
ضياء ابو معارج الدراجي
لطالما كانت معايير الوطنية تُصاغ حسب أهواء المنتصرين أو وفق مصالح المتسلطين، لكن الحقيقة تبقى ثابتة لا تتغير مهما حاولوا طمسها بالشعارات أو تضليلها بالاتهامات. فمنذ سقوط النظام السابق، كان هناك من جاءوا على ظهر الدبابة الأمريكية، وهناك من دخلوا إلى العراق بعد الاحتلال من المنفى الشرقي والغربي رغم انف الامريكان، وهناك من بقوا هنا بين رعب الطاغية وقمع زبانيته، ليعيشوا صراع البقاء في زمنٍ كان مجرد الهمس فيه بغير رضا الحاكم يعني الموت المحتوم.
أولئك الذين جلبوا المحتل لم يكونوا إلا أدوات لحظة عبور، تمامًا كما تُستخدم علب الثقاب لإشعال نارٍ كبرى، ثم تُرمى محترقة بلا قيمة. جاءوا يرفعون شعارات الديمقراطية والحرية، وهم في حقيقتهم لا يملكون أي قاعدة شعبية ولا رؤية سياسية سوى ما تُمليه عليهم السفارات، فتحولوا سريعًا إلى أوراق محترقة في معادلة السياسة، منبوذين من الشعب قبل غيره. أما حجتهم في الدفاع عن أنفسهم فكانت دائمًا: “نحن لم نملك خيارًا سوى التعاون”، لكن الحقيقة أن العراق كان فيه رجالٌ صمدوا وواجهوا، ولم يسقطوا في حضن الاحتلال رغم قسوة الظروف وشراسة النظام السابق.
والأغرب من ذلك أن من يروجون لكذبة “كل العراق سقط دون مقاومة” يتناسون أن القوات الأمريكية حوصرت في الجنوب لأسابيع، تعاني في الفاو والناصرية والبصرة، بينما دخلت بغداد وكأن الطريق قد مُهد لها دون مقاومة تذكر. هنا يظهر السؤال الحقيقي: من سمح للدبابة أن تتقدم دون قتال؟ ومن كان يُلقي السلاح ليختبئ ثم يظهر لاحقًا بين صفوف “المجاهدين” الجدد؟
أما أولئك الذين عادوا بعد سقوط النظام بعد فوضى الاحتلال، منهم من دخل مدفوعًا بمظلومية حقيقية، بعدما قضى سنوات في المنافي والسجون، ومنهم من عاش في العراق تحت وطأة النظام لكنه لم يتورط في تحالفات الخارج. هؤلاء، ورغم الضغوط الأمريكية، وجدوا فرصتهم في الساحة السياسية، ليس لأنهم جاؤوا برضا الاحتلال، بل لأنهم امتلكوا قاعدة شعبية سمحت لهم بالبقاء والتأثير. الفرق بين الاثنين واضح: أحدهما كان مجرد أداة انتهت صلاحيتها، والآخر كان جزءًا من معادلة اجتماعية وسياسية لم يستطع المحتل تجاوزها أو محوها بسهولة.
في زمن النظام السابق، لم يكن هناك شيء اسمه “الاعتقال المؤقت” أو “التحقيق ثم الإفراج”، بل كان السجن بوابة نحو موتٍ محتوم، ليس خوفًا من أن يتكلم المعتقل بعد خروجه، ولكن لأن القتل كان سياسة ممنهجة لمنع أي احتمالٍ لفضح أساليب التعذيب والإخفاء القسري. واليوم، رغم اختلاف الوجوه، لا يزال الصوت الحر مستهدفًا، ليس بالضرورة بالقتل الجسدي، بل بالتهميش، بالإقصاء، وبمحاولات صناعة تاريخ مزيف يُلبس الخيانة ثوب الوطنية ويجعل من التضحية تهمة.
النتيجة التي لا يمكن إنكارها اليوم، أن من جاءوا مع الاحتلال لم يعودوا رقماً صعباً في المعادلة السياسية، بل صاروا مجرد ظلالٍ تائهة تبحث عن دور. أما من بقوا أو عادوا دون إذنٍ أمريكي، فقد فرضوا أنفسهم رغم كل المعوقات والتدخلات، لا لأنهم كانوا أقوى، بل لأنهم كانوا جزءًا من الواقع الاجتماعي والسياسي للعراق، وهذا ما لم تفهمه واشنطن حين حاولت صناعة قادةٍ جدد في مختبرات السفارات.
اليوم، بعد عقدين من التغيير، تبقى الحقيقة واضحة كالشمس: من اختبأ خلف الدبابة سقط معها، ومن سار وسط الجماهير بقي في الساحة، وإن كان الثمن باهظًا.
للاستاذ الكاتب المحترم.. بعد التحية الطيبة..
لم تقل لنا اسماء ومسميات من جاءوا بما وصفتهم فوق الدبابة الامريكية..
ومن جاءوا زحفا فارضين انفسهم؟؟
بلكت بمقالة اخرى تبين لنا وتفصل لنا طلاسم مقالتكم هذه؟
ونبين:
اولا، نكران جميل امريكا وعض اليد التي مدت لشيعة العراق بانقاذهم ليس من طغيان صدام وحكم البعث والاقلية السنية.. بل من موروث 1400 سنة.. من حكم السنة على رقاب الشيعة بالعراق.. ولولا امريكا لكان الشيعة لحد اليوم يلطمون (اظهر يا مهدي وصفيه وشوف الشيعة شصاير بيه).. وتطوفون حول البيت الاسود (الكعبة) لانقذاكم من حكم الطغيان السني البعثي ودكتاتورية صدام.. ولكن لمجرد ذهب بعض المعارضين للبيت الابيض الامريكي سقط صدام وبعثه.. عام 2003..
ثانيا:
من جاءوا زحفا بعد عمليات تحرير العراق من حكم صدام والبعث.. جاءوا بحثا عن مغارة علي بابا للثراء السريع من الاحزاب الاسلامية الشيعية ومليشياتها الولائية والصدرية.. وشركاءهم من القوى القومية الكوردية وسياسي الفلتة السنة العرب.. الذين برزوا بعد 2003..
ثالثا:
لم يكن بزمن المقبور صدام وحكمه..معارضة وطنية عراقية.. بل معارضة لوجود الدولة العراقية نفسها.. فالمعارضة الاسلامية ا لشيعية تطرح حاكم اجنبي الخميني الايراني بديل عن الحاكم العراقي صدام.. كما دعى الصدر الاول بالذوبان بالخميني .. اي لم يعارضون صدام لدكتاتوريته بل لانهم خونة عقائديين يريدون استبدال الحكم بالعراق بحكم اجنبي ايراني.. وهم لا يخفون ذلك وقالها سيء الصيت هادي عامري ان قال الخميني حرب حرب سلم سلم..اي ضد بلده المفترض العراق.. علما الاسلاميين لا يؤمنون بحدود الدول الوطنية ويعتبرونها مشاريع استعمارية من خرائط الشرق الاوسط القديم ويريدون تمزيقها والحاق العراق بايران.. بالنسبة للاسلاميين الشيعة.. و الحاق العراق بدولة الخلافة العابرة للحدود الاسلاميين السنة الاخوانية.
والقوى الكوردية القومية لم تعارض صدام بل عارضت وجود الدولة ايضا.. بمطالبها بالاستقلال (الانفصال) عن العراق..
وحتى البعث والناصريين اي القوميين اديولوجياتهم تتامر على الدول الوطنية.. ولا تؤمن بالدولة الوطنية و تعتبرها اقليمية ضيقة.. وتامرت لالحاق العراق حينا بسوريا وحينا با لاردن وحينا بمصر تحت بدعة الجمهورية العربية المتحدة المصرية.. بزمن المقبور جمال عبد الناصر المصري..
وسؤالي للكاتب..
تقول ان القوات الامريكية واجهت مقاومة ب الجنوب عام 2003؟ ونحن نعلم باننا كنا نتظر سقوط صدام وخاصة اهل الجنوب.. فعن اي مقاومة بالجنوب؟ وهل تعلم هناك المقاتلين الاجانب من غير العراقيين جلبهم صدام ليقاتلون .. لعلمه بان العراقيين والشيعةخاصة رافضين لحكم صدام وينتظرون اليوم الذي يرونه ساقطا..
واسالك.. هيئة الشهداء .. هل وضعت اسماء هؤلاء مثلا ضمن الشهداء؟ اتحداك..
لان من جلبهم صدام من الاجانب واطلق عليهم المقاتلين العرب.. هم نواة الارهاب الذي حصل بعد 2003..
تحياتي..