فاضل حسن شريف
يقول علماء التجويد أن علامة (قلى) او (قلي) تعني الوقف اولى من الوصل، فهي عكس (صلى). وتسمى الوقف جائز مع كون الوقف اولى، وله تسمية اخرى هي الوقف التام، من الأمثلة قوله تعالى. بينما جواز الوقف (ج) بالوقف الكافي حسب مصحف المدينة. ويسمى (صلى) بالوقف الحسن. والوقف والابتداء هو اجتهاد من المفسرين. والوقف الجائز على ثلاث مراتب: جواز مستوى الطرفين (ج)، وجواز الوقف ولكن الوصل اولى (صلى)، وجواز الوصل ولكن الوقف أولى (قلى). وهنالك اشخاص تعاملوا مع الوقوف منهم السجاوندي ومحمد الصادق الهندي والداني وابن الجزري وابن الأنباري والعماني والانصاري والفخري الرازي والاشموني. قال الله جل وعلا “الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (قلى: الوقف اولى) وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا” (النساء 37)، “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ (قلى: الوقف اولى) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا” (النساء 56).
الوقف الحسن هو أن الجملة تكون قد تمت في نفسها وتعلقت بما بعدها لفظا ومعنى كما في قوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ (قلى: الوقف اولى) إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا” (النساء 58)، “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً (ج: جواز الوقف) وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ (قلى: الوقف اولى) قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا” (النساء 77)، “أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (قلى: الوقف اولى) وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ (ج: جواز الوقف) قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا” (النساء 78).
الوقف في اللغة: هو الحبس وفي القراءة هو قطع الكلمة عما بعدها. وقد ورد مشتقات كلمة الوقف في الايات الكريمة: “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (قلى: الوقف اولى) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا” (النساء 83)، “مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا (قلى: الوقف اولى) وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا” (النساء 85)، “وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا (قلى: الوقف اولى) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا” (النساء 86)، “اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ (ج: جواز الوقف) لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ (قلى: الوقف اولى) وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” (النساء 87).
تكملة للحلقة السابقة جاء عن معهد آفاق التيسير للكاتبة نورة الأمين: إعجاز القرآن: -مقدمة في تعدد أوجه إعجاز القرآن وعدم القدرة على استقصاء ذلك ومحاولة المؤلف إعطاء ولو لمحة عن ذلك. بيان أن قيام معجزة الرسول بهذا القرآن وبه تحدى الله العرب “وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله”. -التعجب من خلو كثير من التفاسير من ذكر أوجه الإعجاز مع إعذار التفاسير المتخصصة في أحكام القرآن ونحو ذلك. منبع الاهتمام بإعجاز القرآن هو كونه المعجزة الكبرى والعامة والباقية للرسول “أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم”. -اختلاف العلماء على سبب عجز الخلق أن يأتوا بمثل القرآن ما بين أنهم مصروفين عن ذلك وأن القرآن لعلو بلاغته وفصاحته يعجز الخلق أن يصلوا لذلك والأخير هو قول الجمهور وأئمة الأشعرية والجاحظ وإمام الحرمين وأهل العربية. -بقاء الآيات المنسوخ حكمها فيه دلالة على أن الإعجاز باق ما بقيت ولذا لم تنسخ لفظا. -التحدي وقع بالسورة وإن قصرت لا بعدد الآيات لأن من أفانين البلاغة ما يعود إلى مجموع نظم الكلام وصوغه كما قال بذلك الطيبي. -إعجاز القرآن للعرب دليل تفصيلي ولغيرهم إجمالي. ملاك وجوه الإعجاز يعود إلى: بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ. -مثال على بعض أوجه البلاغة: استعمال التشبيه والاستعارة كقوله: “واشتعل الرأس شيبا” وقوله: “واخفض لهما جناح الذل”.. إلخ. -نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، فجمل القرآن لها دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي كله، ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء ولا يصل شيء من كلامهم إلى مبلغ بلاغتها. -ولها دلالتها المطوية وهي دلالة ما يذكر على ما يقدر اعتمادا على القرينة، وهذه الدلالة قليلة في كلام البلغاء وكثرت في القرآن مثل تقدير القول وتقدير الموصوف وتقدير الصفة. -ولها دلالة مواقع جمله بحسب ما قبلها وما بعدها، ككون الجملة في موقع العلة لكلام قبلها، أو في موقع الاستدراك، أو في موقع جواب سؤال، أو في موقع تعريض أو نحوه.
قال الله عز من قائل في سورة النساء عند مواقع الوقف أولى (قلى) “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً (ج: جواز الوقف) وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا (ج: جواز الوقف) فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ (قلى: الوقف اولى) وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” (النساء 92)، “وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً (ج: جواز الوقف) وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (قلى: الوقف اولى) وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا” (النساء 100).