download (2)

ضياء ابو معارج الدراجي

رغم أن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، كان على دراية تامة بالوضع داخل العراق بعد هزيمة صدام في الكويت، إلا أنه لم يتحرك لمساعدة المنتفضين، بل سمح لصدام باستخدام قوته العسكرية لقمعهم. أما الدول العربية، فقد تبنت مواقف متباينة، لكن أغلبها لم ترغب في انهيار النظام البعثي خوفاً من التمدد الشيعي وفقدان العراق لصالح ايران.

كان للخيانة الدولية والدور الأمريكي والغربي دور كبير ساعد صدام بقمع الانتفاضة حيث دعا بوش الأب للانتفاضة ضد صدام دون دعم فعلي حين ألقى خطاباً مشهوراً في فبراير 1991 دعا فيه العراقيين إلى الإطاحة بصدام، مما أعطى إشارة ضمنية للثوار بأن واشنطن ستدعم تحركهم.لكن عندما اندلعت الانتفاضة فعلياً، لم تقدم أمريكا أي دعم عسكري أو لوجستي للمنتفضين، وتركتهم لمصيرهم أمام آلة القمع البعثية.

كذلك وفق اتفاقية وقف إطلاق النار مع العراق، كان يجب على صدام عدم استخدام الطائرات الحربية، لكن أمريكا سمحت له فعلياً باستخدامها ضد المنتفضين، وهو ما مكّن النظام من قصف المدن المنتفضة بالطائرات المروحية والمدافع الثقيلة، مما رجّح كفته سريعاً.حيث ان الجنرال نورمان شوارزكوف، قائد القوات الأمريكية في الخليج، أقر لاحقاً بأنه سمح للطائرات العراقية بالتحليق، دون إدراك أنها ستُستخدم لقمع الانتفاضة. كما ان أمريكا كانت تخشى انهيار العراق بشكل يؤدي إلى صعود قوى غير موالية للغرب، خاصة الجماعات الشيعية المعادية لها.

وان الإدارة الأمريكية لم تكن ترغب في تسليم العراق إلى معارضة غير موالية لها، ولذلك فضّلت بقاء صدام ضعيفاً على أن تحل محله قوى غير متوافقة مع مصالحها وكذلك سمحت لصدام بإعادة تشكيل قواته بعد انسحابها من الكويت، حيث كانت قوات الحرس الجمهوري المنهكة متمركزة جنوب العراق، وكان من الممكن لأمريكا أن تمنعها من التوجه نحو المدن المنتفضة، لكنها لم تفعل.

كل هذا سمح لصدام بإعادة تنظيم جيشه واستخدامه بوحشية لقمع الانتفاضة.

وكان للخيانة العربية من الصمت والتواطؤ دور كبير في قمع الانتفاضة الشعبانية (السعودية، الكويت، الإمارات)رغم كرههم لصدام بعد غزو الكويت، إلا أن الدول الخليجية لم تكن تريد انتصار الانتفاضة الشيعية خوفاً من تمدد الاسلام الشيعي. بذلك السعودية والكويت فضلتا بقاء صدام ضعيفاً على أن يحكم العراق تيار شيعي قد يكون موالياً لإيران.

اما الأردن بقيادة الملك حسين كان أحد أبرز الداعمين لصدام خلال الحرب، وكان يخشى انهيار نظامه.بينما مصر بقيادة حسني مبارك تبنت موقفاً مماثلاً، حيث كانت ترى في الانتفاضة مؤامرة إيرانية ضد النظام العربي. اما تركيا كانت قلقة من صعود الأكراد في الشمال، ولذلك لم تقدم دعماً لهم. اما إيران ورغم دعمها للمعارضة الشيعية، لم تتدخل عسكرياً لحسم المعركة، واكتفت باحتضان اللاجئين وإيواء بعض القيادات المعارضة.

النتيجة: انتصار صدام بعد مجازر مروعة

بعد الخيانة الدولية والعربية، تمكن صدام من استعادة السيطرة على العراق خلال أسابيع قليلة.

استخدم النظام أبشع أساليب القمع، بما في ذلك الإعدامات الجماعية، الدفن في المقابر الجماعية، القصف العشوائي، والاعتقالات الواسعة.

بعد قمع الانتفاضة، فرض صدام حملة تطهير شرسة ضد الشيعة والأكراد، استمرت لسنوات، ما أدى إلى قتل واعتقال عشرات الآلاف.

الانتفاضة الشعبانية كانت فرصة تاريخية لإنهاء حكم صدام، لكنها خُذلت بسبب التواطؤ الدولي والعربي. أمريكا والغرب لم يكونوا يريدون بديلاً عن صدام لا يخدم مصالحهم، والدول العربية خافت من صعود قوى شيعية أو كردية قد تؤثر على استقرارهم في المنطقة. نتيجة لذلك، دفع العراقيون الثمن غالياً، واستمر حكم صدام حتى سقوطه عام 2003، لكن بعد أن كلف العراق سنوات أخرى من القمع والمعاناة.

1 thought on “الخيانة الدولية والعربية للانتفاضة الشعبانية 1991 كانت واحدة من العوامل الحاسمة في قمع الانتفاضة وسحقها بوحشية.

  1. الكاتب عندما كتب هذه المقالة.. الم يدرك بان ما يكتبه يبرر للقوى الدولية وا لاقليمية بعدم دعم (الانتفاضة).. وهم على حق ذلك..
    فكيف لبلد ان يدعم انتفاضة يتم عبرها وصول قوى حزبية وسياسية ومرجعية معادية له؟
    كيف يدعم انتفاضة ترفع صور الخميني الايراني المعادي لامريكا..
    كيف يدعم انتفاضة لاحزاب اسلامية شيعية ومليشياتها كبدر.. التي تجهر بولاءها لدولة اجنبية ايران..
    كيف يدعم انتفاضة نخرت بالخونة والعملاء الذين بثتهم ايران بين المنتفضين..
    لماذا ايران لم ترسل دباباتها وحرسها الثوري وصواريخها لدعم الانتفاضة كما دعمت نظام بشار الاسد البعثي الارهابي منذ 2011؟
    ما دور ايران ونظام صدام بنخر الانتفاضة بمندسين رفعوا شعارات معادية لامريكا وصور زعماء اجانب معادين لامريكا كالخميني..
    هل لو وصل هؤلاء الاسلاميين واحزابهم للسلطة عام 1991..لكنا عانينا نفس ما نعانيه عام 2003 من فساد وفشل وعمالة الاحزاب الاسلامية الشيعيةومليشياتها..
    ثم عن اي خيانة (دولية وا قليمية وعربية وهلم جر)..هل ذهب وفد من الاحزاب الاسلامية الشيعيةومليشياتها عام 1991 لامريكا ودول المنطقة وطمئنوهم بالمرحلة المقبلة بعد اسقاط صدام.. ام رفعت شعارات معادية لامريكا .. وصور حاكم اجنبي خميني الايراني الذي صدر للعراق شعارات معاديةلامريكا يعاني منها العراق لحد اليوم..
    ايران ادركت بان الانتفاضة هم من عراقيي الداخل (الشيعة العرب)وهؤلاء ليسوا مطية لها.. ويتبعون مرجعية الخوئي التي لا تؤمن ببدعة ولاية الفقيه ا لقرقوزية..
    العراق اسباب ضعفه هي السموم الثلاث على مائدة ا لسياسية العراقية منذ 1921 لحد اليوم هم الاسلاميين والقوميين والشيوعيين..ولا نهوض للعراق الا باجتثاث هذا الثالوث ورميه باقرب مكب نفايات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *