ديسمبر 6, 2024
download (2)

الكاتب : حسين الزيادي

يُعرف الإعدام التعسفي على أنه  القتل  بواسطة السلطة أو جهات معينة تعمل تحت إشراف السلطة أو مباركتها دون مراعاة الإجراءات القانونية  والقضائية، ويكون هذا النوع من الإعدام بناءً على قرارات ومحاكمات غير نزيهة، أو أحكام تصدر دون توفر أدلة كافية، أو دون أن يكون هناك أساس قانوني للأحكام، فهو نوع من القتل يحدث بوجود إطار قانوني.
أما الإعدام خارج نطاق القانون فهو القتل من قِبل جهات حكومية أو تحت سيطرة الحكومة، لكن دون أن يكون هناك أي أساس قانوني يجيز ذلك ، بمعنى  أن الشخص يُقتل بدون صدور حكم قضائي، أو بسبب نشاطات تقوم بها السلطات بعيداً عن القضاء، مثل تنفيذ أوامر قتل مباشرة أو أعمال اغتيال، وأخيراً الإعدام دون محاكمة وهو القتل من قبل عناصر حكومية برضا الدولة ومباركتها دون أن يتم تقديم الضحية لمحاكمة أو إجراء قضائي عادل، أي أن الشخص يتم الحكم عليه وينفذ الإعدام فيه مباشرةً دون أن يُعطى فرصة للدفاع عن نفسه أمام القضاء.
وكل هذه الاشكال تشير إلى أفعال قتل تتم بشكل غير قانوني، لكنها تختلف في السياق والإجراءات المحيطة بها، وهذه التعريفات تستند إلى معايير دولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والأساس القانوني يمكن تلخيصه بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتحديداً المادة السادسة واتفاقيات جنيف الأربع مع البروتوكولات الملحقة لتمثل القانون الدولي الإنساني والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة ، وأخيراً ما اقره نظام روما الأساس من توصيف فعل القتل إذا ما كان في إطار هجوم واسع النطاق كجريمة ضد الإنسانية تشمل عمليات الإعدام خارج نطاق القانون كلاً من الإعدام التعسفي أو الذي يتم دون محاكمة، أو بعد إجراءات قانونية موجزة، وينتهك هذا النوع من الإعدام حق الإنسان في الحياة، وهو حق مصون بموجب كافة القوانين والمواثيق الدولية، وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون بحسب الامم المتحدة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية، وقد اعتمدت الامم المتحدة في 24 مايو/أيار 1989 دليلا لمنع هذه العمليات، واكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ان الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الإبادة الجماعية.
وكل هذه الطرق تم استخدامهما من قبل نظام البعث، بل ان الأخير ابتدع طرق أخرى للقضاء على معارضيه وتصفية خصومه ومنها عمليات القتل التي قام بها النظام لقمع الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ، حيث تم تخويل قادة القواطع الذين اوكلت لهم مهام قمع الانتفاضة باستخدام كافة الوسائل بما فيها الإعدامات الفورية، والحالة حدثت خلال حرب الانفال ايضاً، حيث منح علي كيمياوي صلاحية الإعدام الفوري ، أما في عام 1984 فقد برزت ظاهرة ما يسمى بتنظيف السجون، حيث تم اعدام 4000 سجين سياسي ، وهناك حوالي 2500سجين اعدموا ما بين عامي 1997 و 1999 ، وامتدت حالات الإعدام التعسفي خارج نطاق القانون لتشمل كل من اتهم بحالات فردية يراد بها معارضة سياسة النظام ، كما هو الحال بالنسبة لتخريب جداريات وصور رئيس النظام، وكما يتضح من الوثيقة المرفقة طياً التي تبين اعدام مواطنين عراقيين من ناحية ابي صيدا قاما بتخريب جدارية لهرم السلطة وقد تم الإعدام في نفس مكان الجدارية بحضور أجهزة النظام وجمهور من أهالي الناحية، وهناك وثيقة اخرى موثقة في مركز البحوث والتوثيق العراقي بجامعة هارفرد تشير الى تعليمات موجهة مباشرة الى مدير امن محافظة دهوك ومن هم تحت امرته مؤرخة في 6 مارس 1991 تنص على محاصرة موقع المظاهرات والسيطرة على المناطق المرتفعة واطلاق النار على المتظاهرين وابقاء 5% منهم للتحقيق معهم، وقد افاد احد الكثير من الشهود انه عندما دخل الحرس الجمهوري مدينة الناصرية أبان الانتفاضة الشعبانية تم اخراج العوائل الى منطقة(الهولندي) وتم عزل النساء والاطفال الى جهة والشباب  الى الجهة المقابلة ليتم اعدامهم رمياً بالرصاص من قبل أفراد الحرس الجمهوري وقوات الامن وأفراد جهاز الحزب بأشراف المجرم محمد حمزة الزبيدي والمجرم عزيز صالح النومان .
يتضح من خلال محاكمة سريعة لافعال النظام وبحسب الوثيقة المرفقة ان هناك انتهاك واضح لكل المواثيق والاعراف الدولية ومبادئ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ذكر في الجزء الثالث/ المادة السادسة ان : الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا، ولا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.
كما ان ممارسات النظام وافعاله تتناقض مع دستور 1970 الذي نص في الباب الثالث الخاص بالحقوق والواجبات الأساسية / المادة العشرون: ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية.
المصادر:
  1. مجدي فرغلي محمد، صدام حسين نهاية اسطورة، صوت القلم العربي ،2010
  2. جعفر الحسيني، على حافة الهاوية العراق 1968-2003، الرسوم للنشر والتوزيع، لندن، 2002.
  3. لجنة من الخبراء في الشؤون العربية، ملف صدام حسين من اغتيال عمه الى اغتيال الكويت، القاهرة،1990

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *