اسم الكاتب : هادي حسن عليوي
ـ يقال انه كان وسخاً.. ويغمر وجههُ سرب من الذباب.. نشأ وهو يحمل كل عقد الشعور بالنقص والانسحاق.. ثقافته متدنية.. غير مؤهل لأية مسؤولية.
ـ طائفي بشكل لا يصدق.. ذليل الى أبعد الحدود.. حاقد ومجرم.. تتلمذ على يد ناظم كزار في التعذيب والقتل العام 1963.
ـ ليس له صديق أبداً.. فالخيانة متأصلة به.. لا يعرف من العروبة وفكر البعث القومي شيئاً.. فشل في أية مسؤولية أنيطت به.. فسمي خيال المآته.. وصفه طارق عزيز بأنه: (نصف مثقف).
ـ كان صدام يعرف حجم صاحبه وكفاءته.. إلا إنه اختاره نائباً له: لأنه صنم.. (عنز يعني).. كما يقول صدام نفسه.. وهو حقل للطرائف الساخرة.
السيرة والتكوين:
ـ ولد عزة إبراهيم حميد الدوري الحربي العام 1942.. من وسط فلاحي فقير في ناحية الدور.. القريبة من تكريت.. كان يشتغل مع والده في بيع الثلج في الصيف.. وأحشاء الخراف والغنم (باجه) في الشتاء.
ـ أكمل دراسته الابتدائية.. وانتقل الى ثانوية الأعظمية.. ورسب سنتين بالرابع أدبي.. فتم فصله العام 1962 حسب النظام.. تحول إلى الدراسة المسائية.. وفتحت له صفحة في سجل ثانوية الميثاق المسائية.. لكن دون جدوى.. مما اضطره بعد أن رسب وفشل عدة مرات في تلك المدرسة ترك الدراسة.. والنزول للعمل ليصبح بائع ثلج في الشارع.
ـ تزوج عزة الدوري من خمس نساء.. وله من الأبناء 11 ابنًا و13 بنتًا.. منهم: أحمد.. إبراهيم.. علي.. ومن البنات الكبيرة هوازن.. عبلة.. حمراء.. وقد اشتهر باسم أبو أحمد.. وأبو حمراء.
ـ قبل تموز 1968 بشهرين.. قدم عزة طلباً ليصبح شرطياً.. لكنه لم يقبل.
ـ شوهد الدوري يقف أمام مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان في الأعظمية.. يبيع الثلج في صيف بغداد اللاهب.. ولم يفارقه منشار قطع الثلج حتى انقلاب 17 تموز 1968.. ليظهر على شاشة التلفزيون أمام أعين زبائنه البغداديين عضواً في أعلى هيئة حكومية هي مجلس قيادة الثورة.. وعضواً في أعلى هيئة حزبية هي القيادة القطرية.
ـ تقول عنه أم علي معلمة مدرسة الدور “إنها كانت تلتقي بهذا الصبي.. وقد افترش باب الدار.. وغمرً وجههُ سرب من الذباب”.. نشأ وهو يحمل كل عقد الشعور بالنقص والانسحاق.. ليس أمام أبناء تكريت فحسب.. بل أمام أبناء قرية ألعوجه أيضاً.. فبرع بالخضوع والانحناء لابن القرية الأول احمد حسن البكر.. ومن بعده لصدام.
ـ انتسب لحزب البعث أوائل ستينيات القرن الماضي.. وبعد تجربة الحرس القومي سيئة الصيت.. ورد اسمه في كتاب (المنحرفون) الخاص بالحرس القومي إلى جانب ناظم كزار في مسؤولية إحدى قطاعات الحرس.. التي أسرفت في الاعتداء على المواطنين.. ومصادرة الحريات.. فأودع السجن بعد انقلاب 18 تشرين الثاني العام 1963 حتى العام 1967.
ـ لم يكن عضواً في القيادة القطرية.. قبل انقلاب 17 تموز 1968.. لكنه سرعان ما قفز إلى هذا الموقع بعيد هذا الانقلاب.. ليشكل مع (طه الجزراوي) الذي سبقه إليه ثنائياً يدعم المواقف التي تصب في مصلحة (صدام).
