
اسم الكاتب : تقارير مترجمة بواسطة خالد العسكري
اللواء العربي مايس – تموز 1941
تمت الأطاحة بالنظام الموالي لبريطانيا في ثورة نيسان – مايس 1941 حيث استطاع الثوريون تحت قيادة رشيد عالي الكيلاني السيطرة على بغداد و تم الاعتراف على اثرها بالحكومة الجديدة من قبل الرايخ الالماني.
كان الجواب البريطاني على خلفيات هذه الثورة هو انشاء قوات تتضمن جنود هنود و استراليين و جنوب افريقين وكان اول انزال لوحدة عسكرية بريطانية في البصرة و في اثناء ذلك وضع الالمان قوة عسكرية تحت قيادة المايور (الرائد) بلومبيركَ (ابن الفيلد مارشال بلومبيركَ)، و التي تم ارسالها الى بغداد على متن طائرة نقل المانية.
البعثة العسكرية كانت مكونة من ضباط فيرماخت (الجيش الالماني) صغار السن وكان قسم منهم يستطيع تحدث اللغة العربية هذا بالاضافة لمتطوعين عرب ممن كانوا يقيمون في المانيا لعدة سنين انذاك .
وقد حملت البعثة العسكرية المتوجهة الى العراق نفس طابع و مكانة البعثة العسكرية الالمانية في اسبانيا اثناء الحرب الاهلية الاسبانية 1936-1939 (فيلق كوندور).
كان الضباط الالمان مكلفين بقيادة الاف المتطوعين العرب القادمين من البلدان المجاورة و الراغبين بمقاتلة الامبراطورية البريطانية و تحرير الاراضي العربية، لم يمتلكوا اي مخزون حقيقي من السلاح و كانوا بدون قيادة واضحة، حيث كان من المفترض من البعثة العسكرية تجهيزهم بذلك.
هبطت الطائرة في مطار بغداد حاملة الالمان، و اتضح ان قائد البعثة الرائد بلومبيركَ قتل في مقعده حينما كان ينظر من شباك الطائرة اثناء تعرضها لاطلاق نار من البدو العرب ظناً منهم ان هذه الطائرة بريطانية. لذلك اخذ الهاوبتمان (نقيب) بيركَر قيادة المهمة من تلك اللحظة، حيث استطاع العثور على متطوع عربي في الطائرة اسمه علي ” وهو طالب قانون مقيم في برلين ” والذي كان عوناً كبيراً له.
اجتمع النقيب بيركَر في بغداد مع رشيد عالي الكيلاني ومفتي القدس حيث تم تنسيق الامور حيث أن البريطانيين كانوا على بعد 800 كيلومتر يتحركون باتجاه بغداد من وجهتهم البصرة. وكان هنالك رتل متكون من 50 قارب محمل بالمؤن تتحرك باتجاه الشمال عبر نهر دجلة. كان البريطانيون يتحركون اثناء النهار فقط معتمدين على الغطاء الجوي و اثناء الليل ياخذون استراحة في مواضع دفاعية منتظرين قدوم الغطاء الجوي مرة اخرى في النهار القادم.
امر النقيب بيركَر كل الطائرات المتواجدة في مطار بغداد بالعمل تحت خدمة الجيش الالماني،كانت من ضمن هذه الطائرات طائرة ركاب امريكية تابعة لخطوط بان اميركان الجوية (الولايات المتحدة الامريكية لم تكن قد دخلت الحرب بعد). هذه الطائرات استخدمت لنقل المتطوعين و السلاح من بيروت الى بغداد، وبالتالي تم تكوين اللواء العربي تحت قيادة المانية تضمن في احسن الاحوال بين 20 الى 30 الف رجل.
كان اللواء العربي مقسماً الى مجموعتين، كُلفت أحداهما بالتوجه جنوباً الى الكوت تحت أمرة اللويتنانت (ملازم) بريشت والملازم دريسن بينما تولى النقيب بيركَر مع علي قيادة الرتل الثاني والتوجه به نحو نهر دجلة لأعتراض قوارب المؤن.
11 مايس، 1941 – بيركَر يستولي على المؤن البريطانية
كانت القوارب البريطانية ترسو على شاطئي النهر اثناء الليل كل 25 قارب منها على ضفة و كلا الضفتين تحت حماية كتيبة مكونة من جنود الامبراطورية البريطانية، حيث يقومون بتحويط المنطقة باسلاك شائكة و حمايتها. و كان هنالك ايضاً قاربان مسلحان متموضعان في وسط نهر دجلة لحماية الرتل النهري و على كل واحد منها اربعة رجال.
اما بيركر فقد قسم قواته الى ثلاث مجاميع، مجموعتين ( وهي الأكبر) على كل ضفتي النهر للتعامل مع الجنود و مجموعة اصغر تحت قيادة بيركر المباشرة وكانت مهمتها الطوف الى القوارب المسلحة باستخدام عوامات صغيرة مصنعة من قصب النهر (مشاحيف؟). الفريق استطاع التسلل تحت جنح الظلام بسرعة و السيطرة على القوارب المسلحة. توجه بيركر الى شاطيء النهر و اعطى الاشارة للمجموعات البرية بالبدء بالهجوم و خلال وقت قصير كان كل جنود الامبراطورية البريطانية هناك قد اصبحوا اما في عداد الاموات او اسرى، لم يستطع احد منهم الهرب، الاسرى الهنود تم تجنيدهم للعمل ضمن القوات العربية و الاسطول النهري اصبح الان تحت يد اللواء العربي (أرابش بريكَاده).
في النهار التالي رصدت طائرات القوة الجوية الملكية (البريطانية) الاسطول النهري متوجهاً نحو الكوت، غير منبتهة الى ان القوارب الان تحت قيادة و ادارة جديدة، وقاموا بمهمة التغطية الجوية لها كالمعتاد. بيركَر امر كل الجنود العرب ذوي بشرة بيضاء بارتداء الملابس البريطانية العسكرية والتلويح للطائرات. لكن قبل حلول الظلام بدأت الطائرات بالتصرف بغرابة. اتضح لعلي انه كان من المفترض ارسال اشارة راديوية من القوارب المسلحة للطائرات كعلامة ان كل شيء تحت السيطرة، حيث انه بدون هذه الاشارة استطاعت الطائرات اكتشاف ان الاسطول تحت قيادتهم فتركت الطائرات المكان لكنهاستعود حتماً صباحاً بمهمة جديدة.
امر بيركَر كل القوارب ان ترسو على ضفة النهر و رفع جميع صناديق السلاح و العتاد منها وتذهب بها الى سكة الحديد التي تبعد حوالي 5 اميال عنهم. بعدها قام بيركَر بالاتصال راديوياً بالملازم بريشت لكي يرسل قطاراً له من بغداد الى الكوت ليتم تحميل الصناديق فيه. المتطوعون الذين استطاعوا الوصول الى بغداد ايضاً ركبوا في القطار ذاته للذهاب الى الكوت مباشرة و تم التحرك اثناء الليل.
بعد وصول القطار لموضع اللواء العربي بدء المتطوعون العرب بالتدريب فور نزولهم. وكان هنالك الكثير من السلاح و العتاد البريطاني مكدس على الارض. حلقت 5 قاصفات بريطانية فوق نهر دجلة بعلو منخفض وبدأت بالهجوم و اغرقت قوارب المؤن (التي تم تحميل صناديق السلاح و العتاد منها). واحدة من القوارب المسلحة اغرقت بقنبلة و الاخرى اغرقت عندما اصطدمت بها قاصفة بريطانية اسقطت اثناء الغارة. و عدد من صناديق العتاد اخذتها السنة اللهب وقتل 5 من الجنود العرب اثناء محاولة مجموعة منهم تخليص اكبر عدد ممكن من الصناديق وفي هذه الاثناء اتى قطار اخر تحت امرة الرائد المصري عبدول (عبد الله؟) حاملاً رسالة مفادها ان رتلاً بريطانياً تحت امرة كَلوب باشا قادم من الحدود الاردنية. فقام بيركر بالاتصال راديوياً بالملازم كرومباين وثلاثة جنود المان معه و امرهم بتأجيل مجيئهم و دعم القوات البدوية في الانبار.
13 مايس 1941 – قاعدة الحبانية تتعرض الهجوم
قاعدة الحبانية الجوية التابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية كانت تتعرض للهجوم منذ عدة ايام من قِبل وحدات الجيش العراقي النظامي. و بالرغم من ان القاعدة كانت محاصرة استطاع البريطانيون الصمود مستخدمين طائرات مزدوجة الجناح قديمة و ايضاً طائرات تدريب حُولت الى قاصفات. لذلك لم يستطع الجيش العراقي الدخول الى القاعدة. الاختبار الحقيقي بداً عندما وصل جناح من اللوفتفافه (القوة الجوية الالمانية) الى الموصل و بداً بتنفيذ الهجمات على الفور. مع ذلك استطاعت قاعدة الحبانية الصمود. عدد الطائرات الالمانية كانت 14 طائرة من نوع ميسرشمت 110 (Messerschmitt Bf 110) القاصفة المقاتلة، 7 طائرت من نوع هاينكل 111 (Heinkel He 111) القاصفة مع العديد من طائرات الدعم. ادعى الطيارون البريطانيون انهم واجهوا مقاتلات ميسرشمت 109 (Messerschmitt Bf (109 لكن في الحقيقة لم ترسل اي واحد منها الى العراق. لاحقاً ارسل الايطاليون 12 طائرة من طراز فيات سي ار 42 فالكو (Fiat CR.42 Falco) المقاتلة و التي وصلت الى كركوك يوم 26 من مايس 1941، استخدمت تلك الطائرات فقط في الهجوم على البريطانيين في الفلوجة و لم تذهب في اي مهمة الى الحبانية.
15 مايس 1941 – المفتي يصل الى اوروك
وصل رتل من السيارات الساعة 11 صباحاً قادماً من الكوت و حاملاً معه مفتي القدس الحاج امين الحسيني. و صعد الى منصة بُنيت من صناديق العتاد التي تم الحصول عليها كغنائم من الانكَليز و اعد المهندسون الالمان مايكروفوناً و مكبر للصوت لكي يلقي خطبته للجنود العرب متحدثاً عن حرب مقدسة (جهادية) ضد الامبراطورية الانكليزية المحتلة فيما حلق سرب من الطائرات الالمانية فوقه وقام 500 جندي عربي بالاستعراض امام المنصة.
فور مغادرة المفتي بعد ذلك، وصلت اخبارية الى النقيب بيركَر مفادها ان قوة بريطانية مكونة من 2000 فرد تعسكر على مقربة من اللواء العربي بدون علمهم ان العدو قريب فمنهم لذلك خيموا بدون قيامهم بحفر خنادق او التحضير لمواضع دفاعية. لذلك امر بيركر علي و عبدول بتجهيز الجنود للقيام بهجوم على المعسكر الانكليزي. وقد سحق البريطانيون فوراً بهذا الهجوم المفاجيء، و حلقت الطائرات البريطانية بعلو منخفض فوق ارض المعركة لكن لم يبادروا بالهجوم خوفاً منهم من اصابة جنودهم عن طريق الخطأ اثناء الاشتباك و الالتحام بينهم و بين اللواء العربي.
بيركَر امر الفيلدفيبل (عريف) شفيبش ضابط الارتباط للقوة الجوية الالمانية بتوجيه الطائرات الالمانية الى سماء المعركة و خلال دقائق حلقت عدد من طائرات الميسرشمت 110 المقاتلة القاصفة فوق القاصفات البريطانية و في غضون ثواني تم اسقاط اول قاصفة بريطانية، و بعد 10 دقائق من ذلك تمكنت الطائرات الالمانية من فرض السيادة الجوية فوق سماء المعركة.
اراد الجنود الالمان تحت قيادة بيركَر أسر اكبر عدد ممكن من البريطانيين لكنهم لم يستطيعوا تحقيق ذلك لأن العرب قتلوا اي جندي انكليزي تعيس الحظ وقع في قبضتهم.
لم يستطع احد النجاة او الهروب من المذبحة في معسكر الحلفاء.
مايس 1941 – المخابرات البريطانية في بغداد
حصل الضباط الالمان على بعض من الوقت لقضاء يومين في بغداد. ووصلت دعوة للملازم بريشت و الملازم دريسن لحضور نادي ليلي هناك. ذهب الاثنان لهذا النادي لاحتساء القليل من الجعة، ووعدهم صاحب البار انهم سيرون عرض راقص اذا انتظروا قليلاً من الوقت اثناء الليل. لم تجري الامور كما وعدهم. اختطف بريشت و اودع في غرفة مقفلة، دريسن شق طريقه نحو الهروب باستخدام مسدسه و استطاع تنبيه الشرطة لحادث الاختطاف.
كل من في النادي تم اعتقاله و تم اطلاق سراح بريشت. اتضح ان ملهى موكدور (مقدور؟) كان مركزاً لعمليات خلية تجسس تابعة للمخابرات البريطانية، وكانوا يخططون للقبض على النقيب بيركَر قائد عمليات اللواء العربي. لكنه فضل البقاء في فندقه ذلك المساء و فشلت العملية.
تم اعلام بيركَر في اليوم التالي ان كَلوب باشا و فيلقه العربي قد عبر الحدود الاردنية العراقية و ان وحدات الجيش العراقي هناك استسلمت على الفور بدون اي قتال. فقط البدو العرب استمروا بالقتال و كانوا يقومون بتسميم ابار المياه لمنع الفيلق العربي (الاردني) من استخدامها. لكنهم لن يستطيعوا الصمود الى الابد امام رتل كَلوب. لذلك قام بيركَر بامر اللواء العربي بالذهاب الى الرمادي لأيقاف تقدم كَلوب باشا.
اوضح اثنان من المستشارين العرب لبيركَر ان التغلب على الفيلق العربي القادم من الاردن سيكون صعباً لانه يحضى باحترام كل العراقيين. لكن بيركَر لم يستسلم لذلك و امر اللواء بالسير يومين في الصحراء و الذهاب حول واحة صالح.
انتظر بيركَر وقوع كَلوب في كمينه، لكن لم يحصل ذلك حيث ان كَلوب توقف 10 كيلومترات من الواحة و انتظر قدوم مزيداً من الاوامر. لم يستطع بيركَر فعل شيء غير الانتظار، بينما كَلوب انقذ رتله من المصيدة بفعله لا شيء.
30 مايس 1941 – اللواء العربي ينسحب
جاءت الاخبار بأن رتل بريطاني ثاني قد دخل بغداد من اتجاه اخر. القاصفات البريطانية قصفت المدن العراقية من قواعدها في الحبانية و البصرة. حكومة رشيد عالي هربت الى ايران تاركة اللواء العربي وحده لمقاتلة عظمة الامبراطورية البريطانية في العراق.
اعطت البعثة العسكرية الالمانية اوامراً بتفادي الوقوع في الاسر على ايدي الانكليز لعناصرها. بدء اللواء العربي بالتفكك بالرغم انه ما زال يضم الالاف من الاشخاص. فقط الف جندي قرر البقاء مع بيركر، من ضمنهم الرائد عبدول و علي (طالب القانون العربي القادم من برلين).
تحركت القوة الصغيرة مسافة 100 كيلومتر شمالاً بمحاذاة نهر الفرات ثم بعدها تسللت الى سوريا. بقايا اللواء عبرت الى الحدود السورية في 9 حزيران 1941 و استمر القتال الى 3 تموز 1941. البعثة العسكرية الالمانية و المقاتلين العرب الموالين للمحور استمروا في رحلة العودة الي برلين عبر عدة طرق.
رشيد عالي الكيلاني
هرب رشيد عالي الكيلاني الى ايران و قدم حكم عليه بالاعدام غيابياً من قبل الحكومة البريطانية، ترك ايران في آب مسافراً الى اسطنبول، بعدها طار الى برلين في 21 تشرين الثاني 1941.كان رشيد عالي يأمل بتكوين قوة عربية للتقدم من القوقاز في روسيا الى العراق لاستعادة بغداد. لكن الهزيمة الالمانية في ستالينكَراد حالت دون ذلك.
بعدها ذهب رشيد عالي الى اثينا لاذاعة رسالته الى الشعوب العربية حتى تشرين الاول 1944. بعد الحرب هرب الى منفاه في دمشق. و في نهاية الخمسينات عاد لفترة قصيرة الى بغداد، اثناءها قضى فترة حكم سجن قصيرة وقد توفي في بيروت في 28 اب 1965.
مفتي القدس
مفتي القدس امين الحسيني هرب الى ايران و بعدها الى ايطاليا بمساعدة من موسليني، قضى بقية الحرب بتكوين وحدات عسكرية مسلمة للقتال مع قوات دول المحور. لعب دوراً في تأسيس وحدات فافن اس اس مسلمة في يوغوسلافيا. بعد الحرب هرب الى بيرن و باريس، وفي 1946 وصل القاهرة مستخدماً اوراق مزورة. قضى 30 سنة في لبنان و مصر منفياً. زار القدس للمرة الاخيرة في اذار 1967 و توفي في بيروت في 4 تموز 1974.
الفيلق العربي الحر في شمال افريقيا 1942-1943
تكونت الفرقة الخاصة 288 من افراد المان و مختصين بلغات اجنبية من كتيبة براندنبوركَرز. هذه الوحدة خدمت في شمال افريقيا وعملت مع متطوعين عرب، لهم ارتباطات مع “دويتشه-ارابش ليير ابتايلونكَ” التى كونت في 7 نسيان 1942.
مجموعة من الفرنسيين العرب شكلوا “فالنجيه افريكان” (الكتيبة الافريقية) من المستعمرات الفرنسية في الجزائر و تونس. ارسلت الفرقة الخاصة 287 الى شمال افريقيا قبل سقوط تونس بيد الحلفاء بقليل.
الفيلق العربي الحر 1943-1945
الفرقة الخاصة 287 تكونت من عناصر عرب كانوا مقيمين في اوربا انذاك. و مقرها اثينا، اليونان. قاتلوا في القوقاز في روسيا و بعد ذلك في يوغوسلافيا في مهمات ضد المقاومة.
تشكيلات عربية اخرى اسست من مسلمين كانوا يعيشون في جنوب فرنسا.
في عام 1943 حصل كل المتطوعين العرب على درع “فرايز ارابيين” (العربية الحرة).
المصادر:
“Die Kollaboration 1939-1945″ by Franz W. Siedler
Osprey “Men-at-arms” series number 147
Landser Heft “Arabisches Brigade“