ديسمبر 27, 2024
333333333344

اعداد :   اندبندنت عربية 

ساهم توافد العمالة الأجنبية في تفاقم مشكلة البطالة في العراق الذي يستقبل مئات منهم سنوياً، في ظل تخرج آلاف الطلاب من الجامعات العراقية وانطلاقهم إلى سوق العمل بالتزامن مع عدم تنشيط دور القطاع الخاص بسبب التجاذبات السياسية والأوضاع الاقتصادية والأمنية التي أثرت بشكل كبير في تفعيله وجذب المستثمرين. وعلى رغم ذلك استمر توافد العمالة الأجنبية التي وجدت في بلاد الرافدين عبارة عن فرص ثمينة لا سيما في قطاع الخدمات، مما شكل عبئاً أمنياً واقتصادياً من خلال زيادة نسبة التحويلات المالية إلى بلدانهم وكذلك زيادة الضغط على السلع والخدمات، بحسب خبراء اقتصاديين.

انتشار بالقطاعات المختلفة

واعتبر أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن “العمالة الأجنبية في العراق موضوع شائك ويحتاج إلى دراسة وحلول وتنفيذ أولاً”، مبيناً أنه “لا توجد بيانات دقيقة إذ تتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب الموجودين في العراق، لكن بحسب آخر أرقام لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي عام 2021، فإن هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق. وبحسبة بسيطة، يتقاضى هؤلاء العمال كمعدل ما بين 500 و1000 دولار في الشهر، بمعنى أن هناك مليار دولار تخرج شهرياً من العراق كرواتب للعمال الأجانب علماً أن الغالبية العظمى من هؤلاء العمال هم عمال غير ماهرين، يعملون في المهن التي تحتاج إلى قوة بدنية أو التي لا يقبل العراقيون بالعمل بها”.

وبحسب السعدي، فإن “هذه الأعداد منتشرة في كل القطاعات في السوق العراقية أغلبها في القطاع الخاص وعدد لا بأس به في القطاع العام. حتى في القطاع النفطي والوظائف الهندسية والقيادية تعطى للمهندسين والفنيين الصينيين والكوريين والأوروبيين، وليس للعراقيين. وهناك بعض الحقول بخاصة التي تشرف عليها الشركات الصينية ويعمل فيها ما بين ثلاثة وأربعة آلاف عامل صيني، هم جزء من أعداد أكبر من العمال الصينيين المنتشرين في شركات تعمل في الجنوب في قطاع النفط والكهرباء أيضاً”.

وتابع “هناك كثيرون يقولون إن العراقيين لا يعملون في كل المجالات بخاصة المهن الصعبة التي تحتاج إلى جهد بدني كبير، أعتقد هذا الكلام خطأ، إذ إن في الاقتصاد رفاهية اختيار المهن تنحسر حينما تكون الأوضاع الاقتصادية سيئة، والدليل أن هناك أمثلة كثيرة تؤكد أن العراقيين يزاولون كل الأعمال، لكن المستثمرين ورجال الأعمال حتى المحليين منهم يريدون عاملاً أجنبياً لأنه يكون أقل تركيزاً على حقوقه كعامل”.

ولفت السعدي إلى أن “فكرة تشغيل العمال الأجانب، فكرة مفهومة وحالة عادية في عديد من الدول، لكن في بلد مثل العراق يصل تعداد سكانه إلى أكثر من 41 مليون نسمة، وفي ظل نسب بطالة عالية جداً فإن تشغيل العمالة الأجنبية ينعكس زيادة في معدلات الفقر في البلاد بالتالي زيادة معدلات الجريمة والطلاق وغيرها”.

أما عن الحلول فيقول للسعدي إنها تحتاج إلى “تشريع قوانين دقيقة خاصة في مجال الاستثمار تحث المستثمر على تشغيل أو إعطاء الأولوية للفرد العراقي في العمل. وكانت محاولة في ذلك من قبل وزير العمل في عام 2021، إذ أعلن فرض نسبة 50 في المئة من العمالة المحلية على الشركات الأجنبية العاملة في العراق، لكن لا يتم تطبيق ذلك”.

ورأى أستاذ الاقتصاد الدولي أن “هذه الحلول تحتاج إلى دولة قوية ونظام رقابي شديد يحاسب الجميع من دون استثناء. ومن الحلول أيضاً فرض رسوم كبيرة على أصحاب العمل الراغبين في تشغيل الأجانب، وملاحقة العمال غير الشرعيين وفرض غرامات على مشغليهم، وإنهاء سوق العمل السوداء التي تسمح باستقدام هؤلاء العمال واستغلالهم”.

تفاقم مشكلة البطالة

في المقابل قال الباحث الاقتصادي بسام رعد “تعرف العمالة الوافدة بأنهم الأفراد الأجانب الذين دخلوا العراق بطريقة نظامية أو غير نظامية للعمل، وعلى رغم أن هناك حاجة إلى فتح المجال للأيدي العاملة الوافدة لتغطية العجز في الموارد البشرية، إلا أن تزايد تلك العمالة يفاقم مشكلة البطالة ويشكل عبئاً أمنياً واقتصادياً من خلال زيادة نسبة التحويلات المالية إلى بلدانهم، إضافة إلى زيادة الضغط على السلع والخدمات”. وأضاف “لقد عالج المشرع العراقي عمل الأجانب في العراق من خلال قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، إذ جاء في المادة 30 أنه يحظر على الإدارات وأصحاب العمل تشغيل أي عامل أجنبي بأية صفة ما لم يكن حاصلاً على إجازة العمل. إلا أنه لوحظ وجود عمالة وافدة كثيرة العدد انتشرت في الفترة الأخيرة خصوصاً مع انخفاض عملات دول عدة بشكل كبير أمام الدينار العراقي، فدخل هؤلاء في دورة الاقتصاد العراقي بشكل غير قانوني ويعملون في وظائف متدنية الأجر وأغلبهم بلا رخص وينشطون في اقتصاد الخدمات”.

واعتبر رعد أن “الحد من أخطار العمالة الوافدة يتطلب ربط استقدام العمال بحاجة السوق إلى بعض العمالة الماهرة وربطها بالخبرة والكفاءة النوعية التي تساهم بصورة فعالة في عملية الإنتاج والتنمية، وهذا بدوره سيؤدي إلى التقليل من حجم العمالة الفائضة وغير الماهرة التي تشكل النسبة الأكبر من العمالة الوافدة. ومن جانب آخر يجب العمل على زيادة مهارة العامل العراقي من خلال التدريب والتأهيل وإقناعه بالعمل في الوظائف التي تتطلب مجهوداً كبيراً وذات أجر متدن”.

غياب القانون

من جانب آخر أكد الباحث الاقتصادي صالح لفتة أنه “لا توجد أية مجازفة بالنسبة إلى العمال الأجانب في العراق فالوضع الأمني لم يعد كما كان في السابق والشعب العراقي يتعامل بلطف ومحبة وتسامح مع الأجانب. وما يجذب العمالة الأجنبية هو فرص العمل الكثيرة جداً في العراق التي يبتعد عنها العراقي، ولا يرغب فيها على رغم أنها تدر أموالاً طائلة فتغري من لا يهمه كيف يجمع الأموال أو يعتبرها مهن عادية كبقية المهن التقليدية”.

وأشار لفتة إلى أنه “على رغم عدم وجود قانون ينظم دخول العمالة الأجنبية إلى السوق العراقية لكن يوجد آلاف العمال الأجانب في العراق، فالرواتب العالية التي تعطى لهؤلاء العمال خصوصاً في الأعمال التي لا يرغب فيها العراقيون سواء كانت مشروعة بسبب الثقافة الشعبية السائدة أو أنها غير قانونية، تتم بالخفاء. ويجذب هؤلاء العمال ضعف تطبيق القانون بحق مخالفي قانون العمل العراقي. كما أن الشركات الأجنبية تفضل العمالة الأجنبية على العراقية، في تقصير واضح من الحكومات السابقة في مجال منع توظيف الأجانب على حساب العامل العراقي على رغم رخص الأجور التي يتقاضاها العراقي قياساً بالأجنبي. ولدي العراقي كفاءة وخبرة يستطيع إثباتها أكثر من الأجنبي إذ إن التفضيل عائد لحسابات الشركات في التكتم على أعمالها وما ترتكبه من مخالفات تريد بقاءها طي الكتمان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *