اسم الكاتب : رياض سعد
عرفت الفئة الهجينة بالقسوة والصلف والرعونة والفساد والاجرام منذ وطئت اقدامها الهمجية ارض الرافدين ؛ وقد استمرت هذه الفئة على هذا النهج المنكوس فهي لا تلد الا مجرما سفاحا او قاتلا ذباحا , ولعل من ابرز لقطاء الفئة الهجينة المدعو دوحي بن صبحة او(( صديم النغل )) الذي مارس ابشع طرق التعذيب واشد وسائل وادوات العذاب بحق العراقيين الاحرار والنبلاء والاصلاء ؛ ومن هذه الطرق : قلع العيون او فقأها ..!!
تعتبر نعمة البصر من أعظم النعم في الحياة بل هي الحياة , و إن خلق العين من أعظم أسرار قدرة الخالق الصانع ، فهي برغم صغرها بالنسبة إلى كل المخلوقات من حولها، فإنها تتسع لرؤية كل هذا الكون الضخم بما فيه من نجوم وسهول وبحار وجبال وأنهار وأشجار وكل المخلوقات الاخرى … والبصر مرآة الجسم ، وآلة التمييز، وهو النافذة التي يطل منها الانسان على العالم الخارجي ، ويكشف بها عن أسرار الأشكال والأحجام والألوان ، وبالعين يتفكر الإنسان في نعم الله عليه وفي هذا الجمال الذي أودعه الله في هذا الكون الفسيح .
وبالعين يدفع الإنسان عن نفسه الكثير من الشرور وبها يتعلم الكثير من المعارف والعلوم وبها تشّيد الحضارات وتبنى الأمم وتتعارف القبائل والشعوب … .
وكعادة صدام المجرم وزبانيته الارهابيين من رعيان تكريت وهمج العوجة وجلادي الفئة الهجينة وعملاء البعث الحاقد في فرض العقوبات القاسية وحرمان العراقيين من ابسط حقوق الحياة التي وهبها الله لهم ؛ قامت الاجهزة القمعية الصدامية بارتكاب العديد من جرائم سمل العيون وقلعها بحق ابناء الامة العراقية الاصيلة ؛ ومن هذه الامثلة – على سبيل المثال وليس الحصر ؛ وان تعدوا جرائم الطغمة الصدامية والفئة الهجينة لا تحصوها – :
فها هو الكاتب العراقي رشيد الخيون يحدثنا عن تفاصيل جريمة مروعة حدثت لوزير الصحة العراقي رياض ابراهيم اذ قال : (( أنني شاهدت عيني الطبيب رياض إبراهيم، قبل سمَّلهما طبعاً، يوم زرته في مستشفاه بساحة الأندلس، جنوب بغداد ، كانتا شهلاوتين حادتين، لا تشبه عيون البعثيين العقائديين السمَّالين . كانت النعمة بائنة عليه ، رشيق القوام كث الشاربين ذو ثياب متوازنة الألوان، يخجلك بالتوديع والترحيب، وإن كنت طالب ثانوية. حسنناً نطق طبيب صدام بعد سكوت طويل، فعيني رياض إبراهيم ستضاف إلى جبل الشواهد الدامغة في قاعدة محكمة عادلة، لكن للأسف ليس من عقوباتها سمَّل العيون )) ؛ وقد أَخبر طبيب صدام حسين نقلاً عن شقيق وزير الصحة المقتول رياض إبراهيم أنه دفن شقيقه بلا عينين، أي كان مِحْجَراه فارغين (1) .
وللبعث المجرم والفئة الهجينة تاريخ طويل في سمل عيون الاحرار والمعارضين من ابناء الامة العراقية ؛ فقد نقل بأن شحمتي عيني سلام عادل ، أمين عام الحزب الشيوعي العراقي ، سمَّلتا، في شباط 1963، بإدخال سيخين حديد مجمرتين في مِحْجَريه، فسالا كسمن مذاب ..!!
وذهب الكاتب رشيد الخيون الى ان الشهيد محمد باقر الصدر قد لاقى نفس المصير ؛ اذ قال : (( ولا أعتقد أن عيني السيد محمد باقر الصدر قد ظلتا في مِحْجَريهما، فمعذبه كان بعثياً وسمَّل العيون أحد أخلاق البعث وطباعه.
كم فظيع أن تُفقأ العين بآلة حادة، أو بسيخٍ مجمر، أو يُسكب فيهما دواء حارق مثل التيزاب ، أو تقلعا بمخلب بشري متوحش ، ليسيل شحمهما على الخدين وتنطفئا إلى الأبد . يا لها من فظاعة كيف حياة مَنْ أُفرغ سائل عينيه ؟ سجل البعثيون رقماً قياسياً في العذاب، وسمَّل العيون واحد منها … ))
ومما ينقل عن المجرم المقبور حسين كامل انه كان يجرب المواد الكيماوية على اعضاء السجناء العراقيين العزل وبما فيها العيون ؛ اذ كان يسكب فيهما المواد الكيمياوية الحارقة وهم احياء ..!!
ومما شاهدته انا شخصيا في عقد التسعينات هذه الجريمة المروعة ؛ فعندما ذهبنا لاستلام جثة الشهيد ناصر حسين الساعدي الذي قارع النظام الدموي الصدامي وعندما اعتقلته القوات الصدامية واودعته في احدى معتقلات ديالى الرهيبة ؛ حاول الشهيد ناصر الهرب من السجن بطريقة ذكية جدا الا ان احد السجناء قد وشى به الى الأجهزة القمعية وباءت محاولته البطولية بالفشل ؛ وقد وصل خبر الهروب الى المجرم قصي صدام فأمر بإعدامه وسمل عينيه وقطع عضوه الذكري ..!!
ومما تسرب الى مسامعي آنذاك ان العديد من جثث المعدومين والشهداء كانت بلا عيون .
ومما يذكر في هذا الصدد ايضا وانا كنت من الشهود المعاصرين ؛ ان الشهيد ليث والي الدراجي الذي قتل بعض المجرمين والسفاحين الصداميين في عقد التسعينات قد القي القبض عليه من قبل الاجهزة الاجرامية الصدامية وتم ايداعه في سجن (ابو غريب ) وقبل اعدامه بفترة جاءت طبيبة تتفحص وجوه المحكومين بالإعدام ومن ضمنهم الشهيد ليث والي – كان شاباً وسيماً ذا عينين خضراوتين واسعتين – ؛ وقد تسمرت الطبيبة امام ليث وقالت له : (( كفر انت عيونك تنشلع – اي تقلع- وتروح – الظاهر انها تذهب ضمن تجارة الاعضاء البشرية )) …, وقد اخبر الشهيد ليث اهله بهذه الحادثة عندما جاءوا لزيارته الاخيرة قبل اعدامه وبالفعل بعد اعدامه وعند استلام جثته ؛ شاهدنا ان محاجر عينيه فارغة وبلا عيون ..!!
ان الطغمة الصدامية والبعثية والفئة الهجينة لا تكتفي باختطاف ابناء العراق الاصلاء واخفائهم قسريا , واحراق قلوب امهاتهم واطفالهم وذويهم عليهم بل يرتكبون جرائم مزدوجة بحقهم ؛ بداية من عصب العينين الى تعذيبهم حتى الموت و وصولا الى سرقة اعضائهم والمتاجرة بها او اهداءها الى قوى الظلام والاستعمار المعادية للامة العراقية ؛ فالطغمة الصدامية لا تراعي الحرمات او المقدسات ولا تعترف بالأخلاق والقيم والانسانية ولا تحترم قوانين حقوق الانسان ولا حتى قواعد للحرب او الاسر او الاعتقال ، فالصداميون المجرمون لا يستثنون امرأة أو مسنا او طفلا او رضيعا او معاقا او مجنونا …!!
وقصة الحاج عبد الرضا المياحي خير شاهد على ذلك، فالرجل المسن المريض خرج يبحث عن ابنه سجاد المختطف منذ أشهر – عقب احداث جامع المحسن في مدينة الثورة عام 1998 – ولا يعلم أين هو، وذات يوم قرر أن يجلس أمام سجن امن صدام ببغداد ؛ عله يسمع عن ابنه خبرا يطمئنه، وعندما سأل الزبانية الحراس عن ابنه انهالوا عليه ضربا حتى سقط مغشيا عليه والتهبت احدى عينيه ، ونقل للمستشفى وضعف بصره فيما بعد ، وعاش بعدها كئيبا حزينا على ابنه المفقود وتوفي بعد 5 سنوات من الحسرة والالم ؛ المسكين فارق الحياة دون أن تتحقق أمنيته الوحيدة بلقاء ولده الوحيد – الذي رزق به بعد 4 بنات – .
وفي هذا السياق استذكر المدعو المجرم سلام ابو كف وكان احد حراس معتقل الحارثية وسمي ب ( ابو كف) لضخامة وقوة كفه بحيث انه ضرب احد المعتقلين – والهاربين من الخدمة العسكرية الصدامية الجهنمية – على وجهه مما ادى الى فقأ احدى عينيه ..!!
قصص وحالات التعذيب على أيدى الصداميين والبعثيين والطائفيين الارهابيين لا تنتهى، ولعل من ابشعها قصص سمل العيون وقلعها ؛ ومنها هذه القصة الواقعية والتي رواها المدعو ابو اركان الزوبعي – احد منتسبي جهاز الامن – لاحد معارفي من تجار بغداد ؛ ففي احد الايام مرت سيارة تكسي من مبنى الامن العامة وقد اشار السائق الى المبنى بأصبعه وكانت البناية ترصد حركات المارة والسيارات من خلال الكاميرات السرية المنتشرة في البناية وحولها , مما ادى الى اعتقال السائق وبتر اصبعه الذي اشار به نحو البناية وسمل عينيه , وكانت هذه الجريمة في عهد المجرم ناظم كزار , ومما ينقل عنه ايضا انه عندما كان يتناول طعام ( التكة ) ويحقق مع المعارضين يدفع ب ( شيش التكة ) في عيون الضحية المعتقل وهو يضحك ..!!
ان قصص انتزاع الأظافر، وتقشير العيون وسملها ، والإغراق بالدلو، واغتصاب زوجات وبنات السجناء لإجبارهم على الاعتراف بكل ما يحلو للمحقق الصدامي ؛ تملأ المذكرات والشهادات والتقارير السرية التي خرجت من سجون الجحيم في تلك الفترة المظلمة السوداء .
واني لأعجب من الدعوات المنكوسة والحملات الاعلامية المشبوهة والتي تغطي مساحة واسعة من الاعلام العراقي المعاصر في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها ؛ والتي تمجد بالمجرم صدام و زبانيته الارهابيين و عهده الاسود المظلم و زمنه الاغبر القبيح , بل تذهب الى اعادة او تكرار التجربة السياسية الصدامية المريرة والبعثية الحقيرة , وهذا يعني الرجوع الى المجازر والمقابر الجماعية والاعدامات بالجملة والتعذيب الممنهج وقطع الاذان وقلع العيون وبتر الاصابع وفصل الرؤوس عن الاجساد والجوع والحرمان والقحط والاضطهاد والظلم والجور وامتهان كرامة الانسان العراقي … الخ
ان النهوض بالعراق لا يتم من خلال استحضار تجربة حكم دموي ارهابي رهيب ولا بالتغني بحروب الوكالة والنيابة الصدامية الخاسرة العبثية ولا بالعيش وفق النمط الصدامي المنكوس ولا بإعادة تجربة الحكومات الطائفية المتعاقبة المنكوسة للفئة الهجينة منذ عام 1920 وحتى سقوط الصنم الهجين عام 2003 ؛ بل بالنهضة الثقافية العراقية الكبرى والتنمية الاجتماعية المنشودة , وبالوعي السياسي والحس الوطني الاصيل .
……………………………………
(1) مقالة (البعثيون السمَّالون سمِّل العيون.. أي عذاب فظيع هذا!) للكاتب رشيد الخيون / موقع صحيفة ايلاف / الأربعاء 19 مايو 2004 .