الكاتب : ماجد زيدان
أشادت نائبة رئيس جامعة مدرسة الاقتصاد العليا الوطنية للأبحاث الروسية ليليا أوفتشاروفا على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي “روسيا – الصين” في قازان بالإجراءات التي اتخذتها روسيا والصين لمكافحة الفقر، حيث نجحتا في خفض مستوى الفقر لديهما إلى النصف , وتم الاتفاق على تجاوز الأسباب الأساسية للفقر في البلدين، من خلال تهيئة الظروف المناسبة لتنمية وتوسيع الطبقة المتوسطة.
التجربة الروسية والصينية جديرة بالاقتداء والدراسة لمعالجة مشكلة الفقر في العراق , فهي حققت نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة , فكلا التجربتين ركزت على الدعم الاجتماعي والاستثمار لدى العائلات الفقيرة , فكلاهما خصصت مبالغ كبيرة واتخذت
اجراءات ميسرة للحصول عليه من دون بيروقراطية وفساد , واقامة مشاريع مدرة للدخل للأسر الفقيرة واعانات محفزة لما تحتاجه في الجانب لاجتماعي لكل بلد وتبادل الخبرات بينهما .
وقفز الى الذهن الاعلانات والتصريحات الرسمية في العراق التي تؤكد جميعها على محاربة الفقر والحرص على تخفيفه ,غير انها مجرد هواء في شبك , ولا يعرف الى اين آلت المبالغ المخصصة لانتشال العراقيين من الفقر, ونتساءل ماهي نسب التخفيف التي جناها الفقراء ؟هل امتدت يد الفساد الى هذه الاموال التي رصدت ؟ وهل حصل الفقراء حقا على القروض التي وعدوا بها ام اخذت طريقها الى جيوب المتخمين؟
في الواقع تجيب الحكومة على هذه الاسئلة وغيرها في بياناتها , فقد ازدادت اعداد الفقراء ,اذ بلغت نسبة الفقر في العراق 25 في المئة في عام 2024 من إجمالي السكان البالغ تعدادهم أكثر من 42 مليون نسمة، بعدما كانت النسبة لا تتجاوز 20 في المئة خلال عامي 2019 و2020 وقبلها في عام 2012 كانت في حدود 18 في المئة, لاحظ الارتفاع المخيف وفشل السياسات الحكومية وبقائها حبرا على ورق .
وما وعدت به الحكومة من تحسين لدعم الفئات الفقيرة والمهمشة وتحسين سبل الحياة في مختلف المجالات من صحة وسكن وتعليم وتحسين الدخل لم تجد السبيل اليها , بل ان الضرائب التي شملت جميع القطاعات و فرضت على الخدمات الشحية والناقصة, من دون ان يخصص جزء منها لدعم المعوزين , فالمستشفيات اخذت تتقاضى الاجور من المرضى وعدم توفير الادوية المجانية فيها والعيادات الشعبية للأمراض المزمنة هي الاخرى شملتها الزيادات , ومعروف من هم الذين يراجعون المستشفيات الحكومية , اما نسب التسرب من المدارس ارتفعت وفرضت تبرعات اجبارية على العاملين في القطاع التربوي للمساهمة في بناء المدارس , في تنصل واضح عن حملة الاعمار الصينية مقابل النفط .. وهناك الكثير مما لا يتسع المجال ذكره .
اما الاعانات الاجتماعية التي يتفاخر بها المسؤولون من رئيس الجمهورية الى اصغر مسؤول ومساند للنظام , فأنها لا تغني ولا تسمن عن جوع , فالحصول عليها بشق الانفس , والفساد والاستخدام السياسي طالها , وما يزال العراق يحتل المرتبة الـ66 في سلم الفقر الدولي، وهناك مليون اسرة تستحق راتب الرعاية الاجتماعي لم ينالوها , والعراق الذي يمتلك الخيرات والثروات الكثيرة وفي مقدمتها النفط ,لا يمكنها من الوصول الى حقها فيه .
ومن الاهمية ان نشير الى انه لا توجد إحصاءات دقيقة وعلمية بالعراق حول نسب الفقر، لكن الأرقام الدولية تشير إلى أن ما يقارب 30 في المئة من العراقيين هم بالفعل تحت مستوى خط الفقر، بمعنى أن دخلهم اليومي يقل عن 3.2 دولار أميركي أي ما يعادل نحو 4750 دينار عراقي .