ديسمبر 26, 2024
download (1)

الكاتب : محمد ابو النواعير

هناك فرق بين اهداف الدنيا، مهما تسامت وعلت.

وبين اهداف الآخرة، مهما صغرت وتضاءلت.

الهدف الاساس من خلقنا كبشر هو ان نعبد الله، ونكون بمنزل تهيئة واختبار، للانتقال الى العالم الذي فيه (مستقر).

اذن، اهمية الدنيا اهمية ثانوية مقارنة بالآخرة، فالدنيا هي دار تهيئة واستعداد وخضوع للامتحانات، وهي بحقبة مؤقتة تسمى الحياة الدنيا، وأن الدار الآخرة، هي الحياة الحقيقية التي من اجلها خلق الله الدنيا، ووضع فيها سيناريو الاديان والاختبارات.

ومع ان اهم اختبار يقع فيه الانسان المؤمن هو الركون الى الدنيا والإطمئنان لها، فان الاثر المترتب على ذلك، سيكون مدعاة لنزعة التردد في بحثه عن الخير، ما بين رأي الفقيه، المجتهد، الجامع للشرائط، والذي يترجم فقهه الديني كاداة لتنظيم وتهذيب حياة الانسان، لينجح في اختبار الدنيا، ويطمئن لمصيره في الآخرة، وبين ورأي العالم المختص في اي مجال او علم من مجالات وعلوم الحياة الدنيا، والذي يقتصر دوره على ضبط موازين الحياة، حتى يقلل قدر الامكان، بواعث الالم والشقاء في حياة الانسان (بحسب ادعاء اتباع هذا الطرف).

انا كمسلم شيعي، ايهما يجب علي ان اتبع اذا تعارض رأي الاثنين.؟

وأيهما رأيه مفضل على الآخر.؟

جواب هذه الاسئلة يعتمد بشكل عام على نوع التوجه الضابط لحياتك وعقيدتك.

فان كنت انسانا متدينا، وجب عليك اتباع المرجع الجامع للشرائط، لانه يعرف جيدا، ومختص بدقة، في الاخذ بيدك نحو طريق الخير في الدنيا والنجاة في الآخرة، او على الاقل، هو عليم بطرق الآخرة، عبر تهذيب طرق الدنيا.

اما اذا كان الالتزام الشرعي واحترام الله ورسله وشرائعه، هي آخر اهتماماتك، فلك ان تتبع من تحب. !

وسأعطي مثال على ذلك، وهي كثيرة في القرآن:

نعلم كلنا ان حياة الانسان وصحته والحفاظ عليهما، هي من اقدس الامور واهمها عند الطبيب (كمختص بالعلوم الدنيوية).

فاي شيء يقود الى هلاك النفس بشكل ارادي، سيكون ممقوتا مرفوضا عند اي طبيب.

حسنا.

يعني لنفترض ان الطبيب الالماني بوريس فافنباخ، الذي هو اليوم يعد اشهر جراح في العالم، كان يعيش في زمان النبي موسى عليه السلام، وسمعه يقول لهم : اقتلوا انفسكم خيرا لكم؛ كما ذكر  ذلك في الآية : وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

هنا، ماذا سيكون موقف هذا الطبيب (المختص) من امر النبي موسى ع؟

قطعا سيكون الرفض.

في القصة اعلاه، نجد ان نبي الله موسى عليه السلام يقوم بدور الفقيه الممثل للشريعة في زماننا.

والطبيب يمثل العالم المختص في مجال اختصاصه.

السؤال الاهم: لو كنت بين الاثنين، وكنت تدعي انك صاحب دين، من ستتبع منهما. ؟؟

هنا مربط الفرس.

د. محمد ابو النواعير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *