Dr Fadhil Sharif

فاضل حسن شريف

جاء في كتاب تثبيت الإمامة – الهادي يحيى ابن الحسين: (حكم أبي بكر في الميراث بغير ما أنزل الله) فكان من أبي بكر أن اطرح ما في كتاب الله، وحكم بغيره، لأن الله عز وجل يقول: “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين” (النساء 11) إلى قوله سبحانه: “وإن كانت واحدة فلها النصف” (النساء 11) آية جامعة، لم يخرج منها نبيا ولا غيره. فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة. فكان رسول الله صلى الله عليه وآله: أول من قصد بالأذى في نفسه وأقاربه وأول من شهد عليه بالزور. وأول من أخذ ماله. وأول من روع أهله واستخف بحقهم. فروعوا وأوذوا. وهم يروون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من روع مسلما فقد برئت منه، وخرج من ربقة الاسلام. وقال الله فيهم: “قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى” (الشورى 23) وقد فعل بفاطمة عليها السلام ما ذكرنا في كتابنا هذا، ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ويؤذيها ما يؤذيني. وآذوها أشد الاذي، ولم يلتفت فيها ولا في أقاربه إلى شئ مما ذكرنا.

جاء في موقع الزيدي عن عقيدة الخلود في ميزان الثقلين (كتاب الله – أهل البيت): قال الله تعالى: “وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ ….* تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ” (النساء 12-14) الشّاهد: هُنا يُخاطبُ الله أهل القبلَة مُعلماً إيّاهم قسمة المواريث، وبعد أنّ بيّن الله تعالى أحكام الموريث، حذّر المسلمين الذين يتعدّون حدودَه التي حدَّها وبيّنها لهم في كيفية قسم المواريث، فأخبر جلّ شأنه أنَّ مَن لم يلتزِم بها فإنَّ مأواهُ نار جهنَم خالداً فيها أبداً، وهُو قول أهل البيت عليهم السلام، سادات الزيدية، وهُنا يُسأل المُخالف عن تعدّي حدود الله وقسمَة المواريث بغير ما أنزل الله وبيَّن، هَل هي مِن الكبائر؟. إن قال: نعم، وهُو قولُه. فقُولوا له: ومذهبُكَ أنّ صاحب الكبيرة سيشفعُ له الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة فيغفرُ الله له ويَخرُج من النّار؟ إن قال: نعم، وهُو قولُه. فقولوا له: قد ردَدتَ على الله آيتَهُ، فالله يقول في مآل ذلك المُتعدّي: “وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ”، وأنتَ تقول بأنّه لن يُخلَّد في النّار، وأنّ سيفوز بالنعيم.

قال العلامة بدر الدين بن أمير الدين الحوثي حفظه الله تعالى، وذلك في كتابه (تحرير الأفكار) الذي ردّ فيه على مقبل الوادعي: “قَال مُقبل: وهَل تُؤمنونَ أنّه يَخرُج مِن النّار أقَوام مِن الموحِّدين بِسبَب شَفَاعَة الشّافِعِين؟ الجَواب: إنّا نُؤمنُ أنّكُم قَد حَذوتُم حَذو أهل الكِتاب فِي تحدِيد العَذاب، وربّما كَان تَحديدُكم أقرَب لأنّهُم جَعَلوه أيّاماً مَعدودَة، وَجعلتُم حَدَّهُ عَقيب آخِر سَجدةٍ فِي المحشَر يَسجُدُها رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو مَا قبل الآخِرَة كمَا رَواه سَلفكُم، وذلك يُمكن أن يَكون سَاعَات أو دَقائق.، ونَذكُر هُنا بَعض مَا يُفيدُ فِي المسألة فَنقول: قالَ الله تعالى في سورة النّساء عَقيب مَا حَدّدَه مِن المواريث خِطاباً للمُسلمين: “تلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ” (النساء 13-14)، دَلّت على أنّ مَن عَصى الله وتعدّى حُدودَه فِي المَوارِيث أو غَيرِها فَإنه يَصير فِي جهنّم خَالداً فِيها ولَه عَذابٌ مُهين”.

جاء في موقع الزيدي عن عقيدة الخلود في ميزان الثقلين (كتاب الله – أهل البيت): قال الله تعالى: “بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة 81) الشّاهد: الخطابُ في هذه الآيَة جاءَ بخطابٍ عامٍ لجميع الأمم والنّاس، وسياقُه في تكذيب بني إسرائيل عندما قالوا: “وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ” (البقرة 80)، فأجابَ الله جلّ شأنه عليهم بجوابٍ عامٍّ شاملٍ ينطبقُ على بني إسرائيل وعلى جميع الأمم، فقال: “بَلَى” أي ليس الأمر كما ذهبتُم معشر اليهود، فـ “مَن كَسَبَ سَيِّئَةً” أي مَن ارتكب كبائر المعاصي، كأن يُشرِكَ بي، أو يَقتُل الأنفس المُؤمنَة، أو يُولّي يوم الزّحف، أو يزني..إلخ من الكبائر العظام، “وأَحَاطَتْ بِهِ” ولَزمِتهُ ولم تنفكّ عنه، بمعنى أصرّ عليها، “خَطِيئَتُهُ” والخطيئَة هي أقلّ من السّيئة مرتبة في الآيَة، فالخطيئة تعني الصغيرَة، أمّا السيئة فهي تعني الكبيرَة، وهِي من قول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: “وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ”، فنسبَ الخطيئة إلى نفسه ومعلومٌ أنّ خطايا الأنبياء ليسَت إلاّ صغائر، فيكون معنى الآيَة: ومَن ارتكبَ كبيرةً وأحاطَت به هذه الكبيرَة أي أصرّ عليها وماتَ عليها، أو مَن ارتكبَ صغيرةً وأصرّ عليها وماتَ عليها، “فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، إن قيل: لِم لا يكونُ المقصودُ بالسيئة والخطيئة هي الشّرك بالله تعالى، فيكون الخلود مُخصّص لهم دون أصحاب الكبائر من أهل القِبلَة ؟ قُلنا: يمتنعُ هذا من سياق الآيَة، إذ الآيَة تُخبرُ عن مُستحقّي عذاب الله تعالى يوم القيامة، وكذلكَ تُخبرُ عن مُستحقي ثواب الله تعالى يوم القيامَة، وسياق الآيَة هو قول الله تعالى: “بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، فجميعُ أصناف النّاس داخلون تحتَ وعدَ الله ووعيدهُ في هاتين الآيَتين، وعدهُ بالجنّة للذين آمنوا، ووعيدُه بالخلود في النّار لمَن أساؤا، والنّاس يوم القيامة ثلاثة أصناف، إمّا مؤمنون، وإمّا فسّاق أصحاب كبائر وصغائر، وإمّا كفّار مُشركين، والله قَد أخبرَ عن حال المؤمنين في قوله: “وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، فَبَقِيَ صنفان، الفُسّاق والكُفّار، وقد شَمِلَهما الله تعالى بقولِه: “بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، فأصحابُ السيئات هُم الكُفّار وأصحاب الكبائر من أهل القِبلَة، وأصحاب الصغائر (الخطيئات) من أهل القِبلَة هم مَن أصرّوا على خطيئاتهم فأحاطَت بهِم ولزمَتهُم إلى يوم القيامَة، على أنّ هناك طائفةٌ مِن علماء أهل القِبلَة قالوا بأنّ هذه الآيَة شاملَة لأهل الكبائر، منهم: الحسن بن أبي الحسن البصري والسّدي، قالا عن (السّيئة): (هِيَ الكَبيرة مِن الكبَائر)، وقال الأعمش والسّدي وأبي رزين في قول الله تعالى: “وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ”: (الذي يَموتُ على خَطاياه مِن قَبل أن يَتوب)، وقال أبو العالية ومجاهد والحسن بن أبي الحسن البصري والرّبيع بن أنس أنّ الخطيئة هي: (المُوجِبَة الكبيرَة)، والكبائر المُوجبَات منها، الشرك بالله، وقتل النّفس المؤمنة والرّبا والسّحر وقذف المُحصنات وغيرها، فَأصحابُ هذه الكبائر لاشكّ خالدون مُخلّدون في النّار كما صرّحت الآيَة، نعم إن قيل: إنّما مُراد هؤلاء العُلماء بالكبائر، أي الشّرك بالله تعالى وفَقط؟ قُلنا: الكبيرةُ لفَظةٌ يَدخلُ تحتَها جميعُ المُوجِبَات، ولو سلّمنا لكم هذا، فإنّ بقيّة آيات القرآن تشهدُ لقولِنا فَي أنّ (السّيئة) في الآية هي الكَبيرة، وأنّ الكبيرة تشمل الشّرك بالله وبقيّة الموجبات التي قد يرتكبها فَسقة أهل القِبلَة، ومعلومُ أنّ خير مُفَسِّرٍ للقرآن هُو القرآن، فالله تعالى يقول في حق قاتل النفس المؤمنة: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا” (النساء 93)، وقَتل النفس من الكبائر المُوجِبات، والآية صرّحت بخلودِ صاحِبها في النّار، فهي تُوافق تأويلَنا للآيَة بأنّ السّيئة (هي لفظةُ يدخلُ تحتها جميع الكبائر المُوجِبَة)، بدليل تخليدِ الله لأصحابِها، فقد خلّد القرآن أصحاب الرّبا، وخلّد المُتعدّين لحدوده في أكل أموال النّاس بالباطل وذلك في آية المواريث، وخلّد قاتلي الأنفس المؤمنة بغير وجه حقّ، والُمنافقين والمُنافقات، والسنّة كذلك خلّدت أصنافاً كثيرة من مُرتكبي الكبائر، كشاربي الخَمر، فهذه الكبائر كلّها تشهدُ لقولِنا القريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *