حيدر ياسين
أثناء دراستنا في ثانوية السيبة ، جنوب مدينة البصرة ، كنا ثلاثة طلاب متميزين ، بل مختلفون عن الآخرين ، منذ دراستنا المتوسطة في ذات المدرسة . و كنا لا نفترق أبداً . و الجميع ــ بمن فيهم المدرسون ــ كانوا يعرفون عمق صداقتنا نحن الثلاثة : رجاء إبراهيم الموسوي ، خيرالله عبدالحسين جاسم ، و أنا .
لكننا افترقنا بعد أن أنهينا دراستنا الثانوية ، و ذهب كلٌ منا الى سبيله الدراسي الأعلى : ” رجاء ابراهيم ” ذهب الى كلية العلوم ( جامعة البصرة ) ، ” خيرالله عبدالحسين ” ذهب الى كلية الإدارة و الإقتصاد ( جامعة السليمانية ) ، و أنا ذهبتُ الى أكاديمية الفنون الجميلة ( جامعة بغداد ) . فصار التواصل بيننا نحن الـ ( ثلاثة رفاق )* متقطعاً و نحن نتلهف لرؤية بعضنا . لكن ” خير الله ” كان كلما يعود من السليمانية الى البصرة ، أو منها الى السليمانية ، يزورني ليقضي معي يوماً أو يومين في سكني الجامعي . كان هذا يحدث مرتين أو ثلاثاً في السنة .
ولكن ــ فجأة ــ اختفى صديقي الحبيب ” خيرالله ” و انقطعت أخباره عني لسنوات ، حتى أخبرني ” رجاء ابراهيم ” ــ لاحقاً ــ أن صديقنا قد تم اختطافه عام 1981 من جامعةالسليمانية ليتم إعدامه .
هذه الأيام ، و قد تم القاء القبض على مجموعة من عصابة أمن النظام السابق ، التي لها اليد الطولى في مقتل المرجع الشيعي السيد ” محمد باقر الصدر ” ، يتبيّن أن الذي أمر بقتل صديقي ” خيرالله عبدالحسين جاسم ” ــ من ضمن 40 طالباً قتيلاً من طلبة جامعة السليمانية ــ هو المجرم ” نعمة محمد سهيل ” الذي قاد حملة اعتقالات الطلبة في السليمانية و إعدامهم . و يظهر في الصورة ببدلة السجن الصفراء و قد تجاوز الثمانين من عمره الآن .
فيما الصورة ــ بالأبيض و الأسود ــ يظهر فيها صديقي الراحل ” خيرالله عبدالحسين جاسم ” .. يساراً بقميصه الأبيض ، و أنا الى يمين الصورة .
( شكراً للصديق المهندس ” عماد المولى ” الذي أصلح صورة الأسود و الأبيض ) .
السلام و الراحة الأبدية لروح الحبيب ” خيرالله ” .. و العذاب الأبدي للمجرم ” نعمة محمد سهيل ” زاهق الأرواح في عهد ” صدام حسين ” .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ( ثلاثة رفاق ) هو عنوان رواية شهيرة للكاتب الآلماني ” أريك ماريا ريمارك ” .