الكاتب : سلمان رشيد الهلالي
برزت خلال القرن العشرين ثلاث فئات شيعية في العراق شكلت بحد ذاتها جماعة سيوسولوجية , ليس من خلال الرؤية الماركسية التي تعتمد الجانب الاقتصادي فقط , وانما بحسب رؤية ماكس فيبر التي تجمع بين الراسمال الرمزي مثل المكانة الاجتماعية او الوجاهة او الانحدار النسبي وغيرها وبين الوضع الاقتصادي والمعيشي , وهى
1 . رجال الدين او المجتهدين او الكهنوت او العوائل الدينية في النجف وكربلاء والكاظمية . ويتميز هؤلاء بانهم زعامات او معارضين او منظرين او مؤيدين او محرضين او موجهين في الاحداث المفصلية خلال القرن العشرين مثل الحركة المشروطية الدستورية عام 1906 ومقاومة الاحتلال البريطاني في البصرة عام 1914 والثورة العراقية الكبرى عام 1920 (ثورة العشرين) وما اعقبها من احداث وتداعيات واشكالات مهمة ورئيسية مثل حركة مايس عام 1941 وثورة تموز 1958 والانقلاب البعثي الاول في شباط 1963 والثاني في تموز 1968 والحرب العراقية – الايرانية (1980 – 1988) الانتفاضة الشعبانية عام 1991 وغيرها . ونادر ماتصدى رجال الدين والمجتهدين للسلطة في البلاد بصورة مباشرة , سواء اكان بعد تاسيس الدولة العراقية عام 1921 او بعد السقوط 2003 . ومن اهم تلك الاسر والعوائل الدينية : ال الصدر وال الحكيم وال كاشف الغطاء وال بحر العلوم وال الشبيبي وال الشرقي والجزائري وال الخوئي والخالصي والحبوبي والمظفر والجواهري والشيرازي والمدرسي وغيرهم .
2 . السراة او الاعيان من الاغنياء والوجهاء والمتنفذين البغداديين (والقليل من المحافظات) الذين تصدوا للمشاركة السياسية في الادارة والحكم خلال العهد الملكي والجمهوري وعينوا في وزارات الحكومة والبرلمان وغيرها , واصبحوا واجهة الشيعة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا خلال القرن العشرين وحتى سقوط النظام البعثي عام 2003 او السنوات الاولى منه … ومن ابرزهم ال كبة والجلبي وال علاوي وال مكية وال مرجان والجمالي وابو التمن وال الشالجي وال سيد عيسى والشبيبي وال عليان والحيدري والدامرجي والياسري وابو طبيخ والعطية والبغدادي والصراف والدهوي والربيعي والعطار والخاصكي والجرجفجي وال شبر (منهم السيد عبد المهدي) وال البراك وال شلاش وال زلزلة والبصام والبحراني والظاهر والازري والصفار والطحان والشكرجي وغيرهم .
3 . الجنوبيين (جنوب بغداد) ويطلق عليهم البعض تسمية الشروكية وهم الافراد والجماعات التي عاشت على هامش التاريخ والاحداث طوال العمر الاول من تاسيس الدولة العراقية الاول (1921 – 2003) . وهم كتل بشرية لايجمعها رابط اجتماعي واقتصادي وسياسي , تعتمد الرابطة العشائرية كمعيار اول للانتساب والقيم البدوية كنسق اخلاقي واجتماعي . وفي الواقع لانستطيع ان نطلق على هؤلاء تسمية محددة لانهم بالاصل ليسوا جماعة او طبقة بذاتها , فهم يشكلون اغلبية المجتمع العراقي الصامتة .. ولايوجد اتفاق حول تسميتهم , فالبعض – كما هو معروف – يفضل التسمية الجغرافية – الطبقية السابقة وهى (الشروكية) باعتبارها تسمية تمددت لتشمل جميع اهالي وسط وجنوب العراق , رغم المورثات السلبية الاجتماعية ضدها , سيما بعد ان اعطوها معنى ايجابي من خلال اعادة قراءة وتاويل هذا المصطلح نحو سياق رافديني قديم يرجع للحضارة العراقية . واما اصطلاح (الجنوبيين) فانه قد يشكل تسمية مقبولة اجتماعيا وتعبر عن المكان الحقيقي والحيز الجغرافي لهم , الا انها تصطدم باشكالية اخرى وهى : ان هذا المصطلح قد يقصد به الجنوبيين فقط , وهم ابناء المحافظات الثلاث (البصرة والناصرية والعمارة) ولايشمل منطقة الفرات الاوسط , وهو مايعد اختلالا بالمصطلح ومعناه الخاص , الا اللهم القول تحديدا (جنوب بغداد) , عندها ياخذ المعنى المشار له سياقه الشامل المراد منه . فيما انا من جانبي افضل تسمية الدكتور علي الوردي (الصعاليك) التي استعارها من البيت الشعري الشهير لعلي بن نصر المالكي الذي وصف بغداد في ذلك الزمان بانها :
دارا لاهل المال واسعة وللصعاليك دار الضنك والضيق ….
وهو المعنى الذي يشمل المهمشين والفقراء والنازحين الشيعة الذين يشكلون اغلبية افراد الوسط والجنوب , ويختلفون عن السراة الاعيان الذين كانوا يعيشون نوعا من (البحبوحة) الاقتصادية والمشاركة السياسية والادارية في الحكم , وخاصة خلال مرحلة العهد الملكي (1921 – 1958) . وقد اعترض الكثيرون على اصطلاح (الصعاليك) بدعوى انه يحمل سردية سلبية من الموروثات الاجتماعية , فيما الواقع ان هذا المصطلح حمل في العقود الاخيرة معنى ايجابي وسردية رمزية متميزة عند الادباء العرب والعراقيين , حاله حال مفردة الشروكية التي كانت تحمل معنى سلبي في النصف الثاني من القرن العشرين , ثم حصل لها تاويل ايجابي جديد , حتى اخذ الكثير يفتخرون بها ويطلقونها على انفسهم باعتزاز , او ربما نوعا من التمرد والتحدي للسلطات الطائفية والقومية والعنصرية التي نالت كثيرا من هذا المصطلح والشريحة الاجتماعية التي تنتسب له . ولكن تبقى هذه المفردة في الاخير تحمل ذكريات سلبية وموروثات عصابية من الازدراء , اخذت منحى سياسي وطائفي بعد ان كانت تحمل مالات اجتماعية وطبقية فقط .
وقد طرح سؤال بعد سقوط النظام الاستبدادي البعثي الحاكم عام 2003 وهو من يحكم من الفئات الشيعية الثلاث في العراق ؟؟ :
في الواقع ان الاجابة عن ذلك السؤال خضعت كعادتها في العراق الى المسار السياسي والاجتماعي والايديولوجي , وليس النسق الواقعي والعقلاني والموضوعي . فالمجتمع العراقي يخضع اليوم الى حالة من التشظي والانقسام , ليس بين الطوائف والاثنيات والمناطق فحسب , بل وحتى بين الطائفة والاثنية والمنطقة نفسها , وخاصة عند الجماعة الشيعية الذين يفتقرون الهوية والتضامن العضوي والتوحد السياسي , واصبح الجميع يطرح رايه الشخصي دون علم او وعي او ادراك بتبعات هذا الراي او انعكاسه الاجتماعي والسياسي , سيما بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت وغيرها . وقد انحصرت الاراء بين الفئات الثلاث الاتية :
الراي الاول : ويقول ان من يحكم هم رجال الدين والمراجع وابناء المجتهدين وقادة الاحزاب الاسلامية الشيعية . فيما يقول البعض انهم مجرد زعامات لتلك الاحزاب وواجهات دينية , وليس بايديهم السلطة الحقيقية التنفيذية التي هيمن عليها الجنوبيين والشروكية والصعاليك . واكثر من يروج لهذا الراي هم من يحمل الافكار والانطباعات بحسب الظاهر دون معرفة باليات السلطة الحقيقية واتخاذ القرار والنفوذ والعقود والتعينات والتحويلات , وغيرها من السلوكيات التي تصاحب السلطة عادة . فمثلا يمكن القول ان السيد مقتدى الصدر هو زعيم التيار الصدري الواسع الشعبية وصاحب النفوذ الكبير في السلطة . ولكن هل ان مقدرات السلطة الحقيقية وتبعاتها وقراراتها بالحكم والتعينات والعقود والتنقلات والفساد والصراعات والاستحواذات وغيرها بيد السيد مقتدى الصدر ؟؟ بالطبع الامر غير صحيح ابدا , فهو مجرد واجهة دينية وسياسية ليس الا , فيما ان الباقي من رمزيات السلطة ومقدراتها وامتيازاتها هى بيد اتباعه ومكتبه ومواليه واغلبهم – ان لم يكن جميعهم – من الشروكية او الجنوبيين او الصعاليك , ولم يبقى بيد الصدر سوى التحركات السياسية العامة مثل التدخل باختيار رئيس الوزراء او غيرها , بل ان حتى اختيار وزراء التيار الصدري والنواب والمحافظين وباقي الدرجات الخاصة لايعلم بها الصدر , وانما هى بيد المكتب والاعضاء والمتنفذين وتخضع للمساومات والعلاقات والمصالح الشخصية والحزبية والمالية . وقد شعر الصدر نفسه بان الكثير – او الاغلبية – من الفاسدين قد استغلوا اسمه وسلطته واسم ال الصدر بهذا المجال , فاعلن برائته ومنهم او فصلهم او محاكمتهم . وكذا الامر ينطبق مع السيد عمار الحكيم والشيخ اليعقوبي وغيرهم .
الثاني : ويقول ان من يحكم من الشيعة بعد السقوط 2003 هم الاعيان والوجهاء والسراة السابقين في العهد الملكي الذين اعادوا انتاج انفسهم بعد السقوط , امثال الجلبي وال علاوي والشبيبي وال عبد المهدي وال كبة وغيرهم … فيما يرفض البعض هذا الراي ويقول ان هؤلاء تصدوا للحكم في المرحلة الاولى من السقوط فقط , ولكنهم انعزلوا امام تمدد الجنوبيين والشروكية والصعاليك , والدليل عندنا هو تناقص اعدادهم في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية اولا , ومهاجمتهم للنظام السياسي الجديد وانتقاده بدعوى عدم الاعتماد على الكفاءات والخبرات واولاد الاصول والاعيان ثانيا . (وطبعا يقصدون انفسهم كما في كتاب جمان كبة انهيار التعليم في العراق). ويبدو ان الامريكان ارادوا تسليم السلطة التنفيذية للسراة الاعيان الشيعة في بادىء الامر , بسبب خبرتهم ونفوذهم وعلاقاتهم , كما في اختيار اياد علاوي كاول رئيس وزراء في العراق بعد مجلس الحكم الذي تاسس عام 2003 , الا انهم شعروا – كما يبدو – ان جماعة اخرى في العراق تريد ان يكون لها تمثيل حقيقي في السلطة ودور سياسي واقتصادي كبير في البلد , بعد عقود من التهميش ابان المرحلة الاولى من تاسيس الدولة العراقية (1921 – 2003) وهم الشروكية او الجنوبيين والصعاليك , والذين انضم اغلبهم للاحزاب والتجمعات والتيارات الاسلامية , ولاتريد بالتالي الاصطدام بهم او تهميشهم او اقصائهم , لان ذلك يتناقض مع الديمقراطية الحقيقية التي تسعى لاقامتها وتاسيسها في العراق .
الثالث : ويقول ان المستحوذ على البنية الحقيقية او العميقة للوزرات والقوات المسلحة ومجالس المحافظات هم الجنوبيين او الشروكية , ويشكلون اكثر من 70% من اعداد الجهاز التنفيذي والتشريعي والقضائي والامني (ويبدو ان قناة الشرقية المحرضة على النظام السياسي الجديد والموالية للحكومة السعودية عرفت هذه الحقيقة مبكرا فاطلقت عليهم تسمية العتاكة ) . وتشكل مدينة الثورة او الصدر في بغداد الخزان البشري لهذه السلطة . فيما يرفض الكثير ان يكون لهؤلاء اي سلطة حقيقية , وانما هم مجرد تابعين للزعامات الدينية في النجف وكربلاء والكاظمية . مستندين على الواقع الظاهري لتزعم تلك العوائل الدينية للاحزاب والتيارات والتجمعات .
واهم من يروج لرفض هذه الحقيقة هم الافراد الذين يحرضون على الانقسام الافقي والمناطقي في المجتمع العراقي للتعمية والتغطية على الانقسام العمودي (الطائفي والاثني والديني) في العراق , ورغبتهم بنقل المعركة من الارهاب والطائفيين وحاضنتهم من البعثيين الى مسارات اخرى . او الافراد والجماعات التي لها طوح سياسي في تمثيل اهل الجنوب في السلطات التشريعية والتنفيذية , والاستحواذ على المناصب والمكاسب والمغانم التي تحققها عادة تلك السلطات , ورغبتهم بتحقيق هذا الطموح الشخصي بدعوى ضرورة الانفصال بين الجنوب وبين الفرات الاوسط الذي يستحوذون على السلطة في العراق . وهم ينطلقون من خاصية محددة وهى ان زعامات تلك الاحزاب والتيارات من رجال الدين في النجف , وبالتالي فهم يملكون السلطة الحقيقية , وهى نظرة – كما قلنا – قاصرة وغير واقعية او موضوعية . فمثلا ان رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي , وهو من الشروكية الجنوبيين والذي تسلم رئاسة الوزراء لدورتين متتاليتين (2006 – 2014) بدعم وتاييد من زعماء تلك الاحزاب الدينية مثل عبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر وغيرهم , الا اننا وجدنا انه استحوذ على السلطة كليا خلال تلك المرحلة , وهمش تنظيم المجلس الاعلى الذي تزعمه الحكيم , وتجاوز شخصيا على السيد مقتدى الصدر وطالبه بترك السياسة كليا , وقرب الشخصيات على اساس الانتماء لحزب الدعوة او تحالف ائتلاف دولة القانون , الذي يشكل الجنوبيين والفراتيين والصعاليك الجزء الاكبر منه . وقد اراد البعض ازالة هذا الارتباك عندهم بالقول ان المالكي هو من السراة الاعيان وليس من الصعاليك والشروكية , بدعوى ان جده الشاعر محمد حسن ابو المحاسن (1876 – 1925) كان وزيرا للمعارف في العهد الملكي . وهو بالطبع من اغرب الاراء , ليس لان المالكي عاش في قرية فقيرة الحال والمستوى الاجتماعي ضمن بلدة طويريج فحسب , بل لان الشاعر ابو المحاسن هو جده لامه وليس لابيه , وهو ليس من السراتية والاعيان التي يقاس معيار الانضمام لهم ليس ضمن فرد واحد فقط , وانما عائلة متكاملة في التوجه المدني والحضاري والمالي . وكذا الامر مع رؤساء الوزراء ابراهيم الجعفري (2005) والكاظمي (2020) , ويستثنى من ذلك السيد عبد المهدي (2018-2020) الذي يعد من السراتية الاعيان , فيما حصل جدل حول العبادي (2014 – 2018) , وهل هو من السراتية الاعيان او الجنوبيين الصعاليك ؟؟ رغم انه من العوائل البغدادية , وانا اعتقد ان هناك فرق بين السراتية وبين العوائل البغدادية العريقة من ذوي الاصول الجنوبية . فليس كل عائلة بغدادية عريقة وشيعية هى من السراتية الاعيان , وهذا الامر ينطبق على الوزير باقر جبر صولاغ , فهو من العوائل البغدادية العريقة من ذوي الاصول الجنوبية , ولكنه ليس من السراتية الاعيان . واذا اردنا ادلة لكلامنا هذا حول ان اغلبية السلطة الشيعية بعد 2003 عند الشروك والجنوبيين (جنوب بغداد) , يكفي ان نستعرض اسماء اعضاء مجلس الحكم والحكومات التي اعقبتها , ونرى مقدار وعدد الاعضاء الشروك بالقياس الى رجال الدين والسراتية الاعيان وهى :
1 . مجلس الحكم الانتقالي : تشكل من قبل سلطة الائتلاف في تموز 2003 وحل في حزيران 2004 وعدد اعضائه (25) عضوا , ويبلغ عدد الشيعة فيه (13) عضوا . وعدد الاعضاء من رجال الدين النجفيين هما اثنين فقط : عبد العزيز الحكيم ومحمد بحر العلوم . فيما عدد السراتية الاعيان هما اثنين ايضا : احمد الجلبي واياد علاوي . واما الباقي فهم من الجنوبيين والشروك : ( ابراهيم الجعفري وحميد مجيد موسى وعبد الكريم المحمداوي وعقلية الهاشمي وسلامة الخفاجي وموفق الربيعي ووائل عبد اللطيف ورجاء الخزاعي وعز الدين سليم) . واما الوزارة التي شكلها اعضاء مجلس الحكم (وهى بدون رئيس وزراء) في ايلول 2003 واستمرت حتى حزيران 2004 فضمت ثلاثة عشر وزيرا من الشيعة (ومع حصة التركمان الشيعة يكون العدد اربعة عشر وزيرا) كان عدد الوزراء من العوائل الدينية هما اثنين فقط : ابراهيم بحر العلوم وسامي المظفر . فيما كان وزيرا واحدا من الاصول السراتية وهو علي عبد الامير علاوي . واما الباقي فهم من الجنوبيين : (حيدر العبادي وعلاء الدين العلوان ومفيد الجزائري ونوري البدران ومهدي الحافظ وفائق الغبان وعبد الامير عبود وخضير عباس وسامي عزارة ال معجون ومحمد جاسم خضير , فضلا عن باقر صولاغ جبر الذي عين وزيرا ضمن حصة التركمان الشيعة) .
2 . حكومة اياد علاوي : تشكلت في حزيران 2004 واستمرت حتى نيسان 2005 وضمت (15) وزيرا شيعيا , بالاضافة الى رئيس الوزراء . وكان عدد الوزراء من العوائل الدينية هما اثنين فقط : محمد علي الحكيم وسامي المظفر . فيما كان الوزير الوحيد من السراتية هو عادل عبد المهدي . واما الباقي فهم من الشروك او الجنوبيين وهم (حازم الشعلان وثامر الغضبان ومفيد الجزائري ومالك دوهان الحسن وسوسن الشريفي وعلاء الدين العلوان وطاهر البكاء ومهدي الحافظ ووائل عبد اللطيف وقاسم داود وفائق الغبان ولؤي حاتم العرس) .
3 . حكومة ابراهيم الجعفري : تشكلت في نيسان 2005 واستمرت حتى ايار 2006 وضمت (16) وزيرا شيعيا بالاضافة الى رئيس الوزراء . كان عدد الوزراء الذين ينحدرون من العوائل الدينية هما اثنين فقط : ابراهيم بحر العلوم وسامي المظفر . فيما كان عدد الوزراء السراتية ثلاث وهم : احمد الجلبي وعلي عبد الامير علاوي ومحسن شلاش , واما الباقي فهم من الجنوبيين والشروكية , وهم بالاضافة الى رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ( باقر صولاغ جبر وعبد المطلب الربيعي وجاسم محمد جعفر وعبد الفلاح السوداني وعبد الكريم العنزي وعلي حسين البهادلي وعبد الحسين شندل وسلام المالكي وعلاء حبيب كاظم وهاشم الهاشمي وصفاء الدين الصافي) .
4 . حكومة نوري المالكي الاولى : تشكلت في ايار 2006 واستمرت حتى ايار 2010 وضمت – بالاضافة الى رئيس الوزراء نوري المالكي – (21) وزيرا شيعيا كان عدد الوزراء المنحدرين من العوائل الدينية اثنان فقط : حسين الشهرستاني و محمد جواد ال راضي . فيما ضمت وزيرا واحدا من العوائل السراتية وهو محمد توفيق علاوي . واما الباقي فهم من الجنوبيين والشركية وهم – بالاضافة الى رئيس الوزراء نوري المالكي – (جواد البولاني وباقر صولاغ وكريم وحيد وخضير الخزاعي وعبد الفلاح السوداني وعلي الشمري ويعرب العبودي وجاسم محمد جعفر ورياض غريب وسعد الهاشمي وعادل الاسدي ولواء سميسم وشيروان الوائلي وكريم محمد صالح وصفاء الدين الصافي واكرم الحكيم ( وهو ليس من عائلة الحكيم النجفية) وحسين الساري) .
5 . حكومة نوري المالكي الثانية : تشكلت في ايلول 2010 واستمرت حتى ايلول 2014 وضمت – بالاضافة الى رئيس الوزراء نوري المالكي ونائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني – (17) وزيرا شيعيا , كان اثنان منهما بادارة نوري المالكي نفسه وهما وزارتي الداخلية والدفاع , ولم تضم اي وزيرا من العوائل الدينية العروفة . فيما ضمت وزيرا واحدا من العوائل السراتية وهو محمد توفيق علاوي . واما الباقي فهم من الجنوبيين والشروكية والصعاليك وهم – بالاضافة الى رئيس الوزراء المالكي نفسه – (عبد الكريم لعيبي ونصار الربيعي ولواء سميسم ومحمد صاحب الدراجي ومحمد شياع السوداني وعلي الاديب وحسن الشمري وعادل مهودر وهادي العامري ومهند السعدي وابتهال الزيدي وعلي الشكري وجاسم البياتي) .
6 . حكومة حيدر العبادي : تشكلت في ايلول 2014 واستمرت حتى تشرين الاول 2018 وضمت – يالاضافة الى رئيس الوزراء حيدر العبادي ونائب رئيس الوزراء بهاء الاعرجي – (14) وزيرا شيعيا . كان الوزير الوحيد من العوائل الدينية المعروفة هو حسين الشهرستاني . فيما ضمت وزيرا واحدا من العوائل السراتية وهو عادل عبد المهدي الذي سرعان مقدم استقالته وعين بدلا عنه عبد الجبار لعيبي . واما الباقي فهم من الجنوبيين والشروكية والصعاليك وهم (عبد الجبار لعيبي ومحمد سالم الغبان وباقر صولاغ ومحمد شياع السوداني وعديلة حمود العبودي وعبد الحسين عبطان وحيدر الزاملي وطارق الخيكاني ومحمد مهدي البياتي وحسن الراشد وعبد الكريم الانصاري وعادل فهد الشرشاب) .
7 . حكومة عادل عبد المهدي : تشكلت في تشرين الاول 2018 واستمرت حتى ايار 2020 وضمت – بالاضافة الى عبد المهدي رئيس الوزراء – (12) وزيرا شيعيا , كان الوزير الوحيد الذي ينحدر من العوائل الدينية التقليدية هو محمد علي الحكيم . وضمت وزيرا واحدا من العوائل السراتية وهو جعفر صادق علاوي . واما الباقي فهم من الجنوبيين والشروكية : (ثامر الغضبان وياسين طاهر الياسري وقصي السهيل ونعيم الربيعي وصالح حسن الحسني وباسم الربيعي ولؤي الخطيب وجمال العادلي وعبد الله المالكي وعبد الامير الحمداني) .
8 . حكومة مصطفى الكاظمي : تشكلت في ايار 2020 ومازالت قائمة حتى هذا الشهر ايلول 2020 وضمت بالاضافة الى الكاظمي نفسه – (12) وزيرا شيعيا , ولم تضم اي وزير من العوائل الدينية . فيما ضمت وزيرا واحدا من العوائل السراتية هو علي عبد الامير علاوي . واما الباقي فهم من الجنوبيين والشروكية والصعاليك : (نبيل كاظم واركان شهاب وحسن محمد عباس وعادل حاشوش وماجد مهدي حنتوش ومهدي رشيد وناصر حسين واحسان عبد الجبار وحسن ناظم)
واما اعداد الجنوبيين والشروكية والصعاليك في مجلس النواب , فحتما يشكلون الاغلبية ليس على مستوى الشيعة فقط , وانما على مستوى العراق اجمع , لان اعداد المقاعد هى بالضرورة انعكاس للمحافظات , وبما ان الجنوبيين والشروك هم الاغلبية المطلقة والساحقة في تسع محافظات , والاغلبية البسيطة في بغداد وديالى , فانهم حتما يشكلون الاغلبية في هذا المجال . واما المحافظين في بغداد ووسط وجنوب العراق فهم جميعا تقريبا من الشروك والصعاليك . وكذا الامر مع السلطة القضائية وعدد القضاة والمستشارين ووكلاء الوزرات والمدراء العامون والعمداء ورؤساء الجامعات والضباط وغيرهم .
واذا تركنا السلطات والحكومات والمناصب والامتيازات جانبا وعرضنا الموضوع من زاوية اخرى , نجد ان الجنوبيين والشروكية والصعاليك هم المستفيد الاول من التغيير السياسي والسقوط بعد 2003 وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية , ليس على المستوى الشيعي فقط , بل حتى على المستوى العراقي اجمع . وهذا الامر لايقاس ضمن الاطر المثالية والمعايير النموذجية , وانما يقاس بما كانوا يعانون منه من سوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحملات القمع والتجويع والملاحقة والتهميش والتشويه والتخوين التي كانوا يتعرضون لها من قبل جميع الانظمة الطائفية والقومية الحاكمة خلال العمر الاول من تاسيس الدولة العراقية (1921 – 2003) . في البدء يجب الاتفاق على حقيقة محددة وهى ان جميع مكونات وطوائف واثنيات وجماعات الشعب العراقي قد استفادت من سقوط النظام البعثي الديكتاتوري الحاكم , بل وحتى الجماعة السنية حققت مكاسب كبيرة وامتيازات اقتصادية كانت سابقا مقتصرة على المقربين جدا من النظام البعثي . وكذا الامر مع الاخرين من مكونات الشعب العراقي , ولكن اذا درسنا الحالة الشيعية نجد ان الجنوبيين والشروكية والصعاليك هم اكثر المستفيدين من السقوط , لان الفئات الاخرى لم تكن متضررة بصورة كبيرة جدا بالقياس اليهم , ونعني بهم رجال الدين والعوائل الدينية التقليدية في النجف وكربلاء والكاظمية , والسراتية الاعيان في بغداد , فهم وان كانوا قد تعرضوا ايضا للتهميش والمكافحة الثقافية والاقصاء والقمع والاعتقال والمصادرة وغيرها , الا ان وضعهم بالقياس الى الجنوبيين والشروكية , يكون افضل حالا – وخاصة في المسار الاقتصادي والاجتماعي – فالتحولات الاقتصادية الايجابية التي حصل عليها الجنوبيين بعد السقوط , كان الكثير من السراتية متنعمين بها سابقا , كما في حالة القصور التي كان يعيشون فيها والسيارات الحديثة والاثاث والاموال والمجوهرات التي يقتونها والسفرات السياحية والعلاجية والدراسية التي يقومون بها والوظائف والمناصب العليا في الدولة العراقية – وخاصة في العهد الملكي – التي يحصلون عليها , كلها كان الجنوبيين والصعاليك محرومين منها , حيث كانوا يعيشون الاستبداد الطائفي والحرمان الاسطوري والجوع التاريخي والفقر الاقتصادي والملاحقة السياسية والقمع والاعدامات باجلى مظاهره , لانهم كانوا متجاهرين بمعارضتهم ورفضهم ومقاومتهم للنظام الديكتاتوري الحاكم , فيما كان السراتية غير متجاهرين بالمعارضة والمقاومة بصورة علنية وظاهرة بحكم موقعهم الجغرافي في بغداد وطبيعة طبقتهم البرجوازية الانتهازية التي تعتمد المعيار المالي اولا – ان لم يكن العكس – فالكثير منهم مدوا جسورا وعلاقات اجتماعية وتجارية مع الكثير من افراد وازلام الانظمة الحاكمة , لذا كان القمع عليهم اخف وطاءة وتاثيرا . وبالتالي يمكن القول ان الجنوبيين والشروكية والصعاليك لم يعيشوا وضعا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا افضل من وضعهم هذا خلال جميع مراحل تاريخهم القديم والحديث والمعاصر .