
الكاتب : فاضل حسن شريف
الفساد مقترن بالارض في ايات عديده وعكسه الاصلاح “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ” (البقرة 11). ويقترن الفساد بالتخريب والعبث “وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ” (البقرة 60). ولكن نتيجة الفساد والتخريب هي الخسران ” وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” (البقرة 27)، وان الله لا يحب الفاسدين “وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ” (البقرة 205)، وخاصة الولاة المفسدون “وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ” (البقرة 205). والارض اي المنطقة التي يغلب عليها الحرام يهاجر منها “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا” (البقرة 218) فالارض ليس جميع اهلها صالحون، قال الامام الصادق عليه السلام: ان ابليس اهبط الى الارض عقابا له، وقال الامام الحسين عليه السلام للفرزدق (يا فرزدق، ان هؤلاء القوم لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، واظهروا الفساد في الارض).
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: مصير المفسدين في الأرض: الآية الأولى تشير إلى بعض المنافقين حيث تقول “وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ” (البقرة 204). (ألد) تأتي بمعنى ذو العداوة الشديدة، وأصلها من (لديد) التي يراد بها طرفي الرقبة وكناية عن الشخص الذي يغلب الأعداء من كل جانب، و (خصام) لها معنى مصدري وهو الخصومة والعداوة. ثم تضيف الآية التالية بعض العلامات الباطنية لعداوة مثل هذا الأنسان وهي: “وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ” (البقرة 205). أجل، فإن الله سبحانه وتعالى يفضح هؤلاء ويكشف سريرتهم، لأن هؤلاء لو كانوا صادقين في إيمانهم وإظهارهم المحبة لما أفسدوا في الأرض مطلقا ولما اعتدوا على مزارع الناس وأغنامهم بدون رحمة أو شفقة، فبالرغم من أن ظاهرهم المحبة الخالصة إلا أنهم في الباطن أشد الناس قساوة ووحشية. واحتمل كثير من المفسرين أن المراد بقوله (إذا تولى) أي إذا حكم، لأن التولي من الولاية بمعنى الحكومة، فيكون معنى الولاية حينئذ أن المنافقين إذا حكموا في الأرض أهلكوا الحرث والنسل وأشاعوا الظلم بين عباد الله، وبسبب ظلمهم وجورهم تهلك الماشية وتتعرض أموال ونفوس الناس للخطر. (حرث) بمعنى الزراعة، (نسل) بمعنى الأولاد، وتطلق أيضا على أولاد الإنسان وغير الأنسان، فعلى هذا يكون إهلاك الحرث والنسل بمعنى إتلاف كل الموجودات الحية أعم من الأحياء النباتية والحيوانية والإنسانية. وذكر لمعنى الحرث والنسل تفاسير أخرى منها: أن المراد بالحرث هو النساء بقرينة الآية الشريفة نساؤكم حرث لكم “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (البقرة 233) والمراد بالنسل هم الأولاد، أو يكون المراد من الحرث هنا الدين والعقيدة والنسل الناس (وهذا التفسير هو الوارد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام المذكور في مجمع البيان). وعلى كل حال فإن التعبير يهلك الحرث والنسل كلام مختصر وجامع لكل المصاديق حيث يشمل الإفساد والتخريب بالنسبة للأموال والنفوس في المجتمع البشري. والآية الأخرى تضيف وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فتشتعل في قلبه نيران التعصب واللجاج وتجره إلى المعصية والإثم. فمثل هذا الشخص لا يستمع إلى نصيحة الناصحين ولا يهتم للأنذارات الإلهية، بل يستمر على عناده وارتكابه للآثام والمنكرات مغرورا، فلا يكون جزاءه إلا النار، ولذلك يقول في نهاية الآية فحسبه جهنم وبئس المهاد. وفي الحقيقة أن هذه هي أحد الصفات القبيحة والذميمة للمنافقين حيث أنهم لا يستسلمون للحق بسبب التعصب والتحجر وقساوة القلب، وهذه الصفات الذميمة تبلغ بصاحبه إلى أعلا درجات الإثم، فمن البديهي أن مثل هذه الأخشاب اليابسة المنحرفة لا تستقيم إلا بنار جهنم. وذهب بعض المفسرين إلى أن الله عز وجل وصف هؤلاء الأشخاص بخمس صفات في الآيات المذكورة آنفا، الأولى: أن كلامهم يخدع الأنسان، الثانية: أن قلوبهم ملوثة ومظلمة، الثالثة: أنهم ألد الأعداء، الرابعة: أنهم إذا سنحت الفرصة فلا يرحمون أحدا من الأنسان والحيوان والزرع، الخامسة: أنهم وبسبب الغرور والتكبر لا يقبلون أية نصيحة.
جاء في موقع مداد حول حديث القرآن عن الفساد والمفسدين للشيخ سعد بن زيد ال محمود: وقد أوصى موسى عليه السلام أخاه هارون حين استخلفه بألا يتبع سبل المفسدين: “وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين” (الأعراف 142). فهما صنفان من الناس مصلح أو مفسد ولا يستويان. قال تعالى: “ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، والله لايحب الفساد” (البقرة 205).
جاء في موقع الوكة عن أهمية التربية الإسلامية في المحافظة على المال العام للكاتب عبد الرحمن صالح عبد الله: الاعتداء على المال العام ظاهرة غير محصورة في فئة عمرية معينة وهى موجودة في المجتمعات الغنية والفقيرة على حد سواء، ويتخذ الاعتداء على المال العام أشكالاً متعددة منها: 1- الإتلاف: قد يقوم بعض أفراد المجتمع بتخريب المباني والحدائق وأثاث المدارس بصورة متعمدة، ويتخذ التخريب صوراً متعددة منها: تشويه منظرها بالكتابة عليها أو كسر النوافذ الزجاجية منها أو إتلاف الأشجار. 2- الاستيلاء: ويقصد به أن يضم شخص بصور مباشرة جزءاً من المال العام إلى ماله الخاص، ويكون الاستيلاء بطرق متعددة منها: الاختلاس، والنصب، والاحتيال، وقد يكون الاستيلاء بطريقة غير مباشرة، كأن يسهل لشخص آخر الحصول على المال العام مقابل الحصول على جزء منه. 3- الغش: وأكثر ما يكون هذا في تنفيذ العقود المتعلقة بالمال العام، فبعض الشركات التي تقوم بتنفيذ عقود المقاولات والأشغال العامة لا تفي بالشروط التي يتم الاتفاق عليها، ويزداد الغش كلما قلت الرقابة على تنفيذ تلك العقود. ومما يساعد على الغش تقديم الرشوة للموظف المسؤول عن مراقبة التنفيذ، ولا جدال في أن انتشار الرشوة يضر بالمال العام ضرراً كبيراً، ولهذا جاء تحذير الإسلام من الرشوة وتهديد الراشي والمرتشي من عذاب الله يوم القيامة. 4- الإهمال: قد يرتكب الموظف في حق المال خطأً تترتب عليه جوانب جسيمة تضر بذلك المال، ويقصد بالإهمال عدم بذل المسؤول الجهد الذي يتطلبه عمله أو وظيفته، فالحارس المسؤول عن حراسة المبنى المدرسي يعد معتدياً على المال العام إذا ما أهمل في أداء وظيفته وترك المدرسة دون حراسة معظم ساعات اليوم. من الواضح أن الأطفال وطلاب المدارس لا يقومون باعتداءات على المال العام عن طريق الاستيلاء أو الغش في تنفيذ العقود أو الإهمال، لأنهم ليسوا في موضع السلطة، لكنهم قد يعتدون على المال العام عن طريق الإتلاف والتخريب، وهذا ما أشارت إليه دراسات عدة أجريت في أكثر من قطر، فقد أجرت دائرة التربية في كاليفورنيا عام 1996م دراسة عن السلامة في المدارس هدفت إلى معرفة الجرائم التي يرتكبها الطلاب في أربعة مجالات، هي: الاعتداء على الممتلكات العامة والاعتداء على الأشخاص والجرائم المتعلقة بالمخدرات والمسكرات وجرائم أخرى، وأظهرت نتائج الدراسة أن الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الممتلكات العامة كانت الأكثر شيوعاً، إذ بلغت نسبتها 34% من مجموع الجرائم، وكان معدلها 4.1 جريمة لكل ألف طالب وطالبة. وضمن فئة الاعتداء على الممتلكات كان التخريب المتعمد الأكثر شيوعاً، إذ بلغت نسبته 1.7 جريمة لكل ألف طالب. وأظهرت دراسة أخرى أجريت في كندا عام 1995م أن ملايين الدولارات تنفق سنوياً على إصلاح الممتلكات العامة، نتيجة للاعتداء المتعمد من جانب الطلاب. وفي دراسة أجريت في بريطانيا وزعت استبانة على 225 كلية وأجاب عنها حوالي نصف هذه الكليات، وقد أفادت 109 من الكليات أنه وقع بها سرقات واعتداءات على الممتلكات.
جاء في موقع المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية و السياسية للباحث حسين خلف موسى عن الفساد: النتائج التي يؤدي اليها الفساد فى الدولة:- 1ـ فقدان الثقة لدى الفرد بأهمية العمل الفردي وقيمته طالما أن الدخول المكتسبة عن الممارسات الفاسدة تفوق في قيمتها المادية الدخول المكتسبة عن العمل الشريف. 2ـ فقدان هيبة القانون في المجتمع لأن المفسدين يملكون تعطيل القانون وقتل القرارات في مهدها وبالتالي يفقد المواطن العادي ثقته بهيبة القانون وتصبح حالة التجاوز على القانون هي الأصل واحترامه هو الاستثناء وزيادة فجوة عدم الثقة بين الجمهور ومنظمات الدولة. 3ـ يؤدي الفساد إلى تمايز طبقي حيث يوسع الفجوة بين من يملكون وبين من لا يملكون 4ـ توليد شعور عدم المبالاة والإهمال وعدم الإخلاص والحرص على المصلحة العامة 5 ـ تنامي الروح العدوانية تجاه النظم الحاكمة 6 ـ نشر ثقافات فاسدة تصبح بمرور الوقت جزءاً من قيم العمل الخاطئة ومنها * عدم احترام وقت العمل * امتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منهـ التواني والتراخي * عدم الالتزام بأوامر وتوجيهات الرؤساء * إفشاء أسرار العمل * الغش بإنجاز الأعمال * عدم تحمل المسؤولية * إصدار أوامر وتعليمات مخالفة للنظم والتعليمات بهدف الإضرار بالصالح العام وتحقيق المصلحة الشخصية. 7- الانحرافات السلوكية 8 ـ عدم المحافظة على كرامة الوظيفة وهيبة الوظيفة العامة 9 ـ الجمع بين وظيفتين في نفس الوقت. 10 ـ سوء استعمال السلطة.جـ الوساطة والمحاباة. 11 ـ عدم العدالة في التعامل مع الجمهور. 12- الانحرافات المالية * عدم الالتزام بالأحكام والقواعد والنصوص المالية العامة والخاصة بالمنظمة. * الإسراف وإهدار المال العام. 13- الخروقات الجنائية: * الرشوة * الاختلاس للمال العام * التزوير 14 – التصرفات الإجرامية والجريمة المنظمة وتجاوزاته الوظيفة.