ـ قبل نهاية العام 1969.. أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة.. وكان من المتآمرين على رفيقه صالح مهدي عماش.. وطالب بإعدامه.. وفي الاجتماع التالي كان هذا الثنائي متحمساً لترشيح صدام ليكون نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ونائبا لأمين سر القيادة القطرية.
ـ بفضل جهودهما المؤازرة للبكر.. ووقوف عبد الكريم عبد الستار الشيخلي معهما.. تبوأ صدام هذا الموقع الذي كان يحلم به.. وبعد عودة عماش استقبله في المطار صلاح عمر العلي عضو مجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية.. وسأله عماش عن المؤتمر فاندهش الرجل.. وطلب منه أن يشرح له ما جرى في غيابه.. وبعد سماعه للحديث قال: أن هذه ليست مؤامرة عماش على الحزب والثورة.. وإنما هي مؤامرة البكر وصدام على صالح مهدي عماش.. ليكون صدام نائبا للبكر.. وأكد لصلاح بأنه سيكشف ذلك في اللقاء القادم.. وفعلا أثيرت مؤامرة عماش المزعومة بحضوره.. فقال البكر “لا.. لا.. إخوان.. هذه القضية اتضحت لنا والمعلومات ضد (أبو هدى)عماش غير صحيحة.. ولا حاجة لمناقشتها”.
لهذا بقيً عزة هذه المدة الطويلة في منصبه.. ولأنه كان أداة طيعة.. حقق صدام العديد من مآربه من خلاله.. ووصل به إلى أهدافه في إزاحة منافسيه في الحزب.. وبسلوكه هذا مكنه.. وساعده في التمهيد لتسلطه وقفزه إلى الموقع الأول في الحزب.
وزيراً للزراعة:
ـ نهاية العام 1969عين الدوري وزيراً للإصلاح الزراعي.. ثم وزيراً للزراعة والإصلاح الزراعي بعد دمج الوزارتين العام 1972.. وهو (بطل) الحنطة المسمومة التي وزعت على المناطق الكردية في شمال.. ومناطق الجنوب.. وتسببت في قتل وتشويه عدة ألاف من فقراء العراق.
ـ كما أصبح رئيساً للهيئة العليا لحملة الاستزراع.. فلم يشهد العراق استزراعاً شتوياً أو صيفياً.. ولم يدب الإصلاح الزراعي في الأراضي العراقية.. وانخفض الإنتاج وتقلص إلى حدوده الدنيا.. وشهدت قرى وأرياف العراق هجرة جماعية مكثفة إلى المدن.. وهدر أموال الشعب على مشاريع مرتجلة في الدواية وسواها.. لاسيما مشروع ري الدور الذي رفده بأموال ضخمة رغم فشله.
ـ في تلك الفترة أفهمه صدام أن عليه أن يكون شعبياً حتى يحبه الفلاحون.. ولكي يكون شعبياً.. فقد جلس داخل برميل الرافعة التي تعمل لتنظيف المبازل.. وعبرت به فوق المبزل.. مع صورة تلفزيونية نادرة لعزة.. وهو متكوم كأنه مجموعة من الأوساخ.
قيادته للعمل الشعبي:
ـ كانت المشاريع التي تم إنجازها بواسطة اللجنة العليا للعمل الشعبي برئاسة عزة الدوري.. مشاريع ارتجالية فاشلة.. ولم تجن البلاد شيئا منها ولم تأت الفائدة المرجوة من أنشأها.. وهي كثيرة.. وأهدرت فيها أموال طائلة.. بالرغم من تسمية العمل الشعبي المجاني التي أطلقت عليها.. فالدواية والمغيشي والخالصة والدور.. وهشاشة التفكير الذي انطلقت منه.. منذ ذلك الحين بدأ التشخيص الدقيق لشخصية رئيس اللجنة العليا للعمل الشعبي.. ومن وقتها صار حقلاً تجرب فيه كل المشاريع الخائبة.. حتى أن رأس النظام في بغداد أدرك بالدليل القاطع أن رفيقه عزة الدوري لا يضع يده على شيء.. ألا وينتاب ذلك الشيء النقص والانخفاض والضمور.
وزيراً للداخلية:
ـ في تشرين الثاني العام 1974عين الدوري وزيراً للداخلية.. واختير ليكون مبعوث السلطة للتفاوض مع شهداء قبضة الهدى (الشيخ عارف البصري وصحبه الأبرار).. للتخلي عن مبادئ الإسلام الحركي.. من خلال الظهور على شاشة التلفزيون والبراءة من انتمائهم لحزب الدعوة الإسلامية.
ـ وفي هذا اللقاء علمه الشيخ الشهيد البصري درساً في كيفية المحافظة على المبادئ وصون الأمانة.. قال له: “يا هذا: أن حكمتم عليً بالإعدام.. لأني أدعو إلى الإسلام فهو شرف من الله ليً.. أزيدكً وضوحاً إن الله وفقني لحج بيته الحرام العام 1971.. فدعوته وأنا متعلق بأستار الكعبة بان يرزقني الشهادة.. وها أنا ذا أحصل على هذا الشرف.. وعلى يد أرذل خلق الله.. فلا يمكن التنازل عنها.. إني أرفض أن أبيع ديني لكم.. معاذ الله أن أبيع ديني للمجرمين.. لا أسمح لأحد أن يرفع تاج الشهادة عن رأسي.. مقابل متاع الدنيا الزائلة.. فخرج (………..) الجبان غضباناً.. ورجعتُ إلى أخوتي وحدثتهم عن المكيدة التافهة”.. وهكذا خرج عزة الدوري خائباً مدحوراً.
عزة.. وإعدام رفاقه:
ـ بعد انفراد (صدام) بالسلطة في 16 تموز 1979 (سميً عزة نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة).. وبهذا الصدد (ينقل عن عدنان خير الله) انه سأل ابن عمته وزوج شقيقته.. ذات يوم عن السر في اختيار عزة الدوري نائبا له؟ فأجابه صدام ضاحكاً وساخراً اخترته لأنه صنم.. (عنز يعني).
ـ أول عمل قام به عزة الدوري.. بعد أن احتل منصبه الجديد.. انه تخلى عن رفيق دربه وابن منطقته (محمد محجوب الدوري) وزير التربية.. وعضو مجلس قيادة الثورة.. وهو يساق إلى ساحة الإعدام.
ـ شهد يوم الثامن من آب 1979 تجربة مخيفة في استخدام الضد النوعي.. فقد دعيً إلى ساحة الإعدام.. أقرباء المحكومين في الجيش الشعبي.. لتنفيذ الحكم بأقاربهم.. فالسامرائي ينفذ حكم الإعدام بالسامرائي.. والحمداني ينفذ الإعدام بالحمداني.. وإذا لم يكن للمحكوم بالإعدام قريب في الجيش الشعبي.. يكلف أحد أعضاء منظمته الحزبية بتنفيذ حكم الإعدام بمسؤوله الحزبي.
ـ من ضمن الذين اشرفوا على حفلة الإعدامات.. وشاركوا فيها في إحدى ساحات القصر الجمهوري (عزة الدوري) الذي نفذ بتكليف من صدام حكم الموت بقريبه (محمد محجوب الدوري).. وانتقل خبر هذه الجريمة همساً بين الناس في تكريت والدور والمناطق القريبة منهما.. وصاحب ذلك موجة من السخط والاستنكار الخفي.
شخصية الدوري.. حقل للطرائف الساخرة:
(حكى كامل شقيق حسين كامل والمرافق لصدام لعدد من العراقيين في عمان.. وفي هذا المجال.. أن عمه (صدام حسين) دعا إلى اجتماع عاجل.. ليزف إليهم بشرى إلغاء قرار الحصار.. بعد أن أوهمه طارق عزيز والصحاف والأنباري بأن مجلس الأمن الدولي اتخذ قراره.. ولم يبق غير إصداره.. والتأم الاجتماع.. وكان (عزة الدوري) يجلس على يمين صدام كعادته ودق جرس الهاتف الخاص بصدام.. وكان المتحدث على الطرف الآخر نزار حمدون..(ممثل العراق في الامم المتحدة).. الذي أبلغ صدام أن مجلس الأمن مدد قرار الحصار لشهرين مقبلين.. وصدرت عن صدام صرخة مصحوبة بحرقة وصاح: أتمدد !!بصيغة الاستفهام والتوكيد.. وفجأة قفز (عزة الدوري) من كرسيه.. وانبطح على الأرض مستسلماً (كما يقول صدام كامل).. فنظرً إليه صدام باستغراب.. وقال له: (شبيك ولك).. يعني ماذا حدث لك؟.. فردً عزة الدوري: “سيدي.. أنت صحت أتمدد”.. فضج الحاضرون بالضحك).
مناصبه:
ـ بالرغم من بلادته ومحدودية ثقافته فان صدام أغدق عليه كثيراً من المواقع الحزبية والمناصب الرسمية.. فهو:
ـ عضو مجلس قيادة الثورة كانون الأول / نوفمبر 1969ـ آذار / تموز 1979.
ـ 19 تموز 1979 أصبح صدام رئيس الجمهورية وتولى رئاسة مجلس قيادة الثورة.
ـ 19 تموز 1979عين عزة الدوري نائبًا لرئيس مجلس قيادة الثورة.
ـ أنيطت به رتبة النائب العام لقائد القوات المسلحة بعد غزو الكويت في آب 1990.
ـ ونائب أمين سر القيادة القطرية.
ـ وعضو القيادة القومية.
ـ والفريق أول ركن.
ـ ونائب القائد العام للقوات المسلحة.
ـ ورئيس المجلس الزراعي الأعلى.
ـ ورئيس المجلس الأعلى لمحو الأمية.
ـ منح صدام حسين عزة الدوري رتبة (فريق أول ركن).. وهو لم يكمل الصف الرابع ثانوي.. ولم يلتحق بالخدمة العسكرية.
ـ أنيط له منصب النائب العام للقوات المسلحة بعد احتلال الكويت.
ـ أنيط به قبيل دخول قوات الاحتلال الأمريكي إلى العراق في نيسان العام 2003 القيادة العسكرية للمنطقة الشمالية.
– كان المفاوض الرئيسي مع الشيخ الكويتي.. سعد العبد الله السالم الصباح.. لحل المشاكل الحدودية.. وجرت تلك المفاوضات برعاية الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود.. لكن المفاوضات فشلت.. وتوترت العلاقات.. لتنتهي بغزو صدام للكويت في 2 آب 1990.
ـ يرأس دائماً الهيئة العامة لكل الانتخابات.. وعمليات الإحصاء في العراق.
ـ إن صدام كان يعرف حجم صاحبه وكفاءته.. وقد قال عنه في أحد الاجتماعات “أن الرفيق عزة لا يصلح لعمل أو مهمة.. وأن أفضل مكان له هو في قضاء الدور وسط مزارعه وأغنامه ونسائه”.
طائفيته:
ـ ينقل عباس محمد جاسم (أبو وجدي) عضو قيادة فرع نينوى للبعث.. في بداية الثمانينات قائلاُ: “جاء عزة الدوري إلى الموصل على رأس لجنة تحقيق حزبية في تهم موجهة لأحد الرفاق في الفرع.. وكانت التقارير المرفوعة ضد المتهم تحمل أرقاماً كثيرة في إدانته”.
ـ وبعد اطلاع الدوري عليها خاطب أعضاء قيادة فرع نينوى: “أيها الرفاق لا تقسوا كثيراً في تقاريركم على رفاقكم من أبناء مدينة الموصل.. فان الرفيق الواحد هنا يعادل عشرة رفاق من الناصرية”.. وعندما نبهه بعض أعضاء الفرع على أن (أبو وجدي) الجالس معهم هو من الناصرية.. لم يبال بما قال.. ولم يتراجع عما قال.
ـ شارك الدوري في العام 1993 في “الحملة الإيمانية” التي أطلقها صدام.. وكانت لعزة نزعة صوفية شديدة.. أثرت على سلوكه في كثير من الأحيان.. وله علاقة وطيدة مع مشايخ الأكراد والعرب الصوفية.. وقد تكون تلك العلاقات قد ساعدت كثيراً في بقاءه حياً وطليقاً هذه المدة الطويلة.
ـ كان عزة كثيراً ما يؤمُ تكايا الدروشة وضرب الدراويش في تكريت والدور وسامراء.. ويساهم في الاحتفالات الدينية.. ليظهر بمظهر الناسك المتعبد لتضليل الناس.. وتغطية جرائمه.
أمراضه:
ـ من المؤكد أن الدوري مصاب بقرحة المعدة.. ويعاني من مرض في القولون.. وروماتيزم في العظام.. وسرطان الدم.. إضافة إلى الكآبة والاكتئاب منذ فترة طويلة.. سافر مرتين إلى النمسا للعلاج.. بعدما أخذ سرطان الدم يفتك به.
ـ أثار وصوله إلى فينا في المرة الثانية عاصفة من الاحتجاج قامت به بعض أطراف المعارضة العراقية.. واستجاب لها أحزاب نمساوية بعد أن عرفت حقيقته كمجرم حرب.. ومشارك لحاكم بغداد في جرائم تتنافى مع حقوق الإنسان.. يعاقب عليها القانون الدولي.
ـ بعد أن أحس خطورة الموقف في النمسا هرب من المستشفى قبل أن يستكمل علاجه.. خوفاً أن يتعرض للاعتقال حيث طلبت منظمة العفو الدولية محاكمته.. خصوصا انه أحد أبرز أفراد العصابة التي احتلت الكويت.. وارتكبتً جرائم ضد الإنسانية.
محاولة اغتياله:
ـ تصدى شابين من المعارضة العراقية وهما: (عمار جواد أبو ألهيل الصالح) و(محمد صاحب صالح الموسوي) من أبناء مدينة الفهود الثائرة.. لعزة الدوري في مدينة كربلاء المقدسة إيذاناً بالاقتصاص منه.. فجرت محاولة اغتياله في 22 تشرين الثاني 1998 عندما كان في زيارة إلى مدينة كربلاء.. وجاء الكشف عن هذه المحاولة من وكالة الأنباء العراقية الرسمية حيث قالت: إن عزة إبراهيم الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة نجا أمس الأول من محاولة اغتيال في كربلاء.
ـ فقد جرت العادة أن يجري احتفال رسمي في يوم مولد الإمام أبا عبد الله الحسين سلام الله عليه في الثالث من شعبان من كل عام.. في يوم22-11- 1998.. وصلت سيارة عزة الدوري الذي كان يقودها بنفسه لباب قبلة الحسين.. وتقدم المحافظ لاستقباله وما أن توجهوا سوية للسلام على بقية الضيوف حتى رمى احد الأشخاص المتواجد بين المواطنين المتجمهرين قنبلة يدوية باتجاه عزة الدوري والمحافظ وهو يصرخ (الله اكبر).. تدحرجت تحت إحدى السيارات وانفجرت.. كان المشهد مرعباً.. هرب الناس بأعدادهم الكبيرة لجميع الاتجاهات.. وحاول المنفذ أن يرمي واحده أخرى.. إلا إن احد ضباط الشرطة الكربلائيين أطلق عليه النار فأصابت كتفه وأكمل عليه حماية عزة الدوري ففارق الحياة.. وسط هذه الأجواء بدء رمي حمايات عزة الدوري في الجو لتفريق الناس.. فدفع المحافظ الضيوف باتجاه باب الدخول وأغلق الباب عليهم وبقي هو خارج الصحن وصرخ بصوت عال موجها أمره إلى حماية النائب (لحد يرمي هذا أمر عسكري).
ـ توقف الرمي وتقدم إلى جثة المنفذ كان شاب اسمر البشرة ذو لحية خفيفة يرتدي ستره وقميص وحذاء سوداء.. طلب المحافظ أن يكشف عن قدميه.. ونظر إليها فقال: “الحمد لله الشاب مو من كربلاء”.
ـ عاد المحافظ لضيوفه بهدوء وسط أجواء مشحونة ومتوترة.. حيث أصيب نجل عزة الدوري بجروح هو وبعض أفراد حمايته.. كما أصيب الرائد كنعان مرافق المحافظ بشظية.. وجرح عدد من المواطنين.. وتم نقلهم إلى المستشفى الحسيني.
جرائمه:
• أشرف على حملة الإعدامات التي شنها النظام على أعضاء وقيادات الحزب الشيوعي العراقي.
• كانت رئيس الجنة العليا لفريق الإعدام للهاربين من العسكريين خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988.
• المشهور عن الوغد الأصفر إن صدام منحه رتبة فريق أول ركن.. رغم انه مدني وهارب من تأدية الخدمة العسكرية أصلاً.. نظير إخلاصه في إفشال محادثات جدة بين الكويت والعراق.. وسحقه الانتفاضة الشعبانية العام 1991 بعنف في جنوب العراق وشماله بعد حرب تحرير الكويت.. وتدمير المباني والمقدسات.
جريمة حلبجة:
ـ لدى اندلاع حرب الخليج العام 1991 نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز تحذيره للأكراد من إثارة أي متاعب للحكم في بغداد.. مذكراً بالهجمات الكيماوية على بلدة حلبجة العام 1988 التي تسببت في مقتل آلاف الأكراد.
عزة.. ما بعد صدام:
ـ بعد احتلال بغداد بثلاثة أيام كان نائب الرئيس عزة الدوري.. الذي كان مشرفاً على القاطع الشمالي من العراق وأركان قيادته في مدينة كركوك.. غير أن الدوري قرر مغادرة المدينة الى جهة مجهولة مع بعض من قيادة حزب البعث في المنطقة الشمالية في وقت كانت قوات البيشمركة الكردية المدعومة أمريكيا تقترب من حافات كركوك والموصل.
ـ بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام في 30 كانون الأول العام 2006.. سميً عزة الدوري أمينًا لسر القيادة القطرية والقومية للبعث.. ثم ظهر انشقاق في الحزب.. بعد أن قرر الدوري فصل 150 عضوًا على خلفية قرارهم عقد مؤتمر قطري في دمشق.. دون موافقته بقيادة محمد يونس الأحمد العضو السابق في القيادة القطرية.
ـ نسب له الإشراف على الكثير من العمليات المسلحة داخل العراق.
ـ أسس تنظيماً إرهابياً تحت مسمى القيادة العليا للجهاد والتحرير.. وأصبح قائد له.
ـ ظهر الدوري في تسجيل مرئي آخر يوم 5 كانون الثاني العام 2013 محاولاً استغلال تظاهرات الأنبار ليدعو الى الحرب الطائفية.
ـ كما ظهر في تسجيلات أخرى.. وساهم تنظيمه مع داعش في احتلال الموصل والمناطق الأخرى.
ـ وذكر انه ورغد صدام حسين وقيادات من البعث أشرفوا على جريمة قاعدة سبايكر في مدينة تكريت التي تم فيها إبادة أكثر من 1700 عسكري في القاعدة العام 2014.. وهم عزل من السلاح.
الدوري.. وجيش النقشبندية:
ـ جيش النقشبندية: فصيل عسكري إرهابي صوفي من أتباع الطريقة النقشبندية أسسه عزة الدوري العام 2003 تحت ذريعة مقاومة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية التي يصفها بالطائفية.. ويقدم نفسه مدافعًا عن السنّة المهمّشين.. وينشط شمال العراق وله أتباع في المناطق الكردية.. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن الجماعة تضم ما بين 1000 و5000 شخص.
