
فاضل حسن شريف
جاء في موقع صحيفة الغدير: “لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ” (الأنفال 8). روى العلاّمة البحراني (قده) قال: أسند ابن مردويه ـ وهو من ثقاة العامّة ـ إلى أبان بن تغلب، عن مسلم قال: سمعت أبا ذر والمقداد وسلمان يقولون: كنا قعوداً عند النبي صلى الله عليه وسلّم إذ أقبل ثلاثة من المهاجرين، فقال صلى الله عليه وسلّم: (تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق: أهلُ حق لا يشوبونه بباطل، مثلهم كالذهب كلّما فتنته النّار زاد جودة، وإمامهم هذا ـ وأشار صلى الله عليه وآله إلى أحد الثلاثة، وهو الذي أمر الله في كتابه (أنْ يكون) إماماً ورحمة. وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق، مثلهم كمثل الحديد كلّما فتنته النّار ازداد خبثاً، وإمامهم هذا). (قال مسلم): فسألتهم عن أهل الحق وإمامهم فقالوا علي بن أبي طالب، وأمسكوا عن الآخرين، فجهدت في الآخرين أنْ يسموهما فلم يفعلوا. ثم قال: هذه رواية أهل المذهب. (أقول) لعل الراوي هو الذي لم ينقل اسم الآخرين، إذ أنّ أبا ذر والمقداد وسلمان هم أجلُّ وأتقى من إخفاء الحق (كيف) وقال هؤلاء كلمة الحق في موارد هي أصعب من هذا المورد، والمتصفح لكتابنا هذا لا يخفى عليه وصف الشخصين الآخرين، حتى إذا خفي عليه اسمهما. (كما) أنّه لا منافاة بين هذا الحديث وما سبق ويأتي من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النّار) لأحد أمرين: (أحدهما): إن هذه الثلاث هي منشأ للفرق الباقيات، وبالأحرى الفرقتان الأخريان هما السببان للاثنتين والسبعين فرقة الباقية. (ثانيهما): إنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم أراد بيان حال هؤلاء الثلاثة من المهاجرين الّذين وردوا عليه، ولم يكن بصدد الحصر، وباصطلاح الفقهاء هذا من الحصر الإضافي لا الحقيقي. (ولا يخفى) أنّ الذي يظهر من السياق هو كون الفرقة الثالثة (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً) فشابوا الحق بالباطل، وترك ذكرها إمّا لسهو الراوي، أو لعمده ملاحظة للأمور السياسية التي كانت قائمة ذلك اليوم، وكم له من نظائر في الحديث والتاريخ.
جاء في موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للشيخ باقر شريف القرشي: سورة البقرة: بسم الله الرّحمن الرّحيم: وهي مدنيّة كلّها إلاّ آية واحدة وهي: “وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ” (البقرة 281)؛ فإنّها نزلت في حجّة الوداع بمنى. وعدد آياتها مائتان وست وثمانون آية، وهو العدد المروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ونحن لا نستوعب تفسير جميع سورة البقرة، وإنّما نذكر تفسير خصوص الآيات التي روي تفسيرها عن أمير المؤمنين عليه السلام: “خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ” (البقرة 7) “خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ”، أي جعل على قلوب الكافرين غطاء فلا ينتفعون بالمعارف الإلهية، وقد ذكر تعالى ذلك بقوله: “وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها” (الأنعام 25). وكذلك قوله تعالى: “كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ” (المطففين 14). وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام تفسير هذه الآية: (سبق في علمه تعالى أنّهم لا يؤمنون فختم على قلوبهم وسمعهم ليوافق قضاؤه عليهم علمه فيهم، ألا تسمع قوله تعالى: “وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ” (الأنفال 23)؟
جاء في موقع صحيفة الغدير: “وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ” (الأانفال 30) نزلت الآية الكريمة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حينما أجمعت قريش على قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج وبات الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في فراشه، وبات المشركون يحرسونه ظانّين أنّه النبي، فلما اندلع نور الصبح ثاروا عليه، فلمّا رأوه عليّا ردّ الله مكرهم فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: (لا أدري). وقد اعتزّ الإمام عليهالسلام بهذه التضحية التي قدّمها لسيّد الكائنات، وأثر عنه من الشعر ما يلي: (وقيت بنفسي خير من وطىء الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر محمّدا لمّا خاف أن يمكروا به * فوقّاه ربّي ذو الجلال من المكر وبتّ اراعيهم متى ينشرونني * وقد وطّنت نفسي على القتل والأسر وبات رسول الله في الغار آمنا * هنالك في حفظ الإله وفي ستر) وقد ذكرنا تفصيل الحادثة بصورة مفصلة في بعض أجزاء هذه الموسوعة.
قال الله عزت قدرته “وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ” (الانفال 34) روى الحاكم الحسكاني باسناده عن عبدالله بن عباس في قوله تعالى: “وَمَا كَانُواْ” يعني كفار مكة “أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ” (الانفال 34) يعني عن الشرك والكبائر، يعني علي بن أبي طالب وحمزة وجعفراً وعقيلا، هؤلاء هم اولياؤه “وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ” (الانفال 34).
قوله سبحانه وتعالى “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” (الانفال 64) روى الحاكم الحسكاني باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” (الانفال 64) قال: (نزلت في علي). روى السيد البحراني باسناده عن أبي هريرة قال: نزلت هذه الآية في علي ابن أبي طالب عليه السّلام وهو المعني بقوله المؤمنين. وقال العلامة الحلي في منهاج الكرامة: وهذه فضيلة لم تحصل لأحد من الصحابة غيره فيكون هو الإمام.