اسم الكاتب : مصطفى منيغ
بعد إفراغه شحنة الغضب على معارضي سياسته العدوانية تجاه فلسطين وما يحوم حولها من متدخِّلين أكانوا عرباً أو سواهم دولاً أو منظمات عالمية ومنها هيأة الأمم المتحدة نفسها بكل المنضوين تحت لوائها من تخصصات ، غادر نتنياهوا قاعة الجمعية العامة في “نيويورك” متوجهاً قي استعجال ملحوظ للوقوف في “تل أبيب” على حصيلة الهجمة المُدمِّرة التي أمرَ بشنِّها على الضاحية الجنوبية لبيروت بنيّة اغتيال الأمين العام لحزب جنوب لبنان وما تَبقَّي في صحبته من قادة لهم موقعهم المميَّز داخل الحزب سياسياً كان التوجُّه أو عسكرياً أو ما قد تذهب اليه بعض المُسمّيَات ، بما يؤكد الحقيقة التي طالما تطرقنا إليها في سابق مقالات ، متقاربة من حيث الموضوع شكلاً ومضموناً وما ترمي اليه من مقاييس مُلحقة بشتَّى الأوصاف والتوضيحات ، أن “الموساد” أصبحت تمتلك دليلاً مُتحرِّكاً بأدقِّ المعلومات ، القائمين على تحيين مستجداته على مدار الساعة عملاء أقُحِموا من فترات ، داخل أقرب نقط بين أصحاب المتواجدين داخلها نفوذ تدبير شؤون ذاك الحزب الذي ما أُنشئ إلاَّ لخدمة مصالح “إيران” على سائر الاتجاهات ، وتنفيذ ما تريد التوصل اليه لتضييق الخناق على ما تتمتع به الولايات المتحدة الأمريكية من امتيازات ، وفي مقدمتها الهيمنة واستغلال طاقات الشرق الأوسط برمته بلداناً كبرى وأصغر الإمارات ، مع تكسير ذاك الترابط مهما كان الهدف بين تلك الدولة الأقوى في العالم و المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص كأولوية الأولويات . ذاك الدليل الهام والخطير وبالتالي النموذجي الذي وفَّرت له إسرائيل من الإمكانات المادية والبشرية ما جعله مرآة يعكس أمام حكامها في جيش الدفاع كل وقائع وتحركات ، الراغبة في تصفيتهم مهما اختلفت الأبعاد والتحصينات ، الموضوعين خلفها الضانين أنهم في مأمن وهم أقرب إلى التبخُّر في ثواني معدودات ، بواسطة أسلحة طوَّرتها الولايات المتحدة الأمريكية لتناسب أهدافاً بعينها ولو كانت داخل باطن الأرض بمسافات ، ومهما يكن حجم الخسارة التي تعرضَّ لها مثل الحزب بفرط استصغاره مثل الجزئية المحسوبة حاليا من الأساسيات ، المعتمدة في خضم المعارك ولو المتفاوتة المستويات ، والاستغناء عنها استعداداً وممارسة بكل ما تتطلبه من جهد ذهني وجسيم مخاطرة وابتكار متجدِّد لتقنيات ، إنما يُعدّ من مداخل الاحتراق بنتائج السلبيات ، المُطلة على منحدر التقهقر فالسقوط الجزئي أو الكلي في شرور النهايات ، فثمة خسارة أكبر وأزيد فقدان الكفاءات ، التي صرف على تكوينها الحزب ما لا يُطاق من التضحيات ، إسرائيل تمكنت من دراسة عمق مَن تواجههم الآن كخصوم أساسيين لأهدافها المعلنة وغير المُعلنة في مجملها وما تتطلبه تلك المواجهات من تصرفات ، فلم يكن أمامها أصعب من إبعاد إيران عن طريقها حيث صرفت الوقت الأطول لتطويق تلك الدولة الفارسية من أربع جهات ، لتبدأ في نخر وسط المساحة الجغرافية قاطبة بزرع بذور عملاء أنشطهم الراغبين في الاستيلاء على مقاليد الحكم من نفس العقليات ، وبهذا وضعت إسرائيل اليد تحرِّك هذا بذاك وترتب الضروريات ، حسب كسبها تعاون الجانب العربي الرسمي بزعامة المملكة العربية السعودية المستعدة لتقديم كل الإمكانات ، لمن ينوب عنها في سحق “إيران” ومسحها من جغرافية الوجود لأسباب قد يطول شرح ما يتعلق بخباياها من مكنونات . القضية برمتها ما كانت ولن تكون تلك الموضوعة تحت عنوان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في أي وقت من الأوقات ، بل بتقاسم المنافع المستقبلية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية مهما كانت الظروف والاعتبارات ، إيران تدرك ذلك ومن مدة ليست بالبعيدة لذا ما همها أن تتعرض غزة لما تعرَّضت له من دمار فاق كل التوقعات ، أو أن تُضرب لبنان وليس الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت وحسب أو أن يفقد الحزب الموالي لها كل القيادات ، المهم وأهم الأهم عندها أن لا تُصبح لقمة مُتاحة بين فكي إسرائيل والسعودية لذا ليس أمامها حاليا سوى الرضوخ لمثل الاختيارات ، وكلها متشابهة لبعضها سيتكفل الزمن القريب بشرح ما لها وما عليها وما تتخلله من أغرب المفاجآت .
مصطفى منيغ
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدنس – أستراليا