رياض سعد
رغم التعتيم الاعلامي المشدد المفروض على تغطية وسائل الإعلام التي تعمل داخل سوريا ؛ وفرض الرقابة المشددة ومصادرة الحريات العامة والدينية والشخصية للأفراد والجماعات ؛ فضلا عن تواطئ الاتراك والامريكان والانظمة العربية والغربية مع عصابات الجولاني ؛ فإن حكومة الجولاني الارهابية لم تفلح في حجب المذابح والمجازر والاعتقالات والاعدامات الجماعية ومظاهر جرائم التهجير والتعذيب والتطهير العرقي والمذهبي التي ترتكبها عصابات الارهاب التكفيرية ومافيات الجولاني الاجرامية ضد سكان المدن والقرى السورية من المسحيين والدروز والاكراد والشيعة والعلويين وغيرهم ؛ بحجج و ذرائع واهية ؛ فقد انتشرت الصور والفيديوهات والتسجيلات الصوتية والمرئية والتي توثق تلك الجرائم والانتهاكات والخروقات ؛ بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الاعلام , ومنذ سقوط نظام الاسد والى هذه اللحظة .
واظهرت تلك الفيديوهات عصابات الجولاني والفصائل الارهابية المسلحة وهي تجلد الناس العزل بالسياط , وتجبرهم على الزحف وتقليد اصوات الحيوانات كالكلاب وترديد شعارات طائفية ومناوئة للنظام البعثي وبشار الاسد كالببغاوات , ومداهمة منازل المواطنين في جوف الليل , وسرقة المنازل ومصادرة الممتلكات العائدة للشيعة والعلوية وغيرهما من المحسوبين على النظام السوري السابق وان كانوا مجرد موظفين , وقصف منازل الشيعة بالدبابات والطائرات المسيرة في قرية الشنية وغيرها في ريف حمص الغربي , وكذلك منازل العلويين في الساحل , ورمي الشيعة والعلوية في سيارات الحمل وتكديسهم بعضهم فوق بعض , وضربهم بالأسلحة والادوات الحديدية وركلهم بالأقدام , وسحق رؤوس المعتقلين الشيعة والعلوية الابرياء بأقدام الارهابيين , ومناداة الشيعة والعلوية الموقوفين في غرف التعذيب بالخنازير والقردة ونعتهم بأقذر الكلمات والاوصاف , وسحل الشيعة والعلوية في الشوارع والدماء تسيل منهم الى ان يلفظوا انفاسهم الاخيرة والتمثيل بجثثهم , والقاء القبض على الاساتذة والموظفين ورجال الدين والتجار من الشيعة والعلوية وغيرهما , واجبار العلويين على اعتناق المذهب السلفي وترك مذهبهم وترديد الشهادتين وكأنهم من مشركي قريش , وتفجير المقامات والمزارات الدينية التابعة للطائفة العلوية والشيعية وحرق القبور والعبث بالجوامع والحسينيات وتدميرها , واعتقالات الشيعة بالجملة في حمص وكذلك العلوية في مناطق الساحل , وتعريضهم لمختلف الإهانات والانتهاكات , وضرب الرجال امام اطفالهم ونسائهم , وتعذيب الشباب بسبب انتمائهم الديني والمذهبي , وقد حرقوا قرية الخزنة الشيعية وسرقوا بيوت الشيعة في ريف حمص , وهجروا اكثر من 60 الف مواطن شيعي من قرى حمص وغيرها الى لبنان , واعتقلوا سكان النبل والزهراء الشيعية بما فيهم الاطفال والنساء والعجزة والمرضى ونقلوهم الى اماكن مجهولة , والى هذه اللحظة لا احد يعلم بمصيرهم , ومحاصرة مناطق العلوية والشيعة بالدبابات والاسلحة الثقيلة والمتوسطة وارهاب السكان وتخويف المواطنين العزل , وتعذيب المواطنين السوريين وعلى مختلف طوائفهم ولاسيما العلوية والشيعة منهم في الشوارع وفي الاماكن العامة وامام المارة والناس ؛ لزرع الرعب والخوف بين الناس , وضرب كبار السن والشيوخ واهانتهم , واطلاق التهديدات بالإبادة والقتل والتهجير واخلاء المدن والقرى العلوية والشيعية من سكانها ؛ من قبل الطائفيين والارهابيين وعناصر حكومة الجولاني , وتعذيب المعتقلين بالكهرباء من خلال صعقهم بالكهرباء وهم مقيدون وفي مختلف انحاء الجسد , وارتكاب افظع جرائم التصفيات الجسدية بحق الشيعة والعلويين , و رمي المعتقلين الابرياء على وجهوهم في الارض , واعتقال الشباب والاطفال الابرياء لإجبار اباءهم الهاربين من بطش عصابات الجولاني على تسليم انفسهم , وانتشار صور الاجانب والغرباء وهم يعذبون ويقتلون السوريين من العلويين والشيعة وغيرهما , واجبار السوريين العزل على الزحف في الاوحال والشوارع ولمسافات طويلة , واطلاق شراذم الجولاني وشذاذ الارهاب تهديدات عابرة للحدود اذ توعدوا شيعة ايران والعراق بالمجيء الى كربلاء وقتل الشيعة فيها ؛ واظهرت الفيديوهات ايضا هجوم العوائل السنية من المتعاطفين مع الحركات الارهابية وحكومة الجولاني على بيوت جيرانهم من الشيعة والعلوية والمسيح والدروز والحاق الاضرار بها وبأهلها , وقد اصبحت المناطق ذات الاغلبية العلوية والشيعة بؤرا للإرهابيين والمجرمين والمقاتلين الاجانب والغرباء كالشيشان والاوزبك والافغان والاتراك والايغور والداغستان والصينيين والعرب … الخ .
ومن اخير هذه الفيديوهات الصادمة وليس اخرها ؛ اعتقال عدد كبير من الشباب من الطائفة الشيعية في حمص وتعذيبهم وضربهم ضربا مبرحا وإطلاق النار عليهم وشتمهم بأبشع العبارات واعتقال أهلهم ونسائهم وعوائلهم ؛ وقد حاصروا القرى الشيعية في حمص منذ ثلاثة ايام , اذ فرضوا حصارا قاسيا ومشددا على سكان تلك القرى ؛ فلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا كهرباء , وقاموا بسرقة ابراج الشبكة وقطع الانترنت عنها ؛ ليكونوا في عزلة تامة عن العالم الخارجي ؛ وقد سقط قرابة الـ 500 شهيد من الشيعة , اثناء هجوم العصابات الارهابية عليهم في جنح الظلام … ؛ وقد انطلقت تظاهرات في قرية فاحل في ريف حمص السورية للمطالبة بوقف الانتهاكات وجرائم الإبادة التي ترتكبها عصابات الجولاني الارهابية بحق ابناء الطائفة الشيعية والمطالبة بكشف مصير اكثر من 50 شخص اختطفتهم عصابات الجولاني خلال الايام الماضية … , و بسبب الإبادات والمجازر المستمرة بحقهم على يد عصابات الجولاني الارهابية شيعة سوريا يناشدون المرجعيات الشيعية من مقام السيدة خولة بنت الإمام الحسين لنجدتهم … ؛ وعلى الرغم من تعدد التظاهرات الرافضة للوجود الاجنبي الارهابي في سوريا والتي تشجب جرائم وانتهاكات حكومة الجولاني الاجرامية والتي انطلقت في اماكن مختلفة من سوريا ؛ المجتمع الدولي والاسلامي والعربي والمنظمات الانسانية تلتزم الصمت المطبق أمام هذهِ الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والطائفي …؟!
وعلى الرغم من الاتفاقيات الدولية والاقليمية السابقة والتي مهدت لسقوط نظام الاسد , وضمنت حماية المكون العلوي والشيعي وغيرهما من الاقليات و دعت الى ضمان الحقوق والحريات في ظل البديل الجديد ؛ فقد تغاضى السوريون والمجتمع الدولي والاسلامي والعربي عن تأريخ المجرم الجولاني والمطلوب للقضاء والعدالة , وغضوا الطرف عن حقيقة الفصائل المسلحة الاجرامية والتنظيمات الارهابية المتهمة بارتكاب ابشع الجرائم والمجازر , وباركوا لهم استلام السلطة , وقدموا لهم التهاني والتبريكات , وتبادلوا معهم الرسائل الايجابية , الا ان الطبع غلب التطبع , اذ عادت ( حليمة الى عادتها القديمة ) الفصائل الاجرامية الى ممارسة هواياتها المفضلة في الذبح والنحر والجلد والتعذيب والتمثيل بالجثث والتخريب والتدمير , ورغم ترحيب بعض المناطق بهم وتسليم الاسلحة لهم , الا انهم اظهروا للناس العزل الحقد والعداء , وقتلوا ابناء سوريا في وضح النهار , فهم يريدون بناء الدولة على الجماجم والاشلاء والارهاب , والسيطرة على الحكومة بطريقة العصابات والمافيات والتشكيلات الجهادية , والدعوة الى غزو الاراضي الواقعة تحت الحكومات الوطنية والشرعية والتي تنتمي للطوائف الاخرى .
فالاستراتيجية التكفيرية والتخطيط الطائفي اصبح واضحا وضوح الشمس في رائعة النهار ؛ اذ يستهدف تقليل النسب السكانية للطائفة الشيعية بكل فرقها , والابقاء على بعضهم من اجل استعبادهم وتهميشهم واقصاءهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم , ولديهم استعداد في سلوك مختلف الطرق الملتوية , ورفع الشعارات الوطنية والاسلامية والانسانية الكاذبة, والعمل بكافة الوسائل القذرة , وانتهاج جميع السبل الاجرامية المتعددة والسياسات الشيطانية الماكرة للوصول الى غاياتهم الارهابية البشعة ؛ فهم يفضلون التعاون مع الصهاينة وقوى الاستعمار والاستكبار ومد يد العون والمودة لهم , على ان يعيشوا مع اخوانهم الشيعة بأمن وامان وسلام ؛ لذلك نشاهد خطباءهم اليوم في المساجد يدعون الله الى تطهير سوريا من العلوية والشيعة الا انهم لا يطلبون منه تحرير الجولان وغيرها من اسرائيل …؟!
نعم قد تعرض الشيعة في المنطقة وطوال عقود الى عمليات وسياسات تهميش واقصاء واضطهاد وقتل وانتهاكات وابادات وتصفيات واعتقالات وتطهير وتهجير ونكبات وازمات مقصودة من قبل الانظمة الدكتاتورية الغاشمة والطائفية الحاقدة , حتى بعد تحرير العراق من مجرمي الفئة الهجينة وجلادي الطغمة الصدامية عام 2003 ؛ لم تتوقف تلك الجرائم والمجازر بل ارتفعت وتيرتها بشكل غير مسبوق , وكانت نسبة ضحايا الارهاب من الشيعة وحدهم تفوق ال 80% , مما أدى الى تقليل اعدادهم في المنطقة , وهجرة الكثيرين منهم كما يحدث الان في سوريا وغيرها , ولا زالت حملات التطهير الطائفي مستمرة في سوريا وافغانستان وغيرهما وعلى مرأى ومسمع من العالم اجمع …!!
ومع الاسف الشديد التزم الجميع الصمت ازاء تلك الجرائم المروعة والابادات والتصفيات الممنهجة ضد الشيعة والعلوية ؛ بما فيهم قيادات الشيعة , نعم قد صدر استنكار من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حول الجرائم الاخيرة في حمص , اذ استنكر الجريمة البشعة ضد الشيعة العزل في سوريا , و قال : (( تابعنا بألم شديد مشاهد الجرائم الحية بحق شباب شيعة عزل في سوريا , وسط سكوت الادارة الجديدة , ونحمل الادارة الجديدة مسؤولية حماية أرواح السوريين )) .
الى متى يغض المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الطرف عن هذه الغدة السرطانية الارهابية التي كانت ولا زالت تعتاش على مص دماء الشيعة واستنزاف ثرواتهم وخيراتهم ؛ فلا شغل لديها سوى القضاء المبرم على كافة ابناء الشيعة وبغض النظر عن فرقهم واعراقهم والوانهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية والثقافية , ولابد للمجتمع الدولي من ايجاد حل جذري لهذه المشكلة العويصة والجريمة الانسانية الرهيبة والمستمرة بحق الشيعة … ؛ في الوقت الذي يحتاج فيه الابرياء والعزل والاحرار من ابناء الطائفة الشيعية لقرار دولي شجاع يضمن وجودهم وحياتهم وحقوقهم الوطنية والتاريخية ؛ كالقرار الامريكي العادل عام 2003 والذي ارجع الحق الى اهله واسقط زمرة البغي والطغمة الهجينة وانصف الاغلبية العراقية ؛ رغم انوف الاعراب الطائفيين والنواصب المجرمين ومن لف لفهم من قوى الظلام ؛ يصابون بالدهشة والذهول من تحرك بعض القوى الشيطانية الحاقدة والتي تستهدف الشيعة بالتحديد , فالبعض يبارك تلك الجرائم والمجازر بحق الشيعة وعلى رأسهم الصهاينة والانظمة العربية والاقليمية الحاقدة , بينما تسعى بريطانيا بمعية القوى الغريبة على استبعاد الشيعة من الحكم والساحة السياسية …؟!
ومن أجل الخروج بأقل الخسائر من هذه المجازر التكفيرية والمعمعة الطائفية التي لا تنتهي ؛ لابد للشيعة عامة والشيعة العرب على وجه التحديد , من تشكيل فرق دفاع قانونية ومنظمات رصد انسانية توثق كافة الجرائم والانتهاكات والخروقات والمجازر ؛ وترفعها الى المحاكم الدولية , وتنشرها في وسائل الاعلام العامة , وتسلط عليها الاضواء , وكذلك لابد للشيعة من تنظيف الجبهة الداخلية من خلال استبعاد وطرد كافة الاصوات الطائفية ودعوات بعض رجال الدين الشيعة المشبوهة او من المحسوبين على الطائفة والله يعلم انهم من ألد الخصام ؛ والتي تستهدف تفريق المسلمين وزيادة حنق وحقد السنة على الشيعة , واظهار الشيعة بمظهر سلبي امام الرأي العام او التي تعمل على تدجينهم واضعافهم واستحمارهم واستغلالهم , وكذلك اصبح من الضروري بمكان مد الشيعة لجسور التفاهم مع كافة الحكام المحليين والانظمة الحاكمة وعقد اتفاقيات شرف فيما بينهم , بما يضمن سلامة المكون الشيعي وحفظ حقوقه , فضلا عن التنسيق مع القوى الدولية الكبرى والاحتماء بمظلتها والتعاون معها ؛ وكل ما عدا ذلك مجرد شعارات وخزعبلات وعنتريات لا تسمن ولا تغني من جوع , بل انها جرت الويلات على الطائفة في اغلب بقاع العالم ؛ ولنا في فرقة البهرة أسوة حسنة .
واما فيما يخص العراق ؛ فالظاهر من تصريحات حكومة الجولاني المعادية وتحركاتها المشبوهة وثقافة عناصرها الطائفية وقواعدها الشعبية الحاقدة ؛ انها لا تنوي السلام مع العراق وتتحين الفرص للانقضاض على الامة والاغلبية العراقية , وعليه لابد من طرد كافة السوريين واغلاق الحدود وايقاف التعاملات التجارية وغيرها , وايواء السوريين العلويين والشيعة فقط , والعمل على دفع خطر حكومة الجولاني بمختلف الطرق والوسائل ؛ فالأمن العراقي أهم من الامور الاخرى .