download (2)

الكاتب : سايم الحسني

تجربتي مع فالح الفياض واحدة من الحكايات المرّة التي عشتها في حياتي. ومع أني مررت بالكثير من هذه التجارب، لكنها تختلف مع الفياض من حيث الضرر. ففي التجارب الأخرى كان الضرر يقع علي شخصياً، أما معه فأن الضرر كان يتسع ليقع على آخرين، وهذا مصدر الألم الذي عانيته وعانى منه الآخرون.

يمتلك فالح الفياض قدرة عالية على نقض الوعود وخيانة العهود، فمنزلة الكلمة عنده، تحت قدميه، يضعها هناك فور أن ينتهي الاتفاق، مع أنه من بيئة عشائرية تكون فيها كلمة الرجل موزونة بالدم.

يقنعك الفياض بأنه معك، وأنه سيضحي من أجلك، وأنه يريد مصلحتك أكثر من نفسك. وحين تدور بداخلك الشكوك حول صدقه، فانه يمنحك التعهدات حتى تزول خيوط الشك كلها، وتخرج من الاجتماع واثقاً بأن الرجل صادق اللهجة، أسير الكلمة، قاطع الوعد. ثم تكتشف بعد ذلك أنك مخدوع مع بائع كلام وتعهدات ووعود.

ليس للفياض صديق. منْ يظن أنه صديقه فهو تابع صغير أو مغفل مخدوع.

مع الفياض لا تراهن على ذكائك وخبرتك ومعرفتك بالرجال، أنت مع الفياض أمام غموض يلفه غموض، ووسط غش يحيط به غش، ومع لسان كاذب بسيماء المصلين، ومع قلب متعدد الألوان بغطاء أبيض مسروق.

يستطيع الفياض أن يذبحك بسكينه وأنت تعتقد بأنه يريد أن يمسح نحرك بقطعة حرير. يرميك من شاهق الى قاع سحيق وأنت تحسن الظن به وتتصوره بأنه يريد أن يرفعك أعلى عليين. بطريقته هذه خسرت شخصيات مهمة مواقعها ومكانتها ومنزلتها.

سيقول البعض: كيف لا يمكن معرفته إذا كان الأمر كذلك؟ لابد أن تشيع اساليبه فيحذره الرجال؟

سؤال منطقي وواقعي، لكن الفياض قد وضع له حلاً. فحين تأتيه معاتباً عن اتفاق نقضه وعن عهد خانه، سيجلس معك ناعم الملمس واللسان، يستمع الى غضبك بهدوء حتى يمتص آخر قطرة منه، ثم يسرد لك حكاية ظرف طارئ ألم به، بل قد يعتب عليك لأنك لم تخبره قبل هذا اليوم بما في نفسك، ويتبع ذلك حكاية يستشهد بها يصوغها بعناية لتخرج بنتيجة طيبة عنه، وأنك تسرّعت في إلقاء اللائمة عليه.

سيقول البعض: لكن أمره سينكشف اذا كرر ذلك؟

سؤال دقيق وموضوعي، لكن الفياض قد وضع حلاً لذلك. فهو في المرة الجديدة يزيد على سابقتها ضعفاً من التبريرات وكمّاً كبيراً من الهدوء وجبلاً من الأحاديث الأخوية والقيم الإسلامية والاجتماعية. ويفعل ذلك في الثالثة والرابعة وما بعدهما.

مبدأ واحد يلتزم به الفياض ولا يتنازل عنه، الكلمة لا تساوي شيئاً، هي وسيلة خداع فقط. فهو يعرف جيداً أن الكلمة يحترمها الرجال، لذلك يقول لنفسه: أعطهم الكلمات بقدر ما تستطيع، فانك بذلك تقنعهم، فإن انصرفت عنهم، ضعها تحت قدميك وواصل دربك مع غيرهم.

ربما تقول لي: إنك تظلمه بهذا الكلام.

أقول لك: إهمّل مقالي وجرّب التعامل معه، لكن لا ترجع إلي بعد فترة لتخبرني بندمك.

٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢٢

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *