم والصحة والصناعة”.
كما أنه “الزعيم العربي الوحيد الذي أقام قاعدة تصنيع عسكري من الطلقة حتى الصاروخ، وقصف الكيان الصهيوني (إسرائيل) ب39 صاروخاً من صنع العراق”.
بعد إعلان واشنطن إطلاق عملية “عاصفة الصحراء” ضد العراق عام 1991، قام الأخير بالرد بقصف مدن إسرائيلية بالصواريخ.
ويقول أنس النحاس (19 عاماً)، وهو يرتب عدداً من أغطية الموبايل التي تحمل صوراً مختلفة للرئيس العراقي الراحل “صدام حسين صقر العرب، لو كان حياً لكانت أمور كثيرة لم تحصل”.
ويشير إلى “تجرؤ الاحتلال (إسرائيل) على أهلنا في فلسطين لدرجات فظيعة، وسقوط الأنظمة، والحرب في سوريا وفي اليمن، والهوان والذل الذي يعيشه العرب حالياً”.
من جهته، يقول ديبلوماسي عراقي سابق عمل في سفارة العراق في عمان لسنوات طويلة، لفرانس برس إن “الشعب العربي عموماً كان ينظر للرئيس صدام كقائد للأمة والمتنفس الحقيقي والواقعي لما يريده أبناء الأمة العربية”.
وأضاف أن “العرب الآن يتمنون أن يكون هناك قائد أو أكثر يرفع صوت الأمة وينهي حالة الظلام والانكسار والتدهور والانبطاح”.