ـ يمتلك هذا ألفصيل الكثير من الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة التي حصلت عليها من الجيش العراقي.. وقادة عملياته الميدانية هم من ضباط الجيش العراقي السابق ويملكون خبرة كبيرة في القتال والمناورة.. وهو ما ساهم في احتلال الموصل وصلاح الدين في حزيران 2014 خلال يومين.
العلاقة مع القوى والتنظيمات الإرهابية الأخرى:
ـ جيش النقشبندية حليف رئيسي لتنظيم داعش.. إلا إنهما تصادما لاحقا.. فبعد أيام على رسالة صوتية منسوبة لعزة الدوري في تموز العام 2014 يشيد فيها بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.
ـ نسب إلى داعش إعدام 12 من جيش النقشبندي.. ولاحقا صدرت رسائل عن جيش الطريقة النقشبندية وحزب البعث العراقي المنحل يرفض التهجير ألقسري.. مهاجماً سلوك تنظيم “داعش” مؤكداً أنه سيقاوم ما وصفه “القوة التكفيرية الإرهابية المدسوسة.. وفي نيسان العام 2015 اتخذ الدوري موقفا يدعو لمحاربة داعش.. ويؤيد فيها عملية عاصفة الحزم في اليمن ضد الحوثيين.. ودعا النظام السوري “لترك الحكم من أجل وحدة سورية”.
نهاية الطريق:
ـ أعلن تنظيم حزب البعث في بيان له 11 تشرين الأول 2016 إن “القيادات داخل الحزب أعطت لزعيم الحزب (عزة الدوري).. وقتاً كافياً ومناسباً لاتخاذ قرارات مناسبة لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الأوان”.. وأكد التنظيم أن “الدوري سيبقى متمسكاً بموقعه ليس حرصاً منه على مستقبل البعث.. لكن طمعاً بالاستمرار بكسب الأموال التي يجنيها من خلال موقعه.. وإشباعاً لعقدة نقص القيادة التي تتملكه”.
ـ أضاف البيان “بعد انتهاء المدة الممنوحة للدوري ولغرض تطهير الحزب من الخونة والعملاء واللصوص.. فقد قررت القيادة طرد عزة الدوري اعتباراً من تاريخ إصدار هذا البيان.. واعتبار قيادتنا هي القيادة الشرعية لحزب البعث في العراق.. ولحين عقد المؤتمر القادم المقرر له خلال العام 2017.. الذي سيتم خلاله انتخاب قيادة جديدة للحزب”.. وقررت القيادة تشكيل محكمة حزبية عليا ترتبط بها مباشرة تعمل وفق النظام الداخلي للحزب.
نشاطاته الأخيرة:
ـ نشر خطاب لعزة الدوري في 7 نسيان العام 2019 في ذكرى تأسيس حزب البعث.
ـ قال الكاتب والمحلل السياسي حسن العلوي (إن عزة الدوري يتنقل في الصحراء بسيارة “بيك آب” مرتدياً زي رعاة الغنم أمام أنظار الأمريكان.
ـ فيما رجحت “التقارير الاستخبارية تواجد الدوري خارج العراق منذ هروبه بعد سقوط النظام بفترة وجيزة”.. لافتاً الى إن “عزة الدوري أصبح ورقة محروقة ولا يمتلك أي تأثير في الساحة العراقية”.
ـ وبهذه المناسبة قدم الدوري خطابا سياسيا شرح مبادئ حزبه وكيفية العمل السياسي الحزبي في المرحلة.. ولم يكن في شيء جديد.
وفاته:
ـ منذ سنتين.. لم يظهر الدوري.. ولم يكن له أي نشاط كان.
ـ وفي يوم الاحد 25 تشرين الاول / أكتوبر / 2020 أعلن حزب البعث العربي الاشتراكي “قطر العراق” عن وفاة عزة الدوري.. إلا أنهم لم يحدّدوا البلد الذي وافاه فيه أجله المحتوم.. كما لم يذكروا بهذه المناسبة.. أي شيء عن تشييعه أو تحديد مكان.