اسم الكاتب : عادل عبد الزهرة شبيب
يعاني العراق بطالة مزمنة ورثها من تراكمات الماضي واستفحلت في ظل الحكومات المتعاقبة بعد 2003, وحسب احصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فإن معدلات البطالة في العراق بلغت مليوناً و 200 ألف عاطل عن العمل ( والرقم اكثر من ذلك) , والكثير منهم من حملة الشهادات الجامعية, وقد ازدادت البطالة بشكل ملحوظ في العراق بعد 2003 , ولم تضع كل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 المعالجات والحلول لهذه الظاهرة حيث وقفت عاجزة امامها , بل بالعكس ازدادت معدلاتها . ومما زاد في نسبة البطالة في العراق الإغراق السلعي بسبب دخول كميات كثيرة من السلع والمنتجات المختلفة الرخيصة السعر والتي تنافس المنتجات المحلية حيث عملت على تجميد المصانع والمعامل واغلاقها وتسريح عمالها لعدم قدرة منتجاتها على منافسة البضاعة المستوردة الرخيصة. وتشير التقديرات الى بلوغ البطالة اكثر من 35 بالمئة.
ومن الأسباب الأخرى التي ادت الى ارتفاع نسبة البطالة في العراق هو تدفق العمالة الأجنبية بأعداد كثيرة حيث لجأ الكثير من اصحاب الأسواق والمطاعم والفنادق ومحطات الوقود الى تشغيلهم وتفضيلهم على العمال العراقيين ولعدة أسباب اهمها:-
1- تدني اجور العاملين الأجانب حيث ان العامل الأجنبي يعمل اكثر من العراقي ويعمل ليلا ونهارا وبدون اجازة ويعمل ساعات طويلة مقابل اجر العامل العراقي .
2- تفرغ العامل الأجنبي للعمل بشكل كامل دون أي التزامات مجتمعية اخرى .
3- عزوف العمالة العراقية عن ممارسة بعض الأعمال وقبولها من قبل العمال الأجانب .
4- ان العامل الأجنبي وبحكم وضعه المادي المتدني والمسافة التي قطعها من بلده الى العراق يكون اكثر حرصا على اتقان عمله وبأفضل صورة والتمسك به .
5- زيادة ساعات العمل التي يعملها العامل الأجنبي مقارنة بساعات عمل العراقي الذي يتذمر كثيرا وينتابه نوع من البطر في بعض الأحيان او يقوم بإضاعة وقت العمل وبحجج مختلفة.
6- امتلاك العمالة الأجنبية الوافدة للعراق مهارات اعلى من نظيرتها العراقية .
7- مطالبة العمال العراقيين باستمرار بزيادة الاجور اضافة الى انهم غير منضبطين في العمل وكثيرو التغيب . ان زيادة الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية وهي في الغالب من دول آسيوية كالهند وسريلانكا وبنغلاديش والنيبال والفلبين اضافة الى المصريين والسوريين واللبنانيين والسودانيين وغيرهم قد ترتب عليها جملة من الآثار الاقتصادية السلبية ابرزها ارتفاع معدل البطالة بين الأيدي العاملة العراقية خاصة فئة الشباب. ويشير تقرير لصندوق النقد الدولي ان معدلات البطالة لدى فئة الشباب في العراق بلغ اكثر من 40 بالمئة وان معدل النساء خارج القوى العاملة في العراق يبلغ قرابة 85 بالمئة . ان تزايد اعداد العمالة الأجنبية الرخيصة في العراق سيؤدي الى منافسة المواطنين في سوق العمل المحلية بأشكال مختلفة , واصبح البنغاليون مطلوبين بقوة في اعمال تنظيف المؤسسات الحكومية والخاصة , بينما تفضل الشركات التجارية والمطاعم السوريين واللبنانيين اصحاب الخبرة وخاصة في المطاعم .
سمات دخول
تقدر الاحصائيات الرسمية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تسجيل اكثر من مائة الف عامل اجنبي في العراق صادرة لهم سمات دخول خلال عامي 2017 و2018 غالبيتهم يعملون في القطاع الخاص مقابل 13 ألف عامل عراقي فقط ضمن الشركات التي منحت اجازة عمل. ويرى البعض ان هذا الرقم الرسمي غير دقيق فهم اكثر من ذلك وبحدود 200 ألف شخص من جنسيات مختلفة عربية وغير عربية في ظل غياب الضوابط القانونية التي تنظم دخولهم الى العراق . وبسبب تفشي البطالة بين العراقيين ولاسيما بين الشباب الخريجين , فقد شهدت العاصمة ومراكز المدن العراقية المختلفة تظاهرات احتجاجية غاضبة مطالبة بتوفير فرص العمل للعاطلين وتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد بكافة اشكاله واجراء الاصلاحات الاقتصادية الشاملة . ويلاحظ القانونيون ان كثيرا من العمال الأجانب في العراق يواجهون مشكلة عدم شرعية اقامتهم في العراق ما يجعل حركتهم خارج مكان العمل معدومة , حيث دخل جميعهم البلاد من دون تصاريح عمل ومن خلال تأشيرات سياحية فقط وهم يعملون خارج الضوابط وليس لديهم اجازات او تصاريح عمل علما ان الاجازة تصدر من وزير العمل حصرا وبالتالي فإن كافة العمال الأجانب في العراق واصحاب العمل هم مخالفين للقانون ولا شرعية لهم . وقد سبق لمجلس الوزراء ان اصدر قرارا خاصا بتنظيم العمل للأجانب في البلاد حمل الرقم 130) ) يلزم اصحاب الشركات وارباب العمل بأن تكون نسبة العراقيين 50 بالمئة بين العاملين على الأقل من اجل توفير فرص عمل للشباب وان القرار يعطي الحق للشركات الأجنبية العاملة في العراق بأن تستجلب الف عامل كحد اقصى لكن بعضها اصبحت تتحايل على القانون وتجلب اعدادا كبيرة قد تصل الى خمسة الاف عامل اجنبي وتقوم بتوزيعهم في السوق العراقي بالاتفاق مع بعض اصحاب المكاتب الخاصة ,وهو ما يعرض المسؤولين عن ذلك للغرامة المالية وترحيل العمالة الفائضة . ويعتبر ترحيل العمالة الأجنبية الفائضة خطوة تصب في مصلحة العامل العراقي وتساعد على خلق فرص عمل جديدة بين الالاف من العاطلين العراقيين.
نقابة العمال
ومن الضروري في هذا المجال تأسيس نقابات عمالية لضمان حقوق العمال العراقيين مع وضع ضوابط لتنظيم عمل العمال الأجانب في العراق ومراقبتها والزام ارباب العمل بعدم تشغيل العمال الأجانب الا بعد استكمال اوراقهم الرسمية الخاصة بالإقامة واجازة العمل داخل العراق وكذلك ضرورة تحديد ساعات عملهم وايام العطل وضمان حقوقهم .
تشغيل ايدي
وكذلك الزام الشركات الاستثمارية العاملة في العراق على تشغيل نصف الأيدي العاملة العراقية في مشاريعها. ان البطالة المزمنة التي يعاني منها العراق من الصعب حلها دون تدخل الدولة وبشكل مباشر وفعال عن طريق تقنين ادخال العمالة الأجنبية الى العراق ووضع حد لسياسة اغراق السوق بالمنتجات المستوردة , وتفعيل القطاعات الاقتصادية من صناعة وزراعة ونقل وسياحة وتعدين وغيرها من اجل امتصاص الأيدي العاملة العاطلة عن العمل مع ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص ودعم القطاع الخاص للقضاء على البطالة التي ارتفعت نسبتها فمن المستحيل على القطاع العام وحده استيعاب العدد الكبير من العاطلين, وضرورة مكافحة البطالة باعتبارها من الأهداف الرئيسة للسياسة الاقتصادية واعطاء الأولوية الى البرامج الاستثمارية والى خلق الحوافز للمناطق والقطاعات التي عانت التمييز والعمل على تنمية الموارد البشرية ورفع كفاءة العاملين عبر الارتقاء بالنظام التعليمي ووضع برامج لإعادة التأهيل والتدريب المستمرة واشاعة استخدام التقنيات الحديثة وتشجيع البحث العلمي والابتكار وتخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك مع ضرورة توظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار والتنمية .