اعداد : فرانس برس
محلل: بغداد قلقة من “عدم قدرتها على السيطرة على الأحداث داخل البلاد وعدم قدرتها على منع أي رد فعل من الخارج حال حدوثه
وسط تصعيد إقليمي يتفاقم مع استمرار الحرب في قطاع غزة وامتدادها إلى لبنان، تكافح حكومة بغداد لتجنيب العراق الصراع في حين تدعو فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران إلى الاستعداد لتوسع الحرب.
وأعلنت فصائل عراقية مسلحة معروفة بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” مراراً في الأشهر الأخيرة شنّ هجمات بطائرات مسيّرة على أهداف في إسرائيل “تضامنا مع قطاع غزة”. ودعت مؤخرا إلى تكثيف هذه الهجمات.
في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت إسرائيل مقتل اثنين من جنودها بانفجار مسيّرة في هجوم نُفّذ من العراق. وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في اليوم التالي أن بلاده “تدافع عن نفسها على سبع جبهات” بينها جبهة “الميليشيات الشيعية في العراق”.
مذاك الحين، تصاعد التوتر في الداخل العراقي وكثّفت بغداد التي ترفض الحرب في غزة وفي لبنان، جهودها الدبلوماسية لتجنّب تمدّد الحرب إليها.
ويرى المحلل السياسي العراقي سجاد جياد أن ما يثير قلق بغداد هو “عدم قدرتها على ما يبدو على السيطرة على الأحداث داخل البلاد وعدم قدرتها على منع أي رد فعل من خارج البلاد في حال حدوثه”.
وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الأسبوع الماضي لقناة “الرابعة” التلفزيونية العراقية إن بغداد “تجري اتصالات معلنة وغير معلنة للحفاظ على البلد والشعب” وتمارس “ضغطا داخليا وخارجيا من أجل خفض التصعيد”.
“مضاعفة الجهود”
وشدّد الأعرجي على أن “الحكومة هي من تمتلك حصرا صلاحية إصدار قرار الحرب والسلم، ولا نية لدى العراق للدخول بحرب قد لا تحمد عقباها”.
والحكومة العراقية الحالية محسوبة على “الإطار التنسيقي”، وهو تحالف يتمتع بأغلبية برلمانية ومؤلف من أحزاب شيعية موالية لإيران وممثلين عن قوات الحشد الشعبي. إلا أن رئيسها محمد شياع السوداني يحافظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة.
وقال مصدر مقرب من الفصائل الموالية لإيران لفرانس برس إن مسؤولين في الإطار التنسيقي اجتمعوا مؤخرا “بعدد من قيادات الفصائل وأكّدوا لهم أن الهجمات على إسرائيل تعرّض البلد لخطر ضربات جوية نحن في غنى عنها”.
إلا أن ممثلي الفصائل دعوا خلال الاجتماع الحكومة إلى عدم التدخل، مؤكدين أنهم يتحملون مسؤولية التداعيات بأنفسهم، وفقا للمصدر نفسه.
ودعا الأمين العام لكتائب حزب الله أبو حسين الحميداوي الاثنين “المقاومة الإسلامية إلى أن تستعد لاحتمال توسع هذه الحرب، وأن تستمر بتوجيه الضربات المركزة إلى قلب كيان الاحتلال”.
ويحاول العراق اتباع سياسة خارجية متوازنة تقوم على الحفاظ على علاقات متينة مع طهران إلى جانب واشنطن حليفة إسرائيل، وكذلك على تحسين علاقاته مع دول الخليج.
وأكّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عشية الذكرى الأولى لاندلاع الحرب في قطاع غزة، أن بغداد عملت “بجهد كبير لتجنيب العراق آثار التصعيد”، مطالبا بـ”مضاعفة الجهود” من أجل “إنقاذ المنطقة من شرور حرب لا تُبقي ولا تذر”.
ويرى جياد أن محاولة بغداد “الانخراط في حوار لمحاولة التهدئة” أمر صعب جدا”، إذ “لا يوجد طرف يمكن أن تتحاور معه” خصوصا أن “الولايات المتحدة واقفة بحزم إلى جانب إسرائيل”.
ويرى الباحث في معهد “سنتشوري إنترناشونال” ومقره نيويورك أن بغداد “ستضطر إلى دعم ردّ عسكري” عراقي في حال “قرّرت إسرائيل تصعيد ردّها وضرب حقول النفط بالعراق أو منشآت مثلا”. لذلك تحاول “تجنّب بلوغ هذه المرحلة” من خلال التواصل مع الفصائل المسلحة كما مع الأميركيين.
وبالإضافة إلى إسرائيل، استهدفت الفصائل العراقية المسلحة خلال الأشهر الماضية قواعد في العراق وسوريا توجد فيها قوات أميركية. وردّت واشنطن مرارا بتنفيذ ضربات جوية على مواقع للفصائل في البلدَين.
وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار تحالف دولي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.
وتطالب الفصائل العراقية بانسحاب قوات التحالف من العراق. وأعلنت واشنطن وبغداد في 27 أيلول/سبتمبر أن التحالف الدولي سينهي خلال عام مهمته العسكرية في العراق.
يتوقف الخبير العسكري منقذ داغر عند موازين القوى غير المتوازنة بتاتا في المواجهة بين المجموعات الموالية لإيران في العراق من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى اللتين تمتلكان “التفوق الاستخبارتي والتكنولوجي والسيادة الجوية”، وفق قوله.
ويقول لوكالة فرانس برس إن جزءا كبيرا من معركة الفصائل “إعلامي”، “بسبب معرفة الفصائل بحدود قدراتها (…).