نوفمبر 2, 2024

اسم الكاتب : نعيم الخفاجي

لا يوجد شعب فقير على الاطلاق، انا شخصيا، تنقلت بعدة بلدان، ووجدت بلدان، لا تملك ثروات طبيعية، مثل البترول والغاز، لكن هذه الدول غنية، وفي مصاف الدول الأوائل بالعالم، في العيش الكريم والرخاء الاقتصادي، مساحتهم الجغرافية أصغر بكثير من أراضي العراق وسوريا والسعودية، السبب يكمن أن تلك الدول المتطورة والتي لا تملك البترول والغاز، لديهم حكومات تجيد إدارة واستغلال الموارد البشرية بتطوير الاقتصاد.

لو أخذنا مملكة الدنمارك، البلد الأوروبي الاسكندنافي الصغير والجميل، لا يملكون بترول والغاز، لكن يملكون عقول تجارية متمرسة، أينما تذهب تجد مصانع جميعها تابعة للقطاع الخاص، الدولة لا تملك مصانع ومعامل، كل ماتملكه الحكومة، الجيش وبأعداد مناسبة، والشرطة والمستشفيات والمدارس، وتوجد دائرة الضرائب، هذه الدائرة تفرض ضرائب على الجميع في دفع جزء كبير من المرتبات التي يحصلون عليها في عملهم، مضاف لذلك يدفع أصحاب المصانع والمعامل نصف الأرباح أو أكثر بقليل أي ٥٥% من الأرباح تذهب إلى دائرة الضرائب، للدولة الدنماركية.

مراكز التدريب على العمل منتشرة في كل أنحاء الدنمارك، الحكومات البلدية تقدم دعم إلى طالبي العمل، يتم منحهم قروضا من البنوك مقابل أرباح لفتح مشاريع تبدأ من فتح متجر صغير إلى معمل صغير كمعمل خياطة إلى مصانع متوسطة……الخ.

دولة تدعم الصناعات بكل انواعها، يتم دعم القطاع الزراعي بشكل كبير جدا، كنا نأمل بعد سقوط نظام البعث، أن الكثير من الساسة العراقيين الجدد، والذين لديهم جوازات سفر اوروبية وامريكة واسترالية وكندية، ولديهم معرفة في شركات القطاع الخاص، كان يفترض ينقلون التجربة الأوروبية والغربية،إلى العراق، من خلال دعم القطاع الخاص، والكف عن أسلوب اتباع الاعتماد على عائدات البترول، وكانت فرصة يمكن توزيع عائدات البترول على المتضررين من النظام البعثي الساقط لفتح مشاريع زراعية وصناعية كتعويض للمتضررين، ليستفيد المتضررين وكذلك يستفيد الشعب من خلال فتح هؤلاء المتضررين مشاريع زراعية وصناعية، أقل مشروع يشغل مجموعة من العمال، أيضا صاحب المشروع ملزم على دفع رسوم وضرائب للدولة العراقية، الذي حدث، الساسة لايعرفون سوى أسلوب توزيع رواتب فقط، يوجد بالعراق ملايين الخريجين العاطلين عن العمل، ومستحيل الدولة تستطيع توظيف جميع أبناء الشعب العراقي، لو كانت الدولة لديها مصانع عملاقة كبيرة في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة، تعتمد أسلوب النظرية الاشتراكية، لقلنا ممكن ذلك، الدولة العراقية لايوجد لديها توجه في فتح آلاف المعامل والمصانع التابعة للقطاع العام الحكومي، بل الكثير من المعامل السابقة، معطلة.

على سبيل المثال، نتكلم عن مدينتي قضاء الحي، كان يوجد معمل نسيج، المعمل ليومنا هذا مقفل، والموظفين في بيوتهم يستلمون رواتب، مدينة عدد سكانها يصل نصف مليون مواطن، يوجد بها معمل نسيج واحد معطل، لايتسع سوى ثلاثين عامل وفني فقط.

خلال السنوات الأخيرة، شاهدنا بالعراق توجه حكومي في دعم الصناعة والزراعة، لكن ليس بالمستوى المطلوب، محافظة واسط تمتلك أخصب الأراضي الزراعية، لكن خلال زياراتي للعراق، لم أشاهد على سبيل المثال، إقامة مشاريع استثمارية زراعية في الأراضي الزراعية الواسعة والمتروكة.

وجدت مستثمرين عن طريق الصدفة، في مجال الزراعة، والمحافظ وافق على مشاريعهم، لكن المشكلة أن وزارة الزراعة تطالبهم في استحصال موافقة حصة مائية، ووزارة الموارد المائية ترفض اعطائهم موافقات.

الآن نحن في بداية الموسم الشتوي لزراعة الحنطة، للأسف يتم منع الفلاحين من تشغيل مضخاتهم، لسقي محصول الحنطة، الذي يحتاج ثلاث سقيات فقط، الحجج التقيد بالحصة المائية، للعلم أكثر من ٩٥% من مياه العراق تذهب لشط العرب، وزير الموارد المائية، في احاديثه، الرجل حزين على الكائنات الحية بشط العرب، تقليل المياه التي تذهب لشط العرب، يعني موت الصراصير، وتسبب خسارة وطنية كبرى تدمر العراق، بسبب موت الصراصير.

في السنوات الأخيرة تم إدخال وسائل السقي بالطرق الحديثة، من خلال المرشات، لكن ياسبحان الله أيضا القضية فهمت بشكل عكسي، هؤلاء المسؤولين دعموا شراء المرشات، بالأراضي الصحراوية، من خلال استخدام المياه الجوفية، المياه الجوفية ثروة وطنية للأجيال القادمة، يعني، الساسة المبجلين، يريدون تبديد المياه الجوفية مثل تبديد البترول.

دعم الحكومة العراقية، في تصنيع المرشات الزراعية بالعراق، خطوة جيدة، وأن جاءت متأخرة، يجب استغلال مياه دجلة والفرات، واستعمال المياه الجوفية، يكون الخيار الاخير، تستطيع الحكومة العراقية، عمل أنبوب مثل أنبوب نقل البترول من البصرة إلى العقبة، والذي يكلف العراق عشرون مليار دولار، يمكن عمل أنبوب لنقل المياه الصالحة من شط العرب من شمال البصرة، إلى صحراء السماوة والزبير وسفوان وصحاري غرب الناصرية والديوانية والنجف والانبار، وكربلاء، أنبوب واحد يغذي خطوط فرعية تنقل المياه إلى المرشات الزراعية، انا متأكد مليون برميل مياه بشكل يومي، يتم ضخه، في أنبوب نقل المياه، يكفي لزراعة ملايين الدونمات بالري بواسطة المرشات.

قبل أيام تم نشر صور قيام وزير الصناعة والمعادن العراقي السيد خالد بتال، تحديدا، في يوم الأحد الماضي، قيامه بفتح مشروع إنتاج منظومات الري بالرش المحوري بطاقة 1800 مرشة سنوياً، وأشار السيد الوزير بحديثه، إلى فتح ثلاثة معامل لصناعة المرشات المحورية بالعراق، وأن هذه المعامل الثلاثة، ستغطي حاجة العراق خلال 5 سنوات.

واضاف السيد الوزير أن الأزمة المائية يجب أن تعالج بخطة مستقبلية للمحافظات التي تتوفر فيها مساحات كافية ومياه جوفية، موضحاً أن أي مرشة لا تنصب إلا بموافقة وزارة الموارد المائية ضمن خطط الوزراة المستقبلية ضمن خطط معالجة المياه من جهة وأيضاً استدامة موارد المياه الجوفية من جهة أخرى والحفاظ عليها للأجيال القادمة.

وذكر أنه تم تجهيز وزارة الزراعة بدفعتين من المرشات بواقع 500 مرشة في الدفعة الأولى و1500 مرشة في الدفعة الثانية، لافتاً إلى أن المعمل الثالث لإنتاج المرشات سيفتتح قريباً في شركة الفارس، لتكون لدينا 3 معامل للمرشات المحورية، والتي ستغطي حاجة العراق خلال 5 سنوات.

ثمة تساؤل لماذا يتم الاعتماد على المياه الجوفية بظل وجود إمكانية مادية لدى الحكومة العربية، في مد أنابيب لنقل المياه من شط العرب، إلى صحاري البصرة والناصرية والسماوة والتي لاتبعد سوى مسافة ٦٠ كيلو متر ليصل صحراء غرب البصرة، وإلى ٢٠٠ كيلو متر تصل المياه إلى صحاري الناصرية والسماوة، ربط خط لنقل المياه الزائدة التي تصب بشط العرب، إلى صحاري محافظات الجنوب والفرات الاوسط، افضل طريقة لزراعة كل صحاري العراق، بالري من خلال المرشات، وللأسف غالبية مياه العراق، تذهب لمياه الخليج دون الاستفادة منها، للظاهر المسؤولين وأصحاب القرار بالعراق نائمين، واذا انتبهوا تكون معالجتهم للأمور بطريقة خاطئة، الحكومات المحلية في محافظات الجنوب والفرات الاوسط يصرفون مليارات الدولارات في تبليط الشوارع وفي تشجير المدن بطريقة يشوبها الفساد للأسف، يشترون نخيل في ارتفاع خمسة امتار، بسعر يصل مليون دينار عراقي عن كل نخلة، ويرفضون زراعة فسيلة نخيل صغيرة بسعر خمسة آلاف دينار عراقي، أو في أسوأ الأحوال يشترون فسيلة نخيل نسيجي برحي أو مجهول من شركة البشير لإكثار النخيل وتصدير التمور بمبلغ لا يتجاوز مائة ألف دينار عراقي، للأسف يشترون النخلة الواحدة في مليون دينار عراقي لأنه يوجد باب للفساد المالي والسرقة والحرمنة، لا يوجد عندهم حس وطني لخدمة الدولة العراقية، يفكرون في كسب المال ولايفكرون بمصلحة الشعب العراقي.

لم أجد ولا محافظ واحد ولا سياسي عراقي قدم أشجار فاكهة لا يتجاوز سعرها الف دينار عراقي للمواطنين في حملاتهم الانتخابية، تراهم يهبون أجهزة موبايل وبعضهم يعطي مدفئة والبعض الآخر يعطي بطانيات، والبعض الآخر يعطي وعود بتوظيف اشخاص، والبعض الآخر مثل الحلبوسي يوزع مسدسات، لم أجد بالعراق أن وزارة الزراعة فكرت في الاستفادة من فروع دوائر الزراعة في المحافظات العراقية، في عمل مشاتل لزراعة شتلات فاكهة مثل الرمان والتين والبرتقال أو أشجار الزيتون وتقوم بتوزيعها بشكل مجاني لسكان الأرياف، لم اسمع أن وزارة الزراعة عملت حملة في زراعة فسائل نخيل بالمشاتل بوضعها في أكياس رمل وبعد أن تتجذر الفسائل، يقومون في توزيعها على المواطنين بشكل مجاني، وزارة الزراعة تستطيع شراء فسائل النخيل من أصحاب البساتين في أربعة آلاف دينار عراقي للفسيلة الواحدة، الحكومات بالعراق لم ولن يدعمون الزراعة ابدا بظل وجود البترول، البترول نقمة وليس نعمة على شعب العراق، الف لعنة على البترول قُتلنا بسببه، وعشنا هاربين مشردين خارج بلداننا بسببه، وياتي المسؤول رفيق الدرب ليتبؤ منصب معين يتفنن بتطبيق قوانين جائرة لظلم الناس وسلب حقوهم، بحج واهية، يفترض بالمسؤول وخاصة من الأحزاب الدينية، يفترض بصاحب الدين أن يطبق القانون ويضيف للقانون عدالة الإسلام برفع الظلم والحيف عن الناس،الف طز بالقانون الوضعي الذي يعرض الناس للظلم، نعم لتطبيق القانون الوضعي ويضاف للقانون الوضعي إنسانية الإسلام لكن البعض من مسؤليتنا حميرللاسف، اقسم بالله حتى الحمار ربما يفكر أكثر من الكثير من المسؤولين الذين أتت بهم المحاصصة الحزبية بشغل مناصب مهمة، والمصيبة ترى الكثير من هؤلاء، بقي بالمنصب رغم تجاوز سنه القانوني للتقاعد، ينظر إلى المؤسسة أنها ملكه الخاص وإنه العبقري الوحيد الذي يحق له تبوؤ المنصب، تصوروا يتم مطاردة الفلاحين ومصادرة مضخاتهم، بسبب كذبة الحصة المائية، يفترض بالموظفين الذين يخرجون لمتابعة الفلاحين يغضون نظرهم، يفترض بالضابط والدورية التي معه، يغض النظر عندما يشاهد فلاح مشغل مضخته، لسقي مزوعاته، وخاصة المياه ذاهبة بطريقها لشط العرب وإلى الخليج دون الاستفادة منها، لاتوجد سدود بالجنوب لحجز المياه، المطلوب من الحكومة تعطي حق للفلاحين في تشغيل مضاختهم دون التقيد بالحصة المالية في عطلة الاسبوع ليوم الجمعة والسبت، وبقية الايام يمكن التقيد في بدعة الحصة المائية.

ذكرت أنديرا غاندي رئيسة الوزراء الهندية، انها كانت ذات يوم مع والدها الزعيم جواهر لال نهرو، وسألته، ماذا يحدث في الحرب، اجابها، ينهار الإقتصاد، قالت، وماذا يحدث بعد إنهيار الإقتصاد؟، أجابها: تنهار الأخلاق.

قالت: وماذا يحدث أيضاً لو أنهارت الأخلاق؟، رد عليها بمنتهى الحكمة: وما الذي يبقيك في بلد انهارت أخلاقه؟

يستطيع الإنسان أن يتعايش في أي مجتمع فيه بعض النقص الغذائي الإقتصادي الترفيهي

إلا انعدام الأخلاق حيثُ يسود اللئام والسفلة وتذهب الأعراف والقوانين ويتبخر الخير، ويتحول كل شيء إلى غابة،ولهذا تُصبح الحياة الكريمة شبه مُستحيلة، من المؤسف أن كل قوى الاستعمار وادواتهم من فلول البعث وهابي يستهدفون المكون الشيعي العراقي، والمصيبة ساسة المكون الشيعي العراقي يعيشون في أبراج عاجية، لا يهمهم ما يحدث خارج أماكن سكنهم، عزلوا أنفسهم عن جماهيرهم، تفنن المسؤولين والموظفين الشيعة بظلم أبناء الشيعة، وانا واحد من أكثر الناس الذين ظلمهم نظام صدام الجرذ، وظلمت من المسؤولين والموظفين الشيعة بعد سقوط نظام البعث، لكن إلى الله المشتكى، بكل الاحوال، نبقى ننصح ونذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين مع خالص التحية والتقدير.

نعيم عاتي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *