
الشيخ عز الدين محمد البغدادي
تعرف مدينة حماة في سوريا باعتبارها مركز ومنطلق الحركة الجهادية في سوريا من الاخوان والطليعة المقاتلة، والتي ترتكز على رؤية “سنية” مذهبية تنظر الى الطوائف الاخرى نظرة سلبية.
في هذه المدينة ولد أكرم الحوراني سنة 1911 السياسي السوري الاهم، الذي ترك مذكراته في 3000 صفحة والتي وصفت بأنها اهم مذكرا لسياسي عربي.
نرجع الى حماة، فهذه المدينة تتكون من جزئين: الداخل او المركز وهم مسلمون سنة، واما الريف فمن العلويين وهم فلاحون فقراء جدا، وكان الاقطاع يسيطر عليهم ويستغلهم.
كان اكرم الحوراني شخصية نشطة جدا، وكان محور عمله يقوم على الدعوة لتحرير الفلاحين وهو ما اكسبه شعبية كبيرة جدا بينهم، وقد أسس حزبه “العربي الاشتراكي” سنة 1950، ثم اتحد حزبه مع حزب “البعث” الذي يقوده ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار سنة 1953 لينشأ عن ذلك حزب البعث العربي الاشتراكي، مع العلم ان الحزب الاشتراكي اعطى دفعة كبيرة لحزب لبعث بسبب شعبيته الكبيرة بينما كان حزب البعث حزبا نخبويا معظم من ينتمي اليه من الطلبة والمعلمين.
عندما دخل البرلمان وقف أكرم الحوراني للتصدي لجماعة الإخوان المسلمين، وقد واجههم واتهمهم بالرجعية وبالعمالة للاستعمار. هناك من يراه احد اهم اذكى السياسيين السوريين، وهناك من ينتقده لكونه هو من فتح باب الانقلابات وسمح للجيش بالتغلغل في الاحزاب.
المفارقة الاهم هنا التي لأجلها كتبت الموضوع هو ان اكرم الحوراني ابن حماة وهو سني الا ان جمهوره كانوا من الفقراء العلويين، لم يفكر بطريقة الطائفة لأنه كان يعتقد ان وظيفة السياسي ان يكون مع ابناء شعبه مع الضعفاء والمساكين، فسجل بذلك موقفا مشرفا.. في ذلك الزمن كان هناك نجاح وكان هناك فشل، كان هناك تقدير يصيب ويخطئ. كانوا يرفعون شعار الوحدة والعدالة، ولم يكونوا يقبلون برفع شعار الطائفية او تحكيم الشريعة.. كانوا يعتبرون الطائفية جنونا او تخلفا عقليا، وكان يدركون اهمية الوحدة واهمية العمل واهمية العدالة واهمية توزيع الثروات على الشعب… والله المستعان
عز الدين البغدادي