حسن درباش العامري
دائما وفي كل قمة عربية، تُرفع شعارات الوحدة والتضامن والأخوة والأشقاء والاحباب والتكامل والتكافل ، لكن ما إن تنتهي القمة حتى تعود الخلافات والعداوات بين الدول العربية كما كانت، وربما أسوأ . القرارات تبقى حبرًا على ورق بل هي لاتساوي ثمن الحبر والورق الذي كتب، والمواقف تنقسم حسب الولاءات لمحاور إقليمية ودولية.وكل بلد عربي يضمر للآخر الدسائس والمؤامرات ويعمل بكل جد لإرسال الإرهاب له من أجل تدميرية واخضاعه، القمم تحولت إلى استعراضات شكلية،وهدر لأموال الشعب ومحاولات إرضاء من تعتقدهم يؤثرون ببقائك بالمنصب ، بينما الشعوب تنتظر الفعل لا الخطاب. وتبقى القمم العربيه هي حوار الطرشان وكلمات المجاملات بناب ازرق
الوحدة العربية مصطلح بات خارج كل الحسابات وهو أمر لايمكن لمجنون تخيلة !و لان الوحدة لا تُبنى بالكلمات، بل بالإرادة والعمل المشترك والنوايا المخلصة واعتقد بأن زمن النوايا قد غادر الدول العربية ..والعمل المشترك تحول إلى مصالح خاصة لا إرادة من اي من الأطراف تدفع لذلك،.
لطالما كانت القمم العربية التي تعقد سنويًا أو عند الأزمات الكبرى تمثّل بارقة أمل للشعوب العربية التي تحمل بعضا من الإيمان والحس العربي ، لكن سرعان ما ينقضي هذا الأمل ببيانات ختامية إنشائية لا تترجم إلى قرارات فعلية بل ربما تترك ورقة البيان على طاولة المؤتمر عند مغادرة الوفود ، بل تعود العداوات والخلافات بين الدول العربية وكأن شيئًا لم يكن (كأنك يا أبا زيد ماغزيت). فالقمة التي تبدأ بنداءات “الوحدة” والعمل المشترك والمصير المشترك وتبادل المصالح وتبادل الخبرات تنتهي بسرقة الخيرات وتعطيل المصالح والتناحر والتنافر و تنتهي بانقسامات أعمق ومواقف متباينة يتحكم فيها الولاء للمحاور الإقليمية والدولية.
أسباب الفشل المتكرّر الخلافات السياسية المزمنة: هناك تباينات جذرية وخلافات عقيمة بين عدد من الدول العربية في ملفات مثل الموقف من إيران، العلاقات مع إسرائيل، الحرب في اليمن، والأزمة السورية وقضية خور عبد الله وطريق الحرير والحزام الاقتصادي والربط السككي وتحويل العراق الى طريق مرور من خلال تسويف بناء ميناء الفاو بطاقتة الكاملة وبناء ميناء مبارك بدلا عنه أو كمنافي له. هذه التباينات تجعل من الصعوبة الاتفاق على مواقف موحدة.
التحالفات الخارجية: بعد كل قمة، تعود بعض الدول لتعزيز علاقاتها مع قوى إقليمية كتركيا أو إيران أو إسرائيل، أو قوى دولية كأمريكا وروسيا، وهو ما يعمّق الشرخ العربي.
الازدواجية الإعلامية والسياسية: بينما تتحدث القمم عن “لمّ الشمل العربي”، تشنّ وسائل إعلام بعض الدول حملات ضد دول عربية أخرى بعد أيام فقط.
في قمة بيروت 2002: طُرحت مبادرة السلام العربية التي قدّمتها السعودية، لكن انقسام المواقف تجاه إسرائيل جعل المبادرة تُهمّش رغم أهميتها التاريخية.ولم تتحقق السلام بل وجدناه استسلام أمام الخروقات الاسرائيلية ضد العرب وخرق القوانيين الدولية دونما رادع عربي او اممي
وفي قمة سرت 2010 في ليبيا: دعا العقيد معمر القذافي إلى تأسيس “اتحاد عربي – إفريقي”، لكنها انتهت بخلافات حادة حول منصب الأمين العام للجامعة العربية، ولم تُثمر أي تقارب.
قمة تونس عامة 2019: ركّزت على “التضامن العربي” المفقود الذي لم يعود ورفض “التدخلات الإيرانية التدخلات بمن وبماذا “، بينما في الواقع هناك دول عربية ترغب في التنسيق مع طهران أمنيًا أو سياسيًا وهنالك دول عربية تتوسط من أجل بناء علاقات مع طهران التي أثبتت حرصها للعمل على نصرة المظلوم كما فعلت في مساندة غزة ولبنان واليمن ومن قبلها العراق في حربة ضد عناصر دا١١
قمة جدة 2023: شهدت عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب 12 عامًا، إلا أن العديد من الدول تحفظت، وفي الإعلام ظهرت مجددًا لغة الاتهامات.وهنا تبرز الازدواجية السياسية عندما يصرح البعض بضرورة مشاركة الرئيس السوري الجديد وذلك حق مكفول بينما يتم استبعاد سوريا ايام الرئيس الأسد بسبب الخلاف معه من منطلقات طائفية.
ومما يؤكد الانقسام العربي هو ما قاله وزير الخارجية القطري السابق خالد العطية في 2016: “نحن في الجامعة العربية لا نملك آلية لتنفيذ قراراتنا، لذلك تبقى مجرد حبراً على ورق.”
وكذلك تصرّيح عمرو موسى، الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، بعد تقاعده: يقول “كنا نضع قرارات قوية أحيانًا، لكن كل دولة كانت تنفذ فقط ما يتماشى مع سياساتها.”ومصالحها .
أن ما يتطلبه الواقع العربي اليوم ليس تكرار نفس نمط القمم التقليدية،والتوسل إلى الرؤساء العرب بالحضور وهم جميعا يعملون بوادي مضاد للمصالح العراقية ، بل نحتاج إصلاحات حقيقية في آليات اتخاذ القرار، وبناء جسور الثقة بين الحكومات، والعمل الجماعي على تحقيق مصالح الشعوب ولايتحقب ذلك دون إثبات حسن النوايا وإبعاد السياسة عن التخندق الطائفي المقيت الذي ينزوي فيه غالبية العرب .
دون ذلك، ستبقى القمم العربية محطات وقاعات خطابية عابرة وملايين تهدر دون نفع يذكر، ولا تغير شيئًا في واقع الانقسام.
الكاتب والباحث السياسي
حسن درباش العامري