آيات قرآنية في کتاب معجم الفروق اللغويه للعسكري (ح 14) (التربص والانتظار، التفاوت والاختلاف)‎

فاضل حسن شريف

جاء في کتاب معجم الفروق اللغوية بترتيب وزيادة للمؤلف أبو هلال العسكري: الفرق بين التربص والانتظار يقول أبو هلال العسكري: أن التربص طول الانتظار يكون قصير المدة وطويلها ومن ثم يسمى المتربص بالطعام وغيره متربصا لأنه يطيل الانتظار لزيادة الربح ومنه قوله تعالى “فتربصوا به حتى حين” (المؤمنون 25) وأصله من الربصة وهي التلبث يقال مالي على هذا الأمر ربصة أي تلبث في الانتظار حتى طال.

وعن الفرق بين الترجي والانتظار يقول العسكري في كتابه: الفرق بينهما أن الترجي للخير خاصة. والانتظار قد يكون في الخير، والشر. ويدل عليه قوله تعالى: “قل انتظروا إنا منتظرون” (الأنعام 158) وقوله سبحانه: “يرجون تجارة لن تبور” (فاطر 29) و “رجوا رحمة ربه” (الزمر 9) ونحوهما مما استعمل فيه الرجاء في الخير خاصة.

وعن الفرق بين التسبيح والتقديس يقول أبو هلال العسكري: هما يرجعان إلى معنى واحد، وهو تبعيد الله عن السوء. وقال بعض الافاضل: بين التسبيح والتقديس فرق، وهو أن التسبيح هو التنزيه عن الشرك والعجز والنقص، والتقديس هو التنزيه عما ذكروه عن التعلق بالجسم، وقبول الانفعال، وشوائب الامكان، وإمكان التعدد في ذاته وصفاته، وكون الشئ من كمالاته بالقوة. والتقديس أعم، إذ كل مقدس مسبح من غير عكس، وذلك لأن الابعاد من الذهاب في الأرض أكثر من الأبعاد في الماء، فالملائكة المقربون الذين هم أرواح مجردة بتجردهم وامتناع تعلقهم، وعدم احتجابهم عن نور ربهم، وقهرهم لما تحتهم بإضافة النور عليهم، وتأثيرهم في غيرهم، وكون كل كمالاتهم بالفعل مسبحون ومقدسون، وغيرهم من الملائكة السماوية والأرضية ببساطة ذواتهم وخواص أفعالهم وكمالاتهم، مسبحون بل كل شئ مسبح وليس بمقدس. ويقال: سبوح قدوس. ولا يعكس. وقال بعض المحققين: التسبيح هو تنزيه الله عما لا يليق بجاهه من صفات النقص. والتقديس: تنزيه الشئ عن النقوص. والحاصل أن التقديس لا يختص به سبحانه بل يستعمل في حق الآدميين. يقال: فلان رجل مقدس: إذا أريد تبعيده عن مسقطات العدالة ووصفه بالخبر، ولا يقال: رجل مسبح، بل ربما يستعمل في غير ذوي العقول أيضا، فيقال: قدس الله روح فلان، ولا يقال: سبحه. ومن ذلك قوله تعالى: “ادخلوا الأرض المقدسة” (المائدة 21) يعني أرض المقدسة، يعني أرض الشام. وأما قول الملائكة: (سبوح، قدوس) مع أن المناسب تقديم القدوس ليكون ذكره بعده ترقيا من الادنى إلى الاعلى، فلعله للايذان من أول الأمر بأن المراد وصفه سبحانه دون غيره.

وعن الفرق بين التفاوت والاختلاف يقول العسكري في كتابه: أن التفاوت كله مذموم ولهذا نفاه الله تعالى عن فعله فقال “ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت” (الملك 3) ومن الاختلاف ما ليس بمذموم ألا ترى قوله تعالى “وله اختلاف الليل والنهار” (المؤمنون 80) فهذا الضرب من الاختلاف يكون على سنن واحد وهو دال على علم فاعله، والتفاوت هو الاختلاف الواقع على غير سنن وهو دال على جهل فاعله.