الكاتب : سليم الحسني
انكشف المستور وانفضح. هذا حال الانقلابات حين تفشل، تصبح أكثر الخطط سرية متداولة في العلن. لكن هناك قسماً من الأسرار والأدلة تبقى طي الكتمان، تحتفظ بها بعض الدول والجهات الخاصة بسرية تامة، ليس خوفاً من انكشافها، وإنما لأنها تدخل في صفقات السياسة العميقة بين هذه الدول.
إن عالم اليوم يختلف عن زمن الانقلابات في القرن الماضي. لم يعد (البيان رقم واحد) له وجود في دول النفط ولا في الدول الحساسة، لقد كان ذلك في حقبة سابقة قديمة جداً في حساب الزمن المخابراتي ومعادلات اليوم.
إن المعلومات التي انكشفت رغم خطورتها، هي للتداول اليومي بين الناس، أما ما جرى من اتصالات سرية ورسائل الجوّالات وغيرها فهي عند تلك الجهات الخاصة.
هل تعلم يا سيد مقتدى الصدر أن سنوات طويلة تمر على الشخص وهو في راحة واطمئنان بأن حادثة قديمة قد اندثرتْ، ثم تظهر فجأة في وقت غير محسوب، فتسقطه وتُسقط اشخاصاً مهمين، تضيع أموالهم وممتلكاتهم ولا يعد أمامهم سوى الهروب الدائم أو السجن الطويل أو الإعدام بحبل خشن؟
تصفّح مواقع الانترنت عن ذلك، ستجد الكثير منها، وستعجب من المصائر التي صاروا اليها.
هل تظن أن انقلاب الاثنين الأسود قد طويت صفحته بخطاب (القاتل والمقتول في النار) وأنتهى الأمر؟ هل تتصور أن كلمات الشكر التي بعثها لك بعض الأشخاص، تنفع لتكون وثيقة براءة وشهادة نجاة؟
سترتكب أكبر الأخطاء إنْ ظننتَ ذلك. فبلدان النفط لها وضع استثنائي خاص عند الدول المعنية. لقد حرّموا فيها الانقلابات المسلحة. ومن يرتكبها فلا توبة له. حتى الذين تورطهم الدول المعنية بانقلاب وتشجعهم على القيام به، فانها تفرض عليهم كفّارة ثقيلة.
لقد أعلنتَ إعتزالك السياسة. لكنك لم تعتزلْ الإعتزال الصادق، فلقد كررت هذا للمرة السابعة حتى الآن. بل أنت في هذه المرة كنت أسرع من ذي قبل في العودة باسمك المستعار. أتظّن أن الأسماء الأخرى تجعلك في منأى عن الحساب والرصد؟ ليس الأمر كذلك. إنه أكبر بكثير مما تتصور. فبعد الانقلاب أصبح حتى أبعد شخص من اتباعك موضع رصد. صارت الرصاصة التي يطلقها مسلح من أنصارك في قرية نائية تدخل ملفاتك عند الدول المعنية. صار المنشور الصادر من أحد اتباعك على التواصل الاجتماعي محفوظاً في أرشيف الرصد الخاص بك عند هذه الدول والجهات.
وسواء عليك أخدعوك بالانقلاب أم لا، فأنت متورط فيه، ملتصق به. ولن ينفع خطاب قصير بتحقق البراءة، ولن تنفع كلمات شكر جاملتك في ساعة القلق أن تحميك من منظمات قانونية دولية تعمل وتنشط وتحرّك القضايا في إتقان وتخصصات عالية وخبرات طويلة.
أنت في وضع حرج يا مقتدى الصدر. كنْ هذه المرة صادقاً بأقصى ما تستطيع في قرار الاعتزال. واشفعْ ذلك بقرارات سريعة تبرهن على إعتزالك.
قد يقول لك بعض مقربيك، هذا كلام فارغ. وهذا رأي مبالغ. وهذا حديث من لا يعرف قوتك.. وغير ذلك من الأقوال.
في هذه النقطة ستكون أمام اللحظة الفاصلة، إنْ شئت صدّقهم وانتظر.
٢ أيلول ٢٠٢